Site icon IMLebanon

حسابات تستبق الحساسية المسيحية حيال الفراغ

حسابات تستبق الحساسية المسيحية حيال الفراغ ضغوط لتجنب التفريط بإنجازات الاستقرار الداخلي

تستبق الزيارة التي يعتزم رئيس الحكومة تمام سلام القيام بها الى المملكة العربية السعودية الاثنين المقبل والتي يمكن ان تقوده الى دول خليجية اخرى بايام قليلة نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان على نحو يمكن تفسيره بان التوقيت يقع في باب السعي الى عدم الاستفزاز في حال انتهت المهلة الدستورية في 25 ايار الجاري من دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية باعتبار ان الزيارة قبل انتهاء المهلة الدستورية تظل اخف وطأة من حصولها بعد انتهاء المهلة ولو انها حق بديهي لمسار العمل الحكومي. وهذا لا ينفي احتمالات زيارات اخرى لسلام لكن المسألة ستتم بحذر ودراية اكثر من اي وقت مضى. فالافرقاء المسيحيون الذين باتوا يضغطون في اتجاه منع الفراغ في سدة الرئاسة الاولى من خلال التلويح بان لا جلسات تشريعية محتملة في ظل الفراغ وحصر العمل الحكومي بالاطار الضيق لتصريف الاعمال بالنسبة الى حكومة تكلف صلاحيات رئيس الجمهورية سيظهرون حساسية كبيرة في المرحلة المقبلة على اي مسار يوحي بان الامور في البلد تسير وهي لم تتأثر بغياب مكون اساسي في سلم المؤسسات الدستورية وفي اهمها اي موقع رئاسة الجمهورية. ذلك انه يخشى من ان يكون الوضع مفتوحا على احتمالين متناقضين وغير مريحين في الوقت نفسه : الاول هو ان تطبيع الفراغ ربما يشجع على الاستخلاص ان التوافق السني الشيعي في الحكومة يغني عن صراع اضافي على موقع رئاسة الجمهورية ما دامت الامور تسير على افضل ما يرام. والآخر هو ان رفض افرقاء مسيحيين لامكان الوصول الى هذه النتيجة قد يدفع بهم الى تصعيد الوضع من خلال مقاطعة للمجلس النيابي وتضييق عمل الحكومة الى الحد الادنى من دون ان يخلو الامر من بعض المزايدات داخل الصف المسيحي حول الحفاظ على حقوق المسيحيين في الدولة ومنع التفريط بها خصوصا في ظل تصاعد الاتجاه الى تحميل الافرقاء المسيحيين في الدرجة الاولى المسؤولية عن الوصول الى الفراغ في حال حصوله. اذ ان ما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة توجهه بالقول ان احدا من الافرقاء الآخرين لا يعرقل الانتخاب وان على المسيحيين الاتفاق في ما بينهم يجد صدى كبيرا ان لم يكن يترجم ما يعتقده زعماء الاحزاب والطوائف الاخرى في احتجاج ضمني على تصعيد البطريرك الماروني حملته على عدم انتخاب رئيس للجمهورية وتعطيل النصاب في حين ان العرقلة مسيحية في انتظار ترشح العماد ميشال عون او حسم التوافق على مرشح آخر. فما يقوله البطريرك على هذا الصعيد لا يتسم بالصراحة والوضوح بحيث يتساءل الافرقاء عمن يقصده بكلامه حول التعطيل في حين انه لم يجمع النواب الموارنة او يضغط عليهم ما يكفي من اجل تأمين النصاب. وتصعيد المواقف المسيحية على خلفية رمي كرة التعطيل او عدم التوافق وتاليا عدم حصول انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخشى ان يؤدي الى ما بات يحذر منه كثر اي ان يؤدي الى انسداد سياسي وتاليا الى تعطيل البلد لفترة الى حين بروز حدث ما امني او سواه يغير المعطيات ويسمح بانتخاب رئيس جديد.

وهذه التوقعات اقل ما يقال انها تحمل بالنسبة الى الكثيرين خشية كبيرة على الاستقرار الداخلي على رغم الثقة الكبيرة التي اوحتها الانطلاقة الحكومية امنيا مع تهدئة الامور في طرابلس والبقاع وسواهما من المناطق او على صعيد بدء الاستعداد لاستعادة المصطافين العرب وفق الجهود التي تبذل على هذا الصعيد. كما تحمل في طياتها مخاطر كبيرة حذر منها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في رسالته الى مجلس النواب والتي من غير المستبعد وفق ما تقول مصادر معنية ان يكررها مرارا في الاسبوع الفاصل عن مغادرته قصر بعبدا يوم السبت في 24 ايار الجاري.فما يخشى منه في هذا الاطار ليس الاحتجاج المسيحي وصولا الى احتمال التعطيل نظرا الى ان التأزم سيبقى سياسيا ولن يتجاوزه الى ابعد من ذلك خصوصا في ظل التهدئة السنية الشيعية في لبنان بل ما قد يخفيه هذا التأزم من كباش اقليمي حول هوية الرئيس المقبل استنادا الى الكباش المسيحي على وقع تطورات اقليمية قد يراد للبنان ترجمتها في الحد الادنى. وتدخل في هذا الاطار مخاوف البعض من محاولات لارساء فراغ طويل الامد يؤدي الى اعادة طرح نظام لبنان على طاولة البحث في اطار خلط الاوراق وتسجيل امر واقع في المكاسب التكتية الاقليمية الحالية واستباقا لتغييرات وتنازلات محتملة، على رغم ان الرئيس سليمان اختتم آخر جلسات الحوار في عهده بالتطمينات او الضمانات من كل الافرقاء الى عدم وجود نية مضمرة في اخذ البلد في هذا الاتجاه. وبغض النظر عما اذا كان هذا الامر يعتبر كافيا ام لا، فان مصادر ديبلوماسية على نحو خاص تخفف من هذا المنحى معتبرة ان الضغوط المعنوية تجنبا للفراغ او في اتجاه العمل الى الوصول الى مرشح توافقي مشروعة وفق ما يحصل راهنا معتبرة ان الانجازات التي حصلت هي من الاهمية بمكان بحيث لن يرغب اي فريق في التفريط بها، من دون ان يعني ذلك التهاون حيال الفراغ المحتمل في سدة الرئاسة الاولى واهمية هذا الموقع بالنسبة الى لبنان اولا والمسيحيين في شكل اساسي. ولذلك سيستمر الاصرار والضغط من اجل المحافظة على الاستقرار والامن اكثر من اي وقت مضى.