لا خلاف بين حزب الله والتيار الوطني الحر، ولن يفسد التحالف الدولي ضد «داعش» ودّ التفاهم بين الطرفين. لكن الموقف من مشاركة لبنان في اجتماع جدة الخميس الماضي، أبرز تمايزاً في القراءة
«لا نقبل أن يشارك لبنان في تحالف لمحاربة داعش يشكّله من كانوا وراء خلق هذا الوحش وتغذيته، والذين لم يتحرّكوا إلا عندما شعروا بأنه يحاول المس بالمصالح الأميركية والسعودية، فيما لم يحرّكوا ساكناً عندما مُسّت مصالح لبنان وسوريا». هذا هو موقف حزب الله، بحسب مصادر قريبة منه، من التحالف الدولي المزمع إنشاؤه في وجه تنظيم «الدولة الاسلامية».
تؤكّد المصادر أن مشاركة لبنان في لقاء جدة الخميس الماضي للبحث في انشاء تحالف دولي في وجه تنظيم «داعش» «لم تعرض على مجلس الوزراء»، وإنما تمت بالتنسيق بين وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس الحكومة تمّام سلام. ولفتت الى أن الحزب تبلّغ، أثناء اللقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والعماد ميشال عون، عشية اجتماع جدة، بقرار المشاركة، بحجة أن لبنان الذي يتعرّض للارهاب لا يمكن أن يغيب عن أي اجتماع أو شراكة ضد هذا الارهاب.
ترفض المصادر الدخول في نقاش حول مشاركة الوزير باسيل في اللقاء. لكنها تستغرب استعجال لبنان المشاركة في تحالف غير واضح المعالم. واعتبرت أن «واجب الحكومة اللبنانية أن تبحث عن طريقة لمكافحة الارهاب وتطلب مساعدة المجتمع الدولي، لا أن تستعجل الانضمام الى تحالف تثار شكوك كبيرة حول أهداف من يعملون على تشكيله». ولفتت الى أن «موقف حزب الله من الارهاب معروف. وعندما ذهب لمقاتلة الارهاب الذي كان ولا يزال يهدّد لبنان اتهم بأنه ضد الثورة السورية، فيما بات القتال ضد هؤلاء مقبولاً اليوم عندما اقتربوا من المسّ بالمصالح الأميركية والسعودية».
مصادر التيار:شكوك الحزب مبررة وهذه قراءتنا
وأكّدت المصادر أن لا قرار بعد لطرح الأمر في الجلسة المقبلة للحكومة والتصويت على انضمام لبنان الى التحالف، وأن الأمور ستتضح في اليومين المقبلين، علماً أن انضمام لبنان الى التحالف يحتاج الى موافقة مجلس الوزراء الذي يمارس مجتمعاً صلاحيات رئيس الجمهورية. لكنها سألت ما اذا كانت الحكومة تملك أجوبة عما قد تتطلبه المشاركة في التحالف المزمع إنشاؤه، وما الذي سترد به على أي طلب أميركي بالسماح باستخدام الأراضي أو الأجواء اللبنانية في أي قصف لمواقع «داعش» في سوريا، وماذا اذا تطوّر الأمر الى قصف لمواقع للجيش السوري في سياق تقوية ما يسمى بـ «المعارضة السورية المعتدلة»، كما نصّت قرارات لقاء جدة؟
هذه التساؤلات مشروعة ومبررة، بحسب مصادر قريبة من الرابية تؤكّد انه «لا يمكن حزب الله الا أن ينظر بعين الريبة الى تحالف راعيته وأركانه الأساسيون غطّوا سابقاً حروباً ضد الحزب ومقاومته». ويزيد من هذه الريبة أن موقف بعض أطراف التحالف، كتركيا مثلاً، لا يبدو بعد بالجدية الكافية لجهة كيفية وقف تدفق المقاتلين والتمويل للجماعات الارهابية، وبالتالي فإن «شكوك الحزب وتساؤلاته في محلها». لكن المصادر تشير الى أن «لبنان اليوم في قلب المعركة فعلياً، وهو مهدّد بالتسلل الارهابي الى أرضه. ولا يمكن له، بتركيبته الطوائفية، أن يؤسس لمواجهة الداعشية إلا بغطاء من المكوّن السني الذي تؤمنه المملكة العربية السعودية». ومن دون الخوض في التفاصيل، تشير المصادر الى أن واشنطن «مطلعة على حساسية الموقف اللبناني»، وأن الوزير باسيل «لا شك يعرف ما الذي يفعله في هذا الشأن».
وتلفت المصادر الى أن أي استهداف للجيش السوري، سواء من لبنان أو غيره، سيعني «مزيداً من انتشار الداعشية، ولا مصلحة للولايات المتحدة وحلفائها الاوروبيين بوصول الدواعش الى شطوط المتوسط». وتوضح: «في المرحلة الماضية، كانت الظروف الدولية وعلى صعيد الرأي العام مهيأة لضرب النظام في سوريا. وإذا كان الموقف الروسي قد حال دون ذلك سابقاً، فإنه اليوم أكثر جهوزية لعدم السماح بحدوث مثل هذا الأمر، فيما الوضع الدولي اليوم أفضل والرأي العام الدولي أقل تقبّلاً لمثل هذا الأمر. ألم يقل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا في أول زيارة له لدمشق إن الأولوية اليوم لمكافحة الارهاب؟».
14 آذار تعوّل على عودة برّي: اتصالات أوروبية لحلحلة ملـف الرئاس
على الرغم من الغرق في ملفات المنطقة، وتحديداً سوريا والعراق والحرب الأميركية الجديدة على الإرهاب، عاد الحديث عن الملف الرئاسي إلى الواجهة، على لسان مسؤولين إقليميين ودوليين. فيما أشارت مصادر في 14 آذار إلى اتصالات أوروبية لحلحلة الملف
فيما ينهمك اللبنانيون في مواكبة مسار التحالف الذي تعمل الولايات المتحدة على إنشائه لضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، عاد ملفّا الرئاسة والاستحقاق النيابي إلى الواجهة، مع بروز معطيات عن إعادة تحريكهما على الصعيدين الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، برز اللقاء الذي جمع مبعوث الأمم المتحدة الى لبنان ديريك بلامبلي، خلال زيارته طهران، مع مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، ومساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان. إذ أكّد ولايتي وبلامبلي «ضرورة حل الأزمة الرئاسية في لبنان نظراً الى خطورة الوضع الحالي، وأملاً بحل هذه الأزمة في أسرع وقت من دون أي تأخير».
وأعربت مصادر في فريق الرابع عشر من آذار عن أملها بتفعيل الاتصالات بعدما عاد رئيس مجلس النواب نبيه برّي من إجازته إلى بيروت. ورأت مصادر هذا الفريق أن «هذه العودة ستُعيد إلى الملفين الرئاسي والنيابي زخمهما». وتأمل المصادر أن «يستأنف الرئيس برّي الاتصالات السياسية التي انقطعت بعد سفره»، مشيرة إلى أن «هذه الاتصالات ستتزامن مع حراك سيبدأه فريق الرابع عشر من آذار، الذي قرر تشكيل وفد نيابي يترأسّه النائب فؤاد السنيورة، للبدء في مشاورات حول المبادرة التي أطلقها من مجلس النواب». ويتوقّع أن «يكون اللقاء الأول مع الرئيس برّي في عين التينة مع بداية الأسبوع». وعلى عكس كل التحليلات، فصلت المصادر بين الاستحقاق الرئاسي والنيابي، مشيرة إلى أن «إجراء الانتخابات النيابية في موعدها أمر مستبعد، فيما الاستحقاق الرئاسي بدأ يتحرّك على وقع اتصالات أوروبية بدأت منذ أيام لاستطلاع ما إذا كان هناك إمكانية لحلحلة الملف».
من جهتها، رأت مصادر في فريق الثامن من آذار أن «أفق الملف الرئاسي مسدود، ومرشّح للتمديد، ما دام هناك فريق في لبنان غير مستعجل لبته، إلا بعد أن يتبيّن له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من أحداث المنطقة المهدّدة بالاشتعال في أي لحظة». واعتبرت أن «المرحلة الحسّاسة التي يمُر بها لبنان أمنياً، يصعب معها الوصول إلى تسوية في ملف الانتخابات الرئاسية. وحتى الآن، لا مجال أمام أي فريق للتراجع عن مرشّحه، وإمكانية الوصول إلى مرشّح توافقي، كما دعا فريق 14 آذار في مبادرته الآخيرة غير القابلة للتطبيق». لكن هذه المصادر اعتبرت أن «التغيير الذي حصل في الملف العراقي، لا بدّ أن تظهر تداعياته لبنانياً في القريب العاجل»، انطلاقاً من معادلة «إذا أردت أن تعلم ماذا سيحصل في لبنان، عليك أن تفهم تغيرات المنطقة». ورأت المصادر أن «كل مرشّح تسوية في المنطقة حتى الآن، هو من حصّة المملكة العربية السعودية، لذا لا يُمكن أن يكون مرشّح التسوية الرئاسية في لبنان من حصّتها أيضاً»، وبناءً عليه، «لماذا لا يكون العماد عون مرشحاً توافقياً؟».
وفي وقت أقرّت فيه الحكومة تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات، ومع أن عدداً من النواب والمرشحين تقدّموا بترشيحاتهم، لا يزال الاتجاه الغالب هو التمديد للمجلس الحالي. وفي هذا الصدّد، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق من قطر أن «الوزارة غير مستعدة لإجراء الانتخابات في هذه الظروف».
وفي إطار آخر، أوضح وزير التربية الياس بوصعب «الالتباس الذي حصل في الإعلام حول هيئة الإشراف على الانتخابات». وقال: «للتصحيح فقط، هذه الهيئة تأخرت 25 يوماً، وبالتالي إذا لم تكلف منذ يومين لم وكان يجب أن تتألف في 8 آب 2014، وبالتالي ما يقال عن أن وزراء تكتل التغيير والإصلاح أوقفوا أو عرقلوا لأنهم مصرون على اسم أو طلبوا تبديل اسم، غير دقيق. نحن طرحنا الأسماء في انتظار الجواب. هذا أمر طبيعي في الحكومة، وهو خاضع للنقاش مع الوزراء ومع دولة رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام، وبالتالي نحن نصحح النقطة، كي لا يعتقد الناس أن البعض يريد انتخابات نيابية، والبعض الآخر لا يريد».