IMLebanon

«حزب الله» يُلوِّح بفتح الساحة الجنوبية وعون يُصعّد ضد الحريري

ردّان محَليان تصعيديان تصدّرا المشهد السياسي: الردّ الأوّل جاء على لسان الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله الذي كشفَ بيانٌ صادر عن «الحزب» أنّه أكّد «وقوف المقاومة في لبنان إلى جانب المقاومة في غزة واستعدادها للتعاون»، وقد جاء هذا الإعلان بعد حوالى الأسبوعين على الحرب على غزة، ونجاح المقاومة الفلسطينية في تسديد ضربات موجعة ضد الإسرائيليين. ولكنّ هذا الموقف أثار المخاوف اللبنانية والديبلوماسية من فتح جبهة الجنوب وإسقاط القرار 1701 الذي أمّن الحماية للبنان منذ آب 2006. وأكّدت دوائر ديبلوماسية لـ»الجمهورية» أنّها تأخذ كلام نصرالله على محمل الجد، وهي تخشى من توحيد «الحزب» للساحتين اللبنانية والفلسطينية على غرار توحيده الساحتين اللبنانية والسورية. والرد الثاني جاء بالوكالة عن رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» العماد ميشال عون ضد الرئيس سعد الحريري بواسطة «اللقاء المسيحي» الذي يعتبر الأداة التنفيذية الأقرب إلى عون والذي شنَّ هجوماً على رئيس تيار «المستقبل» مرتكزاً في الشكل على خطابه الرمضاني، ولكن من دون أن يستند في المضمون إلى أيّ واقعة فعلية وجدّية باستثناء ردّ الفعل بمفعول رجعيّ على عدم تبنّي الحريري ترشيح عون، كما إيصال رسالة لرئيس «المستقبل» فحواها استعداد التيار العوني العودة إلى اللغة التخوينية التي طبعت العلاقة بين الطرفين على امتداد السنوات السابقة، وقد تجلّى ذلك في تصوير كلام الحريري بأنّه يشكّل انقلاباً على الطائف وهجوماً على المسيحيين في استعادة للوظيفة التي أتقنَها التيار العوني منذ العام 2005 بوضع السُنّة في مواجهة المسيحيين وتحميل «المستقبل» تبعات الإجحاف اللاحق بهم، مع فارق أنّ هذا التصعيد يتزامن مع ما يتعرّض له المسيحيون في الموصل، ويرمي إلى وضع الحريري بمنزلة «داعش» لدفعِه إلى التنازل بقبول عون رئيساً. وفي موازاة ذلك ، بقي الاهتمام منصبّاً على مصير الحوار بين «أمل» و»المستقبل» حول دفع الرواتب، فيما كلّ المعلومات تقاطعَت على أنّ الخلاف ما زال يراوح مكانه.

في اليوم الرابع عشر على العدوان الإسرائيلي، دخل «حزب الله» على خط الأوضاع في غزة، من خلال تأكيد أمينه العام السيّد حسن نصر الله في خلال اتصال هاتفي أجراه أمس الأوّل بكلّ من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل والأمين العام لـ»حركة الجهاد الاسلامي» رمضان عبد الله شلح، وأكّد لهما وقوف الحزب إلى جانب المقاومة الفلسطينية «قلباً وقالباً وإرادةً وأملاً ومصيراً»، واستعداده للتعاون والتكامل «بما يخدم تحقيق أهدافها وإفشال أهداف العدوان».

وفي السياق، تتوجّه الأنظار الى الكلمة التي سيلقيها السيّد نصر الله عصر الجمعة المقبل في مهرجان «يوم القدس العالمي» في مجمع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية.

وقد لوحظ أنّ الحزب دعا إلى مشاركة جماهيرية في المهرجان، وذلك بعد انكفاء نشاطاته العلنية على نحو ملحوظ في الفترة الأخيرة وإلغاء إفطاراته الرمضانية الاحتفالية بسبب الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد.

في هذا الوقت، أعلنَ نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أنّ الحزب «مع الشعب الفلسطيني ومع مقاومته بالدعم والمواجهة وبكلّ ما أمكننا بالطرق والأساليب المناسبة». وحذّر من أنّه لو تأخّر الحزب في الدفاع عن لبنان «لأُقيمَت إمارة دولة داعش فيه».

وفي خطوة لافتة، تضامَن الإعلام اللبناني مع غزة، فتوحّدت الشاشات مساء امس في بثّ نشرةٍ إخبارية خاصة بفلسطين تحت عنوان «فلسطين لستِ وحدكِ».

