القوات اللبنانية” الطرف الأكثر استفادة من الخلاف
«حزب الله» والراعي لتجاوز زيارة الأراضي المحتلة.. والمحرّضين
تشكل الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها البطريرك الماروني بشارة الراعي الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ثم المواقف التي اتخذها هناك، وخاصة تلك التي تعلقت بـ«العملاء» والتي حملت تبرئة فعلية لهم، التحدي الأساس على صعيد علاقة اتسمت في الماضي القريب بالإيجابية والتناغم بين الراعي و«حزب الله».
في السنوات الثلاث الماضية، منذ أن تولى الراعي سدة البطريركة خلفاً لسلفه نصر الله صفير، كان من اللافت للنظر الوئام الذي ساد العلاقة مع «حزب الله»، وشبه التفاهم حول معظم العناوين السياسية العريضة في البلاد. جاء ذلك عبر ثورة بيضاء أحدثها الراعي على المسار الذي اتخذه صفير لنفسه عندما شكل عنصرا أساسيا في دعم قوى «14 آذار»، لا بل انه كان في قلب تلك الحركة، في خصومة واضحة مع الطرف المسيحي الأبرز، «التيار الوطني الحر»، على خلفية قضايا كبرى شكلت العلاقة مع المقاومة أحد عناوينها.
منذ أن قام الراعي بزيارته الى الاراضي المحتلة، ومهما كان العنوان الذي اتخذه لها، طرحت أسئلة هامة على صعيد العلاقة مع الحزب: هل ستشكل الزيارة نقطة الفراق مع العنصر الأهم في حركة «8 آذار» مع كل ما يحمله «حزب الله» من رمزية؟ كيف سيرد الحزب على الزيارة؟ ما هو مستقبل العلاقة في أساسها؟
تأتي هذه الأسئلة بعدما شكلت الزيارة تناقضاً مع نهج سياسي كامل وعلاقة وئام مع الحزب منذ نيف وثلاث سنوات، ما دعا البعض الى تسميتها بشهر عسل قائم بين الطرفين. ومن الواضح أن «حزب الله»، الصامت، يدرك أن الكرة اليوم هي في ملعب الراعي، والحزب لا يبدو مهتماً بتصعيد الأمور، بالرغم من الاتهامات له في الفترة الماضية بقيادة حملة غير مباشرة على الراعي.
وتشير أوساط متابعة الى أن ثمة أطرافاً تريد استثمار زيارة الراعي وموقفه تجاه «العملاء» لتعميق فجوة الخلاف وتظهير موقف مواجه للراعي يقوده «حزب الله»، والإيحاء أن الحزب لن يقبل بتمرير الزيارة وهو يريد محاسبة الراعي عبر شن حملة إعلامية وسياسية على البطريرك.
تلفت الأوساط النظر الى أن بعض الأطراف في قوى «14 آذار»، وفي مقدّمهم «القوات اللبنانية»، تبدو مستفيدة من أي تطور للخلاف بين الطرفين، لا بل انها تعوّل عليه وتحاول تسعيره في سبيل المزايدة في شارعها وإحراج العماد ميشال عون وصولاً الى تعريته في شارعه.
والحال أن الشارع المسيحي يبدو منقسماً على نفسه في مقاربته للزيارة، ذلك أن قسماً يشير الى الزيارة بوصفها رعوية، مذكّراً بزيارة الراعي «المشابهة» الى سوريا، ويتهيّب قسم آخر الدخول في سجال مع البطريركية ينعكس سلباً عليه، بينما أوضح البعض موقفه صراحة للراعي وجهاً لوجه.
على أن المتضررين من سياسة الراعي، بحسب المتابعين، أرادوا استثمار معارضة «حزب الله» للزيارة. وقد انتشرت بالفعل أقاويل، في الآونة الأخيرة، حول نية الحزب إصدار موقف حاد من الراعي، كما أشيعت مواقف للأخير تبرز خلافه مع الحزب على عناوين تستثير الشارع المسيحي.. وصولا الى القول برغبة الحزب بمقاطعة بكركي!
من ناحيته، يشير موقف «حزب الله» الصامت، بحسب الأوساط، الى إيجابية يعتمدها في مقاربة الخلاف حول عنوان الزيارة ومواقف الراعي خلالها، بوجه محاولة خلق «معركة وهمية» مع البطريرك.
من الواضح رغبة «حزب الله»، الذي تلقى بدوره انتقادات لصمته من بعض القوى الحليفة، في تجاوز قطوع الزيارة والتصدي لأية محاولة لتقويض العلاقة مع بكركي، في مقابل لجوء البطريركية الى «شبه صمت» مواز، دفعا للإحراج، وفي إقرار بالخطأ الذي وقع فيه الراعي الذي لم يكن يود دفعه الى الذهاب بعيدا في مواقفه التي أطلقها خلال لقائه باللبنانيين في الأراضي المحتلة.
هي «زلة قدم» للراعي، بحسب المتابعين، على أن الطرفين يرغبان في تجاوز السجال وترميم ما حصل. «حزب الله» يحترم مرجعية الراعي وتقديره للمقاومة، والأخير لا يبدو على استعداد للخروج على استراتيجيته الماضية في القضايا الأساسية، وفي صلبها المقاومة