تبدأ حكومة الرئيس تمام سلام اليوم “عهدها” الانتقالي في الجلسة الاولى لمجلس الوزراء منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان وخلوّ منصب رئاسة الجمهورية وانتقال الصلاحيات الرئاسية دستوريا الى مجلس الوزراء مجتمعا. وتعتبر الجلسة التي ستعقد في السرايا بمثابة انطلاقة حكومية ثانية سترتب على الحكومة اختبارا دقيقا في مواجهة تعقيدات مرحلة الشغور الرئاسي والسعي الى تقصير امدها من جهة ومواجهة كل الملفات والاستحقاقات الداخلية من جهة أخرى بما يضعها امام امتحان لا يستهان به، وخصوصا وسط تشدد مسيحي متوقع من حيث عدم توسع الحكومة في استعمال الصلاحيات الرئاسية.
وعلمت “النهار” ان اقتراحا من وزراء “التيار الوطني الحر” رفع الى الرئيس سلام يقضي بادراج ملف التعيينات في الجامعة اللبنانية في جدول الاعمال، لكن الاخير امتنع عن ذلك، الامر الذي طرح احتمال ان يقاطع هؤلاء الوزراء الجلسة، مما استدعى تحركا من رئيس مجلس الوزراء لاستيعاب الموقف واعتبار المجلس حالة دستورية قائمة، على ان تكون الجلسة اليوم ذات منحى سياسي لا اداري. وقد استجاب الاطراف المعنيون لهذه الاتصالات وسيكون الحضور في الجلسة اليوم شاملا لجميع الاطراف. ووصفت مصادر سياسية متابعة الجلسة بأنها “بروفة على الخفيف”.
في الوقت نفسه، من المتوقع ان تحظى انتخابات السفارة السورية بكل التداعيات والاصداء السلبية التي اثارتها أمس وأول من أمس بنقاش داخل الجلسة وسط استعداد عدد من الوزراء للمطالبة بصدور موقف عن المجلس.
ويبدو واضحا ان موضوع الشغور الرئاسي سيثقل على مجمل الاستحقاقات المقبلة، خصوصا ان المشهد الداخلي بدأ يعكس ملامح تخوف من مرحلة انتظار طويلة لا افق واضحا لها ان على الصعيد الداخلي حيث انتفت بشكل لافت أي حركة لتفعيل المساعي السياسية بين الافرقاء قبيل الجلسة السادسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس جديد في 9 حزيران والتي لن يكون حظها اوفر من سابقاتها، أم على الصعيدين الاقليمي والدولي حيث لم تتجاوز ردود الفعل على هذا الموضوع اطار بعض البيانات القليلة وابداء مواقف عمومية من هذا التطور.
مجلس الأمن
وأصدر مجلس الامن أمس بياناً رئاسياً اشاد فيه بعمل الرئيس السابق ميشال سليمان واعرب عن خيبة أمله وقلقه من عدم انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية. وحض البرلمان على التمسك بتقاليد لبنان الديموقراطية والعمل لضمان اجراء الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت ممكن ومن دون تدخل خارجي.
وقال: “ان مجلس الامن يؤكد دعمه الكامل لحكومة لبنان للقيام بواجباتها خلال الفترة الانتقالية طبقاً للدستور، الى حين انتخاب رئيس جديد.
ان مجلس الامن يتطلع الى الانخراط المستمر للسلطات اللبنانية مع الاسرة الدولية، وخصوصاً مجموعة الدعم الدولية، لحشد الدعم للبنان. وان المجلس يؤكد الحاجة الى الحفاظ على الدعم الدولي للبنان في مواجهة التحديات الاقتصادية والامنية والانسانية التي تواجه البلد وفي الوفاء بالتزامات لبنان الدولية”.
واضاف: “اذ يذكر بالبيان الرئاسي الصادر في 10 تموز 2013، يناشد مجلس الامن اللبنانيين كافة الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات تقويض استقرار البلد، طبقاً لتعهداتهم في اعلان بعبدا، ويشدد على اهمية احترام كل الاطراف اللبنانيين سياسة النأي بالنفس والامتناع عن أي تورط في الازمة السورية.
ان مجلس الامن يشدد أيضا على التنفيذ الفعال لقرار مجلس الامن 1701 (2006) وكل قرارات مجلس الامن ذات الصلة التي تبقى حاسمة من اجل تأمين الاستقرار في لبنان والاحترام الكامل لسيادة لبنان وسلامة أراضيه ووحدته واستقلاله السياسي”.
الى ذلك علمت “النهار” ان اوساطا قيادية في “حزب الله” تواكب الحوار الجاري بين العماد ميشال عون و”تيار المستقبل” افادت ان هذا الحوار انتقل حاليا من استحقاق الرئاسة الاولى الذي انقضى اوانه الدستوري في 25 ايار الجاري الى ملف الانتخابات النيابية. وابدت هذه الاوساط اهتماما باجراء الانتخابات حتى لو اقتضى الامر اعتماد قانون الـ60 في حال تعذر اعداد قانون جديد في المرحلة المقبلة.
وجاء في معلومات ان عون ابلغ زوارا له اخيرا انه لا يزال متمسكا بموقفه من الانتخابات بما يعني عدم استعداده للبحث في مرشح بديل منه وانه لا يزال ينتظر جواب الرئيس سعد الحريري في شأن موافقته أو عدمها على انتخابه.
الاضراب والسلسلة
في غضون ذلك تنامت المخاوف على السنة الدراسية