لطالما جهد «حزب الله» في الظهور على العلن بمظهر «المستقوي» الذي يعجز أي أحد عن إثارة أعصابه وتبيان حقيقة نيّاته تجاه اللبنانيين. غير أنّ أول من أمس كان يوماً آخر، إذ لم ينتظر انتهاء وزير العدل اللواء أشرف ريفي ليرد من المقابلة على محطة «أل.بي.سي» حول طرابلس وأهلها، في الذكرى الأولى لتفجيرَي «التقوى والسلام».
«داعش و«حزب الله» صورتان تشبهان بعضهما البعض» كلام صريح من ريفي استدعى ردّاً سريعاً من عضو كتلة «المقاومة والتحرير» النائب حسين الموسوي من دون أن يسمّيه، وبمواقف واتّهامات لا شأن لها بالسياسة ولا بالتحليل السياسي: «طلع علينا أحد المصابين بمرض الحقد والعصبية بجملة افتراءات». فقد بلغ الحزب مرحلة لا شكّ أسوأ بكثير من المرحلة التي يعيشها اليوم على المستوى السياسي، فهو يشخّص مواقف الغير على أنها أمراض، متناسياً أن حزبه، وحين دخل الطبّ من «بابه العريض» كان موطئاً لفساد الأدوية وتصنيع الكابتاغون وغيرها من القضايا.
لكن فات الحزب أن وجود ريفي في الحكومة نفسها مع وزراء «حزب الله» لا يعني التخلّي عن القضية التي لطالما دافع عنها ريفي بوضوح ودقّة، فالحكومة الحالية هي حكومة «ربط نزاع» كما أسماها الرئيس سعد الحريري، وهذا يعني بأن وزراءها ليسوا حلفاء ولا متحالفين من تحت الطاولة. هذا فضلاً عن أنه ليس لدى ريفي ما يخفيه أو يخيفه ولن يكون مروّجاً لولاية الفقيه وما لفّ لفيفها، فالحديث هنا يدور حول طرفين لا يلتقيان، فالخطّان المستقيمان لا يلتقيان أبداً إلا إذا اعوجّ أحدهما فيما يبقى الآخر مستقيماً.
هل هي «افتراءات» كما وصفها «حزب الله» أن الحزب «هو فكرة إيرانية توسّعية كان هدفها الوصول الى المياه الدافئة للبحر المتوسّط»، كما وصفها ريفي؟ هل هذا ما أثار حنق «حزب الله»؟ أليس هذا ما اعترف به مستشار الخامنئي من أن حدود إيران تصل الى جنوب لبنان؟
وبقدر عدم التشابه بين ريفي و«حزب الله» فإن الحزب يشبه داعش: ألَا يساهم الأول بالتكافل والتضامن مع النظام السوري بقتل الأبرياء بالبراميل المتفجّرة؟ ألا يستعرض الثاني مقدرته على الذبح أمام عدسات الكاميرا؟ فالحزب يدّعي بأنه من «أنقذ لبنان المثخّن بالجراح بدم شهدائه ومجاهديه» في حين أن تورطه بالحرب في سوريا أتى بالإرهابيين الى لبنان. وبلا خجل يقول إنه «أنقذ كل لبنان ومنهم ذلك المريض وأصحابه وشركاءه»؟ أين كان الحزب قبل عام حين تم تفجير مسجدي التقوى والسلام قرب منزل ريفي؟ من كان الملاك الحارس للسياسيين في لبنان: «حزب الله» ومجاهدوه؟ ام الشهيد وسام الحسن ومعه ريفي لحرصهما على الأمن والسلم؟
لم يبقَ لـ«حزب الله» إلاّ توزيع الاتهامات والشتائم العشوائية.. لكن «الجرأة» خانته عندما لم تشمل تسمية من يخاطبه باسمه. «بلشوا يفوتوا بحيطان» قال ريفي لا شك بأن هذه العبارة بالذات كان وقعها على «حزب الله» أقسى من تشبيه الحزب بـ«داعش».. لقد «ضرب» ريفي على وتر الحقيقة، كعادته.. واجههم بالسياسة فردوا عليه بالشتم. تحداهم بالأمن فردوا عليه بـ «العنتريات». الحزب هو دوماً هكذا، تغضبه الحقيقة فيتوقف عندها ليبني عليها صياغة من نسج الانتصارات «الإلهية».. فكيف عساه يواجه إن كان لا يملك الأدلة؟