IMLebanon

«حزب الله».. ما أوّله «شرط» آخره «فراغ»

 

 

حينما يطرح «حزب الله« على لسان كتلة «الوفاء للمقاومة« شروطاً أو أسئلة على الرئيس العتيد للجمهورية يكون الحزب بذلك ينسف الدستور ويفرض شروط السلاح ويرفض الدولة. إن شروط «حزب الله« تتجسّد في التهديد بالإنقلابات كما في 7 أيار 2008 وهي استكمال لفوضى الدويلة من المرفأ الى الحدود والكابتاغون والدواء الفاسد وصولا الى اقتحام الأرض السورية.. فكيف للفوضى أن تكون مشروطة أو مقوننة؟

تلك الفوضى المستمدّة من تفلّت السلاح غير الشرعي يتبنّاها «حزب الله« في كل سياساته وآخرها في الترشّح لرئاسة الجمهورية. فالحزب لم يدعم أي مرشّح، وهو بطبيعة الحال غير موافق على ترشّح رئيس حزب «القوات اللبنانية« الدكتور سمير جعجع تماما كما لم يتّخذ موقفا من ترشيح النائب هنري حلو، وإن كان لم يسمّ أي مرشّح من داخل قوى 8 آذار فلأنه يسعى الى أن تطال الفوضى موقع الرئاسة الأولى ليصبح الكرسي شاغرا.

بالنسبة الى «حزب الله« الذي قطع كل خيوط التواصل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، كان من «البديهي» أن يوجّه الأسئلة الى «المرشّحين« لرئاسة الجمهورية بالجُملة، وإن لم يُسمِّ أسماءهم أو اسم واحد منهم، يبقى المقصود من كل هذه الشروط رئيس «القوات« جعجع، وقد أبرزت مواقف أعضاء كتلة «الوفاء للمقاومة« ذلك. بداية، واضح أن «حزب الله«، بشروطه التي تشبه التهديد، ينتقد برنامج جعجع الذي شدّد فيه على حصر السلاح بالدولة، ولا يجرؤ الحزب حتى في هذه الحال على اختبار جعجع رئيسا لأن الأخير ذاهب في مواجهته بدعم من كل قوى 14 آذار حتى النهاية.

والمفارقة أن الأسئلة التي وجهها منذ يومين عضو الكتلة النائب نواف الموسوي تدور كلها في إطار المقاومة وسلاحها والبيئة الحاضنة لتحريضها، وتبرز تحدّي الحزب لجعجع في بناء الدولة. فالسؤال عن «القدرة على بناء الدولة العادلة القوية..»يفضح «حزب الله« ومقاومته كونها لم تتمكّن من أن تكون دعامة ولو بسيطة في أساس بناء الدولة الصالحة، وفي هذا السؤال اعتراف غير صريح بأن المقاومة لم تغذِّ سوى دويلة الفوضى على حساب الدولة.

طبعا إن برنامج مرشّح قوى 14 آذار لم يَرُق للحزب، وطالما أن بعض الأحزاب في قوى 8 آذار تميل الى مقاطعة جلسة الأربعاء لإنتخاب رئيس، فإن «الحرب« الإعلامية قد فُتِحت على جعجع لما تُمثّله قوى 14 آذار من وحدة الموقف وتكاتف الصفّ الواحد. وكما في كل مرة، وعند كل استحقاق مفصلي، حين «يدبّ الهمّ« في نفوس «المقاومين« يبدأون باستحضار «الخطر الصهيوني وإنجازات المقاومة«، كما يقول الوزير محمد فنيش، كأنما المقاومة كانت حجر الأساس في استقلال لبنان في العام 1943 أو ركنا في دحر جيش الإحتلال السوري عن زحلة في العام 1981.

يعجز «حزب الله« عن تخطّي اسم سمير جعجع للولوج في برنامجه الرئاسي الذي يحمي الطائفة الشيعية من خسارتها شريحة واسعة من جيل الشباب في حرب لا طائل منها على الأراضي السورية دفاعا عن نظام فاسد سيزول عاجلا أم آجلا. ويصف فنيش جعجع بـ «الذي ليس في تاريخه ما يشجّع على اختياره«، فهل يُعقل أن تتوافق قوى 14 آذار أي الأغلبية في لبنان حول اسمه وبرنامجه وليس في تاريخه ما يشجّع على اختياره؟!

لا علاقة للتاريخ بموقف «حزب الله« من مرشّح قوى 14 آذار لأسباب عديدة وإثباتا لذلك فإن السبب الأكثر حداثة هو رفض «حزب الله« التواصل مع رئيس الجمهورية الحالي، وهل تاريخ ميشال سليمان، حين كان قائدا للجيش اللبناني منتصرا في حرب «نهر البارد« على الإرهاب، وحاضره في الدفاع عن اللبنانيين الحدوديين وشباب الطائفة الشيعية لا يشجّع على دعمه؟

وفي الإطار عينه، يطالب زميل فنيش النائب علي فيّاض برئيس «صديق للمقاومة، وفاقيا، يلتزم بمضمون البيان الوزاري«. كل اللبنانيين يريدون رئيسا وفاقيا وملتزما بالبيان الوزاري، لكن ليسوا كلّهم مؤيّدين لرئيس صديق للمقاومة، فمن سابع المستحيلات أن يعيدوا تجربة الرئاسة التي كانت سائدة في ظل الوصاية السورية واستمرت الى ما بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. أما في ما يخصّ البيان الوزاري للحكومة الحالية التي يتحدّث عنها فيّاض، فهو ليس أبديا، لأن الحكومة تُعتبر مستقيلة عند بداية ولاية رئيس الجمهورية بحسب ما تنصّ عليه المادة 69 من الدستور. هذا أكثر ما يثير خوف «حزب الله« لأنه قد يضطر بعدها الى استخدام أساليب «اليوم المجيد« للإنقلاب على الحكومة تماما كما في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري.

في عهد لم تكن مقاومة «حزب الله« قد وُلدَت بعد، بنى الرئيسان بشارة الخوري ورياض الصلح استقلال لبنان، وسُجِنوا لمواجهتهما واقع الإنتداب وفرض الرؤساء وتعليب القرارات وإصدار الأوامر، ذهبا في المواجهة حتى الإستقلال وهكذا تماما هي حال قوى 14 آذار بعدما بَنَت الإستقلال الثاني للبنان.