IMLebanon

حزب الله لن يتفرج امام عجز الحكومة في ازمة عرسال

هل بدأ الغرب ينظر الى «حزب الله» الذي شكل على مدى الحقبات الماضية، عدوا لدودا ومقلقا، على انه المخلص للاوروبيين .. حتى داخل بلادهم؟ وهل سيكون هو من يحمي الوجود المسيحي في لبنان؟ من خطر الاستهداف «الداعشي»، الذي استهدف بصورة مباشرة مسيحيي العراق وسوريا؟

سؤال .. في رأي اوساط مقربة من قوى الثامن من آذار، بات مطروحا بقوة، في اوساط المتابعين لمسار التطورات الدرامتيكية الحاصلة على مستوى المنطقة، والاجابة عنه، تحمل بالتأكيد جملة من المعطيات التي ترسم خارطة المخاطر التي يطالها خطر المنظمات الارهابية التي اجتازت كل الحطوط الممنوعة.

في المقابل، تضيف الاوساط ، يبدو ان مسافات ساشعة باتت تفصل بين قوى الرابع عشر من آذار والقراءة الواقعية للمستجدات السياسية والامنية التي تغزو المنطقة، بحيث يظن الفريق الاذاري انه هو من يُمسك بزمام المبادرة، ويرسم لوحة الصراعات ويتحكم بمواعيد بدئها وانتهائها ويحدد نتائجها، طالما يواصل حربه على «حزب الله»، فيما انظار العالم تتجه نحو الحشد الدولي الذي يجري الاعداد له، لاسقاط ولايات «الدولة الاسلامية» التي اعلنها «داعش».

فان الانقسام السياسي الحاد الذي تعيشه القوى والاطراف السياسية التي لا تجتمع الا في حكومة واحدة تقول الاوساط، تنال رضى طرفي الصراع، الثامن من آذار والرابع من عشر من آذار، وهو رضى غير منطقي، في ظل حالة عدم التوازن التي تعيشها الطبقة السياسية التي اثبت الاختبار «الداعشي» في عرسال انها عاجزة عن القيام بادنى الخطوات التي من شأنها ان تُثبت لبنان كدولة، وان بحسابات تحاصصية بين الطوائف والمذاهب، هذا الانقسام ما زال يأسر قوى 14 آّذار التي تتعامى عن المخاطر الحقيقية التي خلفتها «ولاية عرسال»، والمشهد ما زال ماثلا للعيان، لـ «الجولات الجرارة» التي قام بها نواب لدحض «مزاعم» وزير الدفاع السابق فايز غصن وتصريحات النائب سليمان فرنجية، ومعهما التقارير الامنية الرسمية التي تحدثت عن دخول الخلايا الاولى لمنظمات مصنفة ارهابية الى عرسال.

وتضيف الاوساط .. لم تحلم «امارات داعش» بان تنعم بما نعمت به في لبنان، فالاوراق الدسمة التي باتت تُمسكها، تجعلها هي المبادر في التصويب على لبنان، البلد الذي ما زال المسيحيون فيه يشكلون اساس قيامه، وسط محيط عربي واسلامي يعاني فيه المسيحيون استهدافا لم يسبق لهم ان شهدوا مثيلا له عبر التاريخ، لقد استهدف «الاسلاميون الجدد» الذين يمثلهم «داعش»، المسيحيين في سوريا، من خلال اقتلاع وجودهم في معظم المحافظات، وتركز استهدافهم في «معاقلهم» الدينية في حمص وحلب والرقة، وفي معلولا في منطقة ريف دمشق، ثم انتقل الاستهداف الى العراق من خلال ضربهم وضرب الايزيديين والشيعة التركمان في الموصل ونينوى في العراق.في لبنان، لافتة الى ان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي كان السباق في استشعار المخاطر التي تتهدد المسيحيين.. ما لن يستوعبه فريق الرابع عشر من آذار، تضيف الاوساط، التحولات الكبرى الجارية على خارطة التحالفات ورسم المحاور والاولويات في سياسات الدول المؤثرة في منطقة الشرق الاوسط، فمعظم صانعي القرار الاوروبي باتوا على قناعة تامة ان مخاطر «داعش» تتخطى الحدود الجغرافية المحصورة ما بين سوريا والعراق، سيما ان التقارير الاستخباراتية الاوروبية تتحدث عن تعاظم هذه المخاطر عليها.

تسأل الاوساط.. عمّا ستكون عليه صورة لبنان، فيما لو لم يتدخل «حزب الله» في سوريا، لمنع سيطرة التنظيمات الارهابية على منطقة القلمون السورية؟ والوصول الى تخوم البلدات اللبنانية في البقاع الشمالي؟ دائما سيكون هناك ملف يُلوَّح به امام «حزب الله»، ولو لم يكن هناك دخول لمقاتلين من «حزب الله» الى سوريا، لكان اخصامه اكتفوا بمطالبته بتسليم سلاحه، وحتى ولو «خضع» الحزب وسلاحه والتسليم بـ «استراتيجية دفاعية»، وهي استراتيجية لن ترى النور في ظل التعقيدات السائدة، لكانت حضرت المطالبة بان يكون «حزبا لبنانيا» وان يفك ارتباطه مع الحلف الذي يجمعه مع سوريا وايران.

وتخلص الاوساط الى ان نظرة مستقبلية للاميركيين والاوروبيين للدور الذي يؤديه «حزب الله» على مستوى المنطقة، ستجعلهم يدركون انها هي التي كفلت عدم اقامة «امارات داعشية» على الاراضي اللبنانية حتى الان، وتقول .. قبل «الزمن الداعشي»، لم تكن الاولوية عند الاميركيين والاوروبيين اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد كيفما كان، واليوم، باتت الاولوية الاستثنائية التي لا تتقدم عليها اولوية اخرى، مواجهة داعش واسقاط «ولاياته واماراته» المنتشرة بين سوريا والعراق.. وربما سنجد غدا من الاميركيين والاوروبيين المنشغلين في ورشة لحشد معسكر من الدول في العالم لمواجهة داعش ، من يعتبر ان «حزب الله» قد سبقهم مئات السنين الضوئية، في قراءة المخاطر التي تتهدد المنطقة، فمواجهة داعش بات يُنظر اليها اليوم على انها حماية للاميركييين والاوروبيين في بلادهم.. فهل سيُنظر الى «حزب الله» على انه المخلّص .. والحامي للكنيسة ورعاياها والحافظ للوجود المسيحي الذي تتعاظم المخاطر حوله؟

ما تؤكده الاوساط.. ان «حزب الله»، وامام العجز الرسمي في المواجهة، لن يكون امامه الا مواجهة هذه المخاطر، انطلاقا من رؤيته بان الاولوية هي لمواجهة هذه المخاطر، وهو ذهب الى الداخل السوري لقتال المنظمات الارهابية والتكفيرية، التي تعتبر اقل خطورة واجراما من «داعش»، ولم يسأل عن «المزاج اللبناني» من هذه الخطوة، فكيف سيكون موقفه؟ هل يُنتظر منه ان يقف متفرجا على المخاطر التي تحيط به؟ ان الحزب بات جاهزا للتدخل لمواجهة اي خطر في اي منطقة، حين تعجز الدولة مجددا عن المواجهة، والمواجهة هنا لا تعني الدفاع عن مناطق نفوذه.. كل المناطق ستكون بمنظاره متساوية، لرد المخاطر عنها وحمايتها من «ولايات داعش» الدموية، وفي هذه الحالة، لا وقت للنقاش او انتظار خطط المواجهة التي قد تُعدها الحكومة، وخطة عرسال واختطاف العسكريين اللبنانيين.. هي تجربة غير مرغوب بها.