حزب الله وعون يطيحان الجلسة الثانية لانتخاب رئيس لبنان.. وأسهم الفراغ ترتفع
بري يحدد الأربعاء المقبل موعدا جديدا.. وقاسم لا يرى فائدة «ما لم تتغير المعطيات»
فشل البرلمان اللبناني للمرة الثانية في انتخاب رئيس جديد أمس، كما كان متوقعا، بعدما لم يتوفر النصاب القانوني لانعقاد الجلسة الثانية، ليتقدم بذلك الفراغ على ما عداه من احتمالات، في ظل غياب أي مؤشرات لتوافق جدي. وحالت مقاطعة نواب كل من «حزب الله» و«تكتل التغيير والإصلاح» برئاسة النائب ميشال عون دون تأمين نصاب الجلسة المحدد بـ86 نائبا، مع حضور 75 نائبا، غالبيتهم من قوى «14 آذار» ونواب الكتلة التي يترأسها النائب وليد جنبلاط، ما حال دون دخول رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى قاعة المجلس.
وحدد بري موعدا جديدا لجلسة ثالثة الأربعاء المقبل في السابع من مايو (أيار) الحالي، الذي يصادف ذكرى مواجهات مسلحة شهدتها العاصمة بيروت وبعض مناطق جبل لبنان عام 2008، بين عناصر حزب الله وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي، إثر صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير.
وفي حين لا تشير المعطيات المحلية والإقليمية إلى إمكانية التوافق بين الأطراف اللبنانية على رئيس للجمهورية قبل انتهاء المهلة الدستورية، في 25 مايو (أيار) الحالي، وتمسك كل من فريقي «8 و14 آذار» بموقفه، يرى المراقبون أن لبنان مقبل على مرحلة من الفراغ الرئاسي، على غرار ما حصل قبل انتخاب الرئيس الحالي ميشال سليمان عام 2008.
وقدم نائب أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، صورة واضحة وصريحة عن المرحلة المقبلة بقوله أمس إن «الظروف ليست ظروف انتخاب رئيس، ولا فائدة من الجلسات إذا بقيت المعطيات على حالها»، رابطا بين الاتفاق وإنجاز الاستحقاق.
وفيما لا يزال حزب الله مستمرا في هجومه المنتقد لترشح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، من دون أن يعلن وحلفاؤه في فريق «8 آذار»، اسم مرشحه رسميا، يتمسك فريق «14 آذار» لغاية الآن بترشيح جعجع، علما أن النائب ميشال عون، يطرح نفسه، مرشحا توافقيا، ويبذل جهودا على هذا الخط بالانفتاح على أطراف في الفريق الخصم، ولا سيما تيار المستقبل.
وكان رئيس تيار المستقبل ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري التقى أول من أمس وزير الخارجية جبران باسيل في فرنسا، وأعلن تيار المستقبل بعده بساعات قليلة المضي قدما في دعم جعجع كمرشح لفريق «14 آذار»، فيما أكدت المصادر أن الحريري لن يدعم ترشيح عون، مشيرة في الوقت عينه إلى أن الطرفين اتفقا على تجنب الفراغ في موقع الرئاسة، وهو الأمر الذي شدد عليه مرارا البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي نقل عنه أخيرا بأنه يفضل رئيسا لا ينتمي إلى أي من الفريقين.
وفي هذا السياق، اجتمع أمس، وزير التربية والتعليم العالي، إلياس بو صعب، موفدا من عون، مع الرئيس بري، واضعا إياه في أجواء التيار الوطني الحر وفق ما أعلن بو صعب بعد اللقاء، مشيرا إلى أنهما اتفقا على متابعة التواصل في الأيام المقبلة لاستكمال التنسيق بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية. ولفت إلى أن كل الاحتمالات واردة من الآن لغاية انتهاء المهلة الدستورية.
وفي الجلسة الأولى، التي تأمن نصابها بحضور ثلثي نواب المجلس، أي 86 نائبا، نال جعجع 48 صوتا من قبل فريق «14 آذار»، فيما اقترعت قوى «8 آذار» بورقة بيضاء، وحصل النائب هنري حلو المرشح من قبل جنبلاط على 16 صوتا، علما أنه وفي حين يفترض بالمرشح نيل ثلثي أصوات أعضاء البرلمان الـ128 لينتخب من الدورة الأولى، يتطلب انتخابه في الدورة الثانية غالبية النصف زائد واحد من أصوات النواب.
وبعد انتهاء جلسة أمس، وصف جعجع، في مؤتمر صحافي، مقاطعة «8 آذار» بأنها «(7 أيار) جديد؛ ولكن بشكل آخر»، لافتا إلى «أننا أمام خطة واضحة المعالم تقتضي إما القبول بمرشح الفريق الآخر وإما الذهاب إلى الفراغ»، في إشارة إلى عون. وقال إن «عون لديه تصور معين للبنان سبق أن ترجمه في السنوات التسع الأخيرة، فكيف نسير به رئيسا توافقيا للجمهورية؟ فاستعمال بعض الكلمات لا يعني أن من يدعي أنه توافقي هو توافقي فعلا».
في المقابل، رأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن التئام الجلسة الأولى للمجلس النيابي كان كافيا لإعطاء صورة واضحة بغياب توفر المقومات الكافية لانتخاب رئيس للجمهورية. وقال خلال احتفال أقامته الهيئات النسائية في حزب الله أمس: «كان واضحا أن الجلسة الأولى مسرحية، بينت أن الظروف ليست ظروف انتخاب رئيس، وهذا يعني ألا فائدة من الجلسة الثانية أو الثالثة أو الرابعة إذا بقيت المعطيات على ما هي عليه، لذا نحن فضلنا ألا تنعقد الجلسة بغياب إكمال النصاب كي لا يدبر أمر معين في الخفاء، ونفاجأ بأمور لا تنسجم مع كيفية العمل لإنتاج رئيس جمهورية للبلد».