IMLebanon

«حزب الله» يدكّ الاستحقاق.. ويتهم 14 آذار

 

يضيق الخناق على قوى 8 آذار عشية الايام الأخيرة من الاستحقاق الرئاسي. فسباق الاستحقاق يبلغ خواتيمه، وإن كان يعتمد في لبنان على الربع ساعة الأخير، إلا أن قوى الممانعة لم تبذُل مسعى ولو بسيطاً لطرح اسم مرشّح للإنتخابات الرئاسية. وما الحملة التي يقودها الممانعون اليوم سوى تبرير للشغور المحتمل في موقع الرئاسة الأولى، ولإزاحة الثقل عن كاهلهم ورمي الطابة في ملعب 14 آذار.

في لبنان، فريق يريد انتخابات رئاسية وآخر يسعى الى تعطيلها. بمجرّد أن لا يكون لدى أحد الفريقين مرشّح علني فهذا يعني بأن هذا الفريق لا رأي له، أو أن الرأي ليس رأيه والشورى لـ «مجلس الشورى»، وبأنه لن يعود عن خطّة التعطيل قبل أن يعود الى رُشدِه الوطني. 14 آذار قررت ورشّحت واستمرّت في دعم مرشّحها للرئاسة، أما فريق 8 آذار فلم يكلّف نفسه عناء الإختيار، وكأن انتخاب رئيس للبنان هو مضيعة للوقت، لا يقدّم ولا يؤخّر في القرار الداخلي أو ربّما لأنه فعلا مؤثّر فيه.

وفي خضمّ معركة «اللارأي» التي يخوضها فريق 8 آذار، فإن جلّ طموحه أن يقع الإختيار على رئيس على صورة السلاح ومثال الأنظمة الديكتاتورية التي يدعمها، فكيف له أن يعرف أبعاد الرئيس الوطني وهو الذي يظنّ بأن الرئيس التوافقي هو ذاك المنتمي الى فريقه والذي «يآخي« السلاح!

فوق كل هذا، فإن فريق 8 آذار، لم يُعِر اهتماماً الى المرونة التي يقدّمها فريق 14 آذار، فرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع هو المرشّح الذي توافق عليه فريقه، في حين كان يفترض بالفريق الخصم أن يتّفق بدوره على مرشّح من داخله وتكون حينها المعركة ذات نكهة انتخابية تنافسية. أما في ظلّ غياب النية في إجراء الإنتخابات، فإن سلوك فريق 8 آذار يفضحه ووصفِه ما قامت به قوى 14 آذار من «استفزازات ومناورات وترشيحات التحدي»، كما يقول نائب المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، يندرج في إطار التبريرات غير المنطقية ليبرئ فريقه من الإتهامات التي تطاله بالتعطيل ويخرج «مثل الشعرة من العجينة».

وإن كان فريق 14 آذار يقدّم «مرشّح تحدّي» كما يقول قاووق، فإن التحدّي هو من سمات الإنتخابات الديموقراطية وفي صلب اللعبة الإنتخابية، ويكون البقاء للأقوى والأكثر تمثيلاً للشعب اللبناني بعدما يؤدي 128 نائباً واجبهم الدستوري على اكمل وجه. إنها لعبة سياسية، التحدّي يميّزها عن الجمود والإنبطاح والهروب من المواجهة، وهي تشبه الإمتحانات المدرسية أو الجامعية.. فما الذي يمنع فريق 8 آذار من خوض هذا التحدّي لولا أنه متردّد في خياراته، ومرتبك من وصول جعجع في لحظة لم تُحسم فيها اللعبة السياسية الإقليمية في سوريا من جهة وبين إيران وأميركا من جهة أخرى؟

أن يكون الرئيس اللبناني رئيساً «لا يتحدّى» يعني أن يكون كظِلّ رئيس النظام السوري في لبنان. من هنا يُفهم رفض «حزب الله» لترشّح جعجع، ومقاطعة الحزب لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. هذا التفسير يؤكّده عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي في كلامه عن أن «المقاومة منظومة تحرير وعلى أي مرشّح أن يكون على وفاق معها»، والنتيجة أن «حزب الله» لا يريد خوض أي امتحان لأنه سيحسم رسوبه، وهو يفضّل التعطيل، إلا إذا تمّ التوافق على رئيس وفاقي يتوافق مع السلاح ليتفوّق معه على الدولة..

لهذا يبدو فريق 8 آذار «مأخوذاً« بكلمة توافق ووفاق، يستخدمها كلّما أراد إخفاء ما يضمره من انتهاك للمصلحة العامة ويستبدله بصدق نيّاته وترفّع سلاحه، وكلها «خصال» سقطت على مرحلتين: الأولى بعدما اعتبر «اتّفاق بعبدا» حبراً على ورق، والثانية في «اليوم المجيد».

ولا يشفع إلقاء «حزب الله» مسؤولية «الكلام عن الفراغ أو التهويل به على الجميع»، بحسب كلام وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش. فلا يمكن إيجاد نقاط تشابه بين فريق «تمّم» واجباته الوطنية وتحضّر للمعركة الرئاسية بتقديم مرشّح مع برنامج متكامل يتلاءم مع مستوى معيشة يطمح إليها اللبنانيون، وفريق أهمل واجباته الدستورية وتنكّر لحقّ الشعب عليه ويضرب عرض الحائط بكل بنود الدستور.

من هذا المنطلق، إن فريق 14 آذار لا يريد بعد اليوم الخيار الرمادي، فإما الأبيض وإما الأسود، وهذا ما يرفض فريق 8 آذار التسليم به. إن الأوان لم يفت بعد، وخير من أن يختار فريق 8 آذار مرشّحاً متأخراً على ان لا يختار أبداً، كي لا تكون «خطية اللبنانيين برقبة المعطّلين».. وإلا فلمَ يخاف «حزب الله» من المواجهة السياسية و»يشمّر عن زنوده» في كل مواجهة مسلّحة؟