IMLebanon

«حزب الله» يتلطى بـ«معزوفة».. حماية لبنان

 

لا شكّ أن التفجيرات والمداهمات والاعتقالات تترك أثرها على التصريحات والإدّعاءات والاستنتاجات وتهديدات «حزب الله» المباشرة للجماعات الإرهابية تماما قبل يوم واحد من تفجير الطيّونة. تخفتُ التهديدات ثم تعود لتصدَح بعدما يتأكّد للحزب أن بيئته الحاضنة نجت من تفجير إرهابي انتحاري ردّا على حربه طبعا. وبين التهديد والآخر أيام يستغلّها «حزب الله» للملمة صفوفه، وإعادة جمع شمل البيئة الحاضنة الخاصة به، يتنفّس الصعداء وتعود لغة الاستعلاء والتحريض ومصطلحات تقليد الجميل للشعب اللبناني.

إن أحدا من الشعب اللبناني لم يكلّف «حزب الله» مهمّة الذهاب الى سوريا، فحماية الشعب تتم من الداخل وليس من الخارج، بواسطة الجيش اللبناني وليس عن طريق ميليشيا مسلّحة تدافع عن النظام السوري وتحاول الإستخفاف بعقول اللبنانيين لتقنعهم بأنها تدافع عنهم.. لبنان على «كفّ عفريت» السلاح والإرهاب معا، والحال هذه، لا شيء يُنبئ بالأمان والسلام وليس هناك من حيلة للشعب سوى الإعتماد على مؤسسات الدولة، على أمل أن يكون قسم منه ومن سياسييه قد توصّل الى خلاصات الأزمة الجهنّمية التي أوصله إليها منتحلو صفة «المخلّصين».

ما يجري في لبنان اليوم هو حرب إقليمية على أرضه ومحاولة الإلغاء والإخضاع الطائفية تحت ستار مواجهة التكفير. صحيح أن اللبنانيين لا يحملون سلاحا، إلا ان جزءا منهم يهدد بالسلاح يوميا وينشر حواجزه في مناطق يسيطر عليها بحكم الأمر الواقع ويطلق النار حتى على عناصر الأجهزة الرسمية من دون رادع. منذ العام 2005، لا بل منذ السبعينيات ودماء اللبنانيين تسيل على أرض الوطن، اغتيالات، تفجيرات، استهداف بالرصاص.. المهم أن هناك قوى معروفة قدّمت شبابها على درب الشهادة من سياسيين ورؤساء ووزراء ونواب وصحافيين الى لبنانيين كانوا ضحية السلاح التكفيري المنتشر من دون حسيب أو رقيب. أليس ما يعيشه اللبنانيون اليوم حرباً دموية؟

بالنسبة الى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي إن هذه الإفتراضات غير صحيحة، والصحيح هو ما يعتقد «حزب الله» بأنه كذلك، وما هو قادر على إقناع بيئته الحاضنة به، وما يسعى جاهدا الى زرعه في عقول اللبنانيين. الصحيح هو أن لا شيء من الفكر الذي يريد «حزب الله» ان يبثّه صحيحا، لأن تصريحاته لا تتعدّى اللعب على غرائز مؤيّديه ومن يستفيدون من أمواله مقابل التبرّع بأبنائهم لنصرة بشار الأسد. هذه المسرحية لم تستجلب سوى الويلات للبنانيين، لم تنقذهم من حرب ولا خفّفت عنهم وزر الحرب السورية ولا حمتهم من نيرانها..

ويدعو الموسوي الى أن «يتخلّى البعض عن مكابرته وليعترف أن مهمة «حزب الله» في مواجهة التكفيريين حمت لبنان من انقلاب دموي». كلام الموسوي يُكسب حزبه موقعا متصدّرا، ليس لجهل «حزب الله» حقيقة وضعه وواقعه اليوم، فهو جلب الدبّ «الانتحاري» الى كرم «الواجب الجهادي» اللبناني، منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه جهاده للدفاع عن المقدّسات، فيما الواقع يؤكّد أن الحزب بلغ مرحلة بات يصعب عليه معها السيطرة على الحرب والتحكّم بمفاصلها ولهذا فإن تسويقه لاحتمالات حسمها مجرّد كلام للتخفيف من وطأة الخسارة على من خسروا أبناءهم وتشجيع عائلات أخرى على أن تخطو خطوات مماثلة.

والتكفيريون الذين يتناولهم الموسوي في حديثه، ما كانوا ليطأوا أرض لبنان لولا الجهاديين الذين لم يتركوا سوى أثر الدمار والقتل والخراب والتهجير في سوريا. جهاد في سوريا يساوي تكفيرا في لبنان.. فمن المُلام؟ التكفير في هذه الحال ليس مبرّرا طبعا، فالجهاد الذي اعتمده «حزب الله» في 7 أيار 2008 في بيروت وفي مواجهة هاشم السلمان في 9 حزيران من العام الماضي، لم يكن الهدف منه الحفاظ على المقدّسات، بل إخضاع كل من لا يتماشى مع «موضة» الميليشيا والسلاح غير الشرعي و«خربان بيوت» اللبنانيين.. عند الحديث عن الدفاع عن بشّار الأسد ومصالح إيران في لبنان وسوريا، لا حاجة الى مقارنة الوفاء العابر للحدود بالحفاظ على المقدّسات.

«في لبنان حرصنا على أن نمتّن وحدتنا الداخلية كما نمتّن وحدتنا الوطنية»، يقول الموسوي.. للوهلة الأولى يخيّل الى اللبناني أنه يتمتّع بذاكرة السمك، ما هي إلا سبع ثوانٍ ويكون الحدث قد اختفى من الذاكرة.. لكن ولسوء حظّ «حزب الله» فإن ذاكرة الشعب اللبناني أقل ما يقال فيها إنها أقوى من ذاكرة الفيل، فالعام 2008 كأنه البارحة، والعام 2013 أيضا، كذلك العام 2005 وكل السنوات والتواريخ التي لا تحمل سوى الموت والذكريات الأليمة. للوحدة الداخلية والوحدة الوطنية معانٍ يفتقدها اللبنانيون منذ أن باتت التفرقة تعني وحدة البيئة الحاضنة وعزلها عن المكوّن اللبناني الوطني في قاموس «حزب الله». يُقال إن «رشّ الميّ فراق» فكيف به رشّ الرصاص؟