تسود حالة من الهيستيريا أوساط «حزب الله» وجهازه الأمني خلال هذه الفترة، وآخر فصولها إغلاق جميع المداخل المؤدية إلى الضاحية الجنوبية تحت حجّة منع تنفيذ مخططات إرهابية يمكن أن تستهدف عدداً من المؤسسات الحيوية داخل الضاحية»، لدرجة راحت مخيّلات بعضهم تتحدّث عن نفق يبلغ طوله سبعين متراً يصل مخيم صبرا وشاتيلا بمخيم برج البراجنة، وأنّ المخطط كان يمكن أن يُنفّذ عبر هذا النفق.
كانت الساعة تُشير إلى التاسعة من ليل الأحد الفائت عندما أطلق «حزب الله» النفير العام في صفوفه بحثاً عن إرهابيين في صدد القيام بعملية إرهابية سوف تطال احدى أهم مؤسّساته على الإطلاق هي مستشفى «الرسول الأعظم»، الأمر الذي أحدث إرباكاً في صفوف الناس وتحديداً أهالي الضاحية الذين علقوا في زحمات السير لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة، قبل أن يتبيّن عدم صحّة الخبر، وبأنّ التحليلات التي خرج بها بعض كوادر الحزب الأمنيين حول النفق والمتفجّرات التي كانت ستُنقل عبره لم تكن سوى استنتاجات في غير محلها والتي يبدو أنّها وصلت إلى حد «الفوبيا» عند هؤلاء المسؤولين.
في تلك الليلة تحوّلت العلاقة بين «حزب الله» وجمهوره العالق على الطرق إلى ما يُشبه حالة العداء، تخللها تبادل شتائم بين الجهتين لدرجة أنّ المنطقة الممتدة من المطار إلى تقاطع الغبيري شهدت أكثر من عملية تلاسن، تطورت لاحقاً إلى عراك بالأيدي تخلله إطلاق نار في الهواء، حيث كان الناس يُعبّرون عن امتعاضهم من الذي يجري خصوصاً وأنّ هناك اطفالاً كانوا متواجدين مع أهاليهم داخل السيارات إضافة إلى العجّز وعدد من الحالات المرضية، جميعها تسببت بحالات من الاعتراض على الطريقة التي أغلق بها «حزب الله» منافذ الضاحية، الأمر الذي حتّم على الأخير القيام بتحرّك سياسي قام به عدد من مسؤولي المناطق، حيث توجّه هؤلاء إلى مكان زحمة السير ليقفوا «عند خواطر الناس» وتهدئتهم موضحين لهم أنّ «الإجراءات تصبّ في مصلحتهم قبل أي جهة اخرى».
بعض الذين علقوا في زحمة الطرق، وبعضهم من أبناء مخيم برج البراجنة علّق على الموضوع بأنّ قيادة «حزب الله» تعيش في هذه المرحلة «حالة من الضياع وصلت إلى حدود اتهام الجميع بالعمل ضدّ مصالح الحزب»، ومن هنا يتحدّث هؤلاء عن مجموعة تشكيلات وتبديلات كان أجراها الحزب مؤخراً طالت عدداً من المواقع الرفيعة داخل جهازه الأمني من بينها أشخاص مقرّبون جداً من الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم، وقد تم «تطعيم» هذا الجهاز بكوادر وعناصر جديدة شابة من داخل الحزب نفسه إضافة إلى «تطعيمه» بعناصر كانت تعمل ضمن الجسم العسكري قبل أن يتعرّض معظمها لإصابات مختلفة في سوريا حالت من متابعة العمل الميداني هناك ما استدعى نقلها إلى العمل المخابراتي والأمني.
واليوم بدأ سُكّان الضاحية الجنوبية يلاحظون أنّ القرار داخل «حزب الله» أصبح بيد «جماعة الأمن»، الجهة المخوّلة بفك حبل المشنقة عن رقبة أي شخص، بحسب أبناء المنطقة، وهؤلاء أيضاً مخوّلون بحل الإشكالات التي تقع بين السكان أو بين بعض الشباب وعناصر الأجهزة الأمنية العاملة في الضاحية وكثيراً ما يتم حل هذه الإشكالات داخل المراكز الأمنية وليس داخل النقاط التابعة للأجهزة الامنية، وباستطاعة عناصر هذا الجهاز إطلاق سراح أي موقوف عند أي حاجز وهذا ما حصل بالفعل منذ أيام عندما أوقفت القوى الأمنية أحد الشبان وبحوزته مسدس غير مرخص مُدّعياً أنه مرافق احدى الشخصيات في الحزب، فجرى إطلاق سراحه بمجرّد التعريف من قِبَل أحد المسؤولين الأمنيين على أنّه أحد العاملين في جهاز أمن المقاومة.