IMLebanon

حروب عون واستتباعات جعجع؟!

  

كأنه كتب على اللبنانيين ان يعيشوا ثلاث مرات متناقضة في زمن العماد قائد الجيش والعماد رئيس الحكومة العسكرية والعماد المتقاعد رئيس التيار الوطني رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون، بين 22 أيلول 1988 وبين 25 تشرين الثاني 1989، وها هم يعانون من الزمن الثالث المتناقض، حيث كانت في تلك الاونة حكومتان «حكومة الجنرال» وحكومة الأمر الواقع برئاسة الرئيس الدكتور سليم الحص (…).

المفارقة في المرة الأولى ان الرئيس أمين الجميل قد اخترع في آخر أيام ولايته رئيساً للجمهورية، حكومة عسكرية من المجلس العسكري ضمت في حينه العماد قائد الجيش ميشال عون واللواء محمود طي ابو ضرغم والعميد نبيل قريطم والعقيد لطفي جابر والعقيد (النائب الحالي) ادغار معلوف (…) والعقيد عصام ابو جمرة، على أساس ان تسهل اجراء الانتخابات الرئاسية. لكن العماد عون ركب رأسه ولم يجد سواه شخصية مؤهلة لأن تتسلم القيادة السياسية في البلد، مانعاً تأمين الانتخابات، ووصل به الأمر الى حد اقالة مجلس النواب مانعاً من ذهب الى مؤتمر الطائف من ان يعودوا الى المنطقة الشرقية التي كانت تحت امرته العسكرية باستثناء نائب واحد هو الدكتور بيار دكاش الذي ناله من الأذى المادي والمعنوي لأنه ذهب الى الطائف حيث تم وضع اتفاق «وثيقة الوفاق الوطني».

وقد تكرر تصرف عون اللاشرعي يوم فتح النار على القوات السورية تحت عنوان «تكسير رأس الرئيس حافظ الاسد» قبل ان يستتبع ذلك بحربi على «توحيد البندقية» حيث حصد أكثر من مئتي عسكري ومدني من مقاتلي الجيش والقوات اللبنانية. ثم أعاد الكرة يوم احتل وسط العاصمة بالاتفاق مع حزب الله الذي انسحب ومعه وزراء الجنرال من الحكومة، الى حين كان اتفاق الدوحة. وها هو اليوم يعلنها حرباً لا هوادة فيها لتعذر وصوله الى قصر بعبدا من خلال انتخابه دستورياً، الا في حال تم التفاهم على  مجيئه من دون معركة انتخابية (…).

والخرق بين الحدث الأول والحدث الثاني ما يقارب 12 شهراً (22 أيلول 1988 – 25 تشرين الثاني 1989) أما الحدث الثالث فيراوح بين 2009  – 1910. وها هو الحدث الرابع من تاريخ الجنرال الذي يربك اللبنانيين عموماً والنواب خصوصاً، مع الأخذ في الاعتبار وجود حكومة الرئيس تمام سلام، أي ان الأمور تجري في سياق شبه طبيعي، ليس لأن الجنرال هو مرشح رئاسي، بل لأنه يطرح نفسه مرشحاً توافقياً في زمن ترشح عدوه اللدود «رجل حربه الثانية حرب توحيد البندقية، التي انتهت بحدوث حرب ازاحة عون عن قصر بعبدا بالقوة العسكرية التي قادها اللواء اميل لحود مدعوماً من المعسكر السوري الذي لم يوفر الطيران في قصفه قصر بعبدا ووزارة الدفاع، واضطر لأن يجتاح المنطقة الفاصلة بين الغربية والشرقية صعوداً من منطقة الحدث – بعبدا، ونزولاً من عاليه – الكحالة – بعبدا، حيث وجد عون نفسه بين فكي كماشة الجيش والقوات السورية من مكانين؟؟

اليوم، يبدو أفضل مما عداه من حروب عون السياسية والعسكرية طالما أنه غير قادر على استخدام سلاح لا يملكه بعكس ما لدى حليفه حزب الله من أسلحة حربية سمحت له بخوض حرب على الارض السورية، وليس من يعرف ما اذا كان في وارد استخدامه في الداخل، في حال وصول مرشح لا يؤمن بثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، فكيف سيكون تصرفه في حال بقي مرشح يعارض سلاح المقاومة شكلاً ومضوناً!

هذا ما كتب على اللبنانيين ان يعيشوه في ظل أحد كبار عشاق الرئاسة وهو في الوقت عينه صاحب أكبر كتلة نيابية مسيحية ما يجعله مؤمناً بأنه أقرب الى كرسي الرئاسة من أية كرسي في دارته الخاصة، فيما يبقى كلام آخر عما اذا كان بوسع عون الوصول الى الرئاسة بعدما عرف كيف ينسج تفاهماً سياسياً مع الطائفة الشيعية ممثلة بحزب الله مالك أكبر ترسانة عسكرية في البلد، قياساً على ما هو موجود في يد الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية الأخرى، حيث هناك خشية من ان تتطور الأمور الى حرب – حدث رابعة كرمى لعيون الجنرال الذي يعرف تماماً ان حليفه حزب الله لن يتخلى عنه!

يبقى القول إنه في حال وصل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الى سدة الرئاسة فإن الوضع لن يكون أفضل لمجرد أنه معارض لسلاح حزب الله الذي أعلن صراحة أنه مستعد لمناهضة أي توجه يتقصد وضع اليد على سلاحه، ما يعني أيضاً ان وصول جعجع الى الرئاسة سيحمل بدوره أرقاماً قتالية ليست بحجم أرقام عون لأن رئيس القوات قال ما عليه فعله في بيان ترشحه لرئاسة الجمهورية الأمر الذي قد يؤدي الى حرب من نوع آخر ويعني أيضاً ضرورة أخذه في الاعتبار. وهذا ما يفهمه المقربون من القوات والذين يعرفون جعجع عن قرب؟!