البرودة السياسية

وفي موازاة الحراك الدولي والتأهّب الإقليمي، حافظَت البرودة السياسية الداخلية على منسوبها، ولم يظهر أيّ أفق لانفراج وشيك على خط الاستحقاق الرئاسي عشية الجلسة الانتخابية التاسعة غداً لانتخاب رئيس جمهورية جديد، في حين ظلّت خريطة الطريق التي طرحَها الرئيس سعد الحريري الجمعة الفائت في الإفطار المركزي لتيار «المستقبل» تحت المجهر، في موازاة استمرار الاتصالات والمشاورات، في محاولةٍ لإيجاد حلّ لتعيينات الجامعة اللبنانية من جهة على مسافة يومين من جلسة مجلس الوزراء، وإيجاد مخرج قانوني لمسألة رواتب موظفي القطاع العام من جهة أخرى.

مبادرة الحريري

وفي أوّل ترجمة عملية لِما أعلنَه الحريري، باشرَ رئيس كتلة نواب «المستقبل» فؤاد السنيورة ومدير مكتب الحريري نادر الحريري جولةً على القيادات اللبنانية، خصوصاً الأقطاب الموارنة في قوى 14 آذار، بدأت بزيارة رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل في بكفيا مساء أمس الأوّل الأحد، وجرى البحث في مستجدّات الوضع والتطورات المحيطة بانتخاب رئيس جمهورية جديد.

وذكرت مصادرُ المجتمعين لـ»الجمهورية» أنّ السنيورة والحريري شدّدا على أهمية توحيد الجهود لإنتخاب رئيس جمهورية، على أن يشكّل انتخابُه مفتاحَ انفراج للأزمات السياسية التي تعانيها البلاد، وبوّابةً طبيعية إلى الإستحقاقات الأخرى.

وأجمعَ المجتمعون على ضرورة الخروج من سلبيات الترشيحات المضادة التي أدّت الى تضييع الإستحقاق الذي كان يمكن إنجازه ضمن المهلة الدستورية لولا أجواء التحدّي والإقصاء التي مارسَها البعض، بالإضافة الى تعطيل نصاب جلسات الإنتخاب. وعُلم أنّ السنيورة سيزور معراب والديمان في الساعات المقبلة، كذلك ستكون له لقاءات مع مختلف أطراف قوى 14 آذار في مرحلة لاحقة.

هجوم على المبادرة

وكانت مبادرة الحريري تعرّضت لهجوم من «اللقاء المسيحي في بيت عنيا»، فأكّد أنّ «لا أحدَ يُملي على المسيحيين دروساً في وثيقة الوفاق الوطني».

ورأى أنّ «موقفَ الحريري من طرحِ انتخابِ رئيسٍ للجمهورية من الشعب يُشكّل انقلاباً على وثيقة الوفاقِ الوطنية ويترك رئاسةَ الجمهورية سِلعةً في يد الخارجِ ويوحي بتهديد المسيحيين»، مناشداً إيّاهُ «عدم التغرّب عن أسُسس وثيقة الوفاق الوطني ولا عن الوطن».

واعتبر أنّ كلام الحريري يُبقي التعطيل قائماً على مستوى الآليات التي تؤمّن رئيسًا للجمهورية.

وسارَع مكتب الحريري الإعلامي الى الردّ، فأسفَ للقراءة المغلوطة لكلمتِه والتي «تعمّدت تحريف مقاصده النبيلة وإغراقه بتحليلات لمحاسبة نوايا غير موجودة أصلاً، والعودة بالحوار السياسي في البلاد الى مجالات جديدة من التعقيد، والتي لا وظيفة لها سوى إبقاء الوضع على ما هو عليه ورفض التقدّم نحو إيجاد المخرج الممكن للشغور المستمر في موقع الرئاسة الأولى».

الراعي

وفي المواقف من الاستحقاق، رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ لبنان بحاجة الى قادة مدنيين وسياسيين مؤمنين مخلصين يحافظون على الكيان اللبناني». وقال: «نريد أوّلاً رئيس جمهورية، إذ من غير الممكن أن تعيش دولة من دون رئيس ولا جسد من دون رأس» ، ولفت الى أنّه «بلغ الشر مستوى إغتيال رئاسة الجمهورية».

وسأل القدّيس شربل «أن يقوم بأعجوبة ومعجزة وأن يمسّ ضمائر المسؤولين السياسيين، ولا سيّما نواب الأمّة الذين بلغ بهم القِصر والعجز عدمَ القيام المشرّف بانتخاب رئيس للجمهورية. فإنْ كان من شرَف للسادة النوّاب، فهو أن ينتخبوا رئيساً للبلاد لا أن يكثروا بذلَ الجهود».

«حزب الله»

في غضون ذلك، كرّر «حزب الله» دعوته إلى التوافق، «لأنّه بالتوافق ينتخب رئيس الجمهورية خلال أربع وعشرين ساعة،» مؤكّداً أنّه «إذا لم يحصل توافق يعني لا رئيس للجمهورية ويعني أنّ هناك مشكلة كبيرة في البلد»!

حكيم وبو صعب

وقبل أيّام على جلسة مجلس الوزراء المقرّرة بعد غد الخميس قالت مصادر مطلعة لـ»الجمهورية» إنّ الحديث عن لقاء مرتقب بين وزير الإقتصاد آلان حكيم ووزير التربية الياس بو صعب قد صُرف النظر عنه قبل أسبوع تقريباً، ولم يعُد وارداً على الإطلاق، بعدما دخل رئيس الحكومة تمام سلام على خط الإتصالات المباشرة لإنهاء الخلاف حول ملف الجامعة اللبنانية والبَتّ بالفصل بين ملف تعيين عمَداء الجامعة المعلق وملف تفريغ الأساتذة الجامعيين المتوافق عليه، وهو أمر ما زال مصدر خلاف بين الطرفين.

أبو فاعور يجدّد وساطته

وعلى خط الحوار بين حركة «أمل» و»المستقبل»، عاد وزير الصحة وائل ابو فاعور الأحد من زيارة خارجية غيَّبته عن لبنان لمدّة 24 ساعة، في زيارةٍ وُصفت بأنّها خاصة.

وهو زار أمس رئيس الحكومة تمام سلام للتداول في المهمة التي كلّفه النائب وليد جنبلاط بها لتقريب وجهات النظر بين الطرفين واستئناف الحوار بينهما في أسرع وقت، سعياً وراء تفاهمٍ على عقد جلسة تشريعية تتناول القضايا المطروحة، خصوصاً ما يتّصل منها بسلسلة الرتب والراتب وصرف رواتب الموظفين وإصدار سندات اليوروبوند لخدمة الدين العام.

وكان سلام التقى أمس وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش الذي دعا القوى السياسية الى عدم تعقيد الأمور، مطالباً بالإسراع في انتخاب رئيس جمهورية جديد وإلى عدم تعطيل عمل مجلسَي النواب والوزراء، وإلى بتّ موضوع سلسلة الرتب والرواتب وقونَنة الإنفاق.

ملفّ الرواتب

في هذا الوقت، راوحَت أزمة رواتب موظفي القطاع العام مكانها، ولم تسفر الاجتماعات المتلاحقة عن بوادر حلحلة حتى الآن. كذلك لا يبدو أنّ تحرّكات هيئة التنسيق النقابية باتّجاه القيادات السياسية، سوف تؤدّي هي الأخرى إلى نتائج، وهي تبدو أشبَه بسياحة سياسية، لا تقدّم أو تؤخّر.

وفي هذا الإطار، كشف النائب أحمد فتفت لـ»الجمهورية» أنّ الأزمة لا تزال على حالها، وأنّ تيار «المستقبل» حاولَ تقديم طروحات عدّة، لكن حتى الآن لا جواب من وزير المال.

أضاف: عرضنا لسُبلِ تعميم الحلول التي اعتُمدت عام 2005 وفقَ المادة 38، لتَشابُه الظروف. وأكّد أنّ تيار المستقبل يصرّ على توفّر الأموال لدفعها إلى الموظفين في القطاع العام، وأنّ الأموال متوافرة والصيغة القانونية متوافرة، وهذا ما شرحناه للوزير خليل خلال لقائنا معه. واعتبر فتفت أن لا لزوم لتضخيم هذا الملف، لأنّ الحلول موجودة، والتشريع يجب أن يتمّ عبر موازنة 2014 كما حُلّ الموضوع عام 2005.

وكان وزير المالية علي حسن خليل بحث أمس مع النائب جمال الجرّاح الذي زاره على رأس وفد من تيار»المستقبل»، في أزمة الرواتب للقطاع العام. وعلمَت «الجمهورية» أنّ الخلاف حول الرواتب بين الطرفين يراوح، وأن لا اتّفاق على لقاء ثانٍ.

ملفّ «السلسلة»

من جهةٍ أخرى، وفي متابعة لملفّ سلسلة الرتب والرواتب، التقى السنيورة أمس وفداً من «هيئة التنسيق النقابية»، في حضور النواب جمال الجرّاح، غازي يوسف، أمين وهبي وباسم الشاب.

وشدّدت هيئة التنسيق على «أهمّية إقرار السلسلة بعد مسيرة النضال الطويلة للأساتذة»، وعلى «أحقّية مطالبهم للحفاظ على العيش الكريم».

وخلال اللقاء، اعتبر السنيورة أمام الوفد «أنّ الإنفاق على قطاع التربية ليس إنفاقاً، ونحن إلى جانب إقرار السلسلة، لكنّنا في الوقت عينه، لا يمكن أن نوافق على صرف أموال لا تغطية لها لناحية الإيرادات، ونحن لا نريد أن نعطيَ بيدٍ وندفعَ البلد إلى منزلقات خطيرة غير مدروسة باليد الأخرى».

ومن المقرّر أن تزور هيئة التنسيق اليوم بكفيا للقاء الرئيس الجميّل.

طرابلس

وعلى المستوى الأمني، أعاد توقيف الشيخ حسام الصباغ التوتّر إلى طرابلس، خصوصاً أنّ الصباغ لم يكن متوارياً عن الأنظار طيلة الفترة السابقة، وفي هذا الإطار، لفتَ وزير العدل اللواء أشرف ريفي عبر «الجمهورية»، إلى أنّ «الخطة الأمنية أقِرّت على أساس وَضع جداول بأسماء أشخاص اعتُبرَ أنَّ لهم علاقة بالاشتِباكات في طرابلس، وجداول بأسماء أشخاص في البقاع، لهم علاقة بخطف أطفال وابتزاز أهاليهم وإرغامهم على دفع فدية، أو سارقي سيارات أو قضايا جنائية أخرى»، مشيراً إلى أنّ «أهالي طرابلس يعتبرون أن لا توازن في الإجراءات بين جبل محسن والتبانة من جهة، وبين طرابلس والبقاع الشمالي من جهة أخرى، ما ولَّد احتقاناً لديهم.

وما فاقمَ الأمر كان ما يُسمّى «وثائق الاتصال» التي تقضي بأن تُعمِّم بعض الجهات الأمنية وثيقة بأسماء أشخاص مطلوبين للتحقيق لدى المخابرات، وليس بناءً على قرار قضائي، وهذه الوثائق تشمل نحو 1100 إسم في شمال لبنان».

وإذ لفتَ إلى أنّ «عدد الموقوفين في طرابلس يقارب حالياً الـ 85 شخصا»، أكّد أنّه «أطلق حوالى 30 – 35 شخصاً منهم، على اعتبار أنّ هؤلاء لم يرتكبوا إجراءات كبيرة، وبالتالي يتمّ إخلاء سبيلهم». (التفاصيل ص 9)

الموصل وغزّة

وعلى خطٍ آخر استأثرت ممارسات تنظيم «داعش» ضد المسيحيين في الموصل واستمرارعملية اضطهادهم بالاهتمام والمتابعة، فرفع البابا فرنسيس صوته عالياً، معتبراً أنّ هذا العمل اللاإنساني هو تطهير دينيّ فاضح لم يعرفه المسيحيون منذ مئة عام.

إلّا أنّ هذه الممارسات لم تحجب الأنظار عن ممارسات إسرائيل ضد قطاع غزة، والتي بلغَت ذروتها في الساعات الأخيرة، ما حدا بالديبلوماسية الأميركية إلى التحرّك بعجَل.

وأطلقَ الرئيس باراك أوباما دعوةً إلى وقفٍ لإطلاق النار بناءً على تفاهمات 2012، قائلاً إنّ وزير خارجيته جون كيري سيدفع باتجاه وقف فوريّ لإطلاق النار في القطاع خلال جولته الشرق أوسطية. فحطّ الأخير في مصر، على أن يتوجّه اليوم إلى إسرائيل.

وفي وقتٍ أكّد البيت الأبيض أنّ على إسرائيل أن تبذل جهداً أكبر لتضمن حماية المدنيين الأبرياء، على رغم أنّها تملك الحقّ في الدفاع عن النفس، اعتبرَ الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس أنّ القرار بوقف الدمار متروك بأيدي حركة «حماس»، فيما أكّد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أنّ عملية الجرف الصامد ستوسع إلى أن يُعاد الهدوء لمواطني إسرائيل لفترة طويلة، أمّا وزير الدفاع موشيه يعالون فأعلن جهوزية بلاده لمواصلة العملية العسكرية في غزّة كلّما اقتضَت الضرورة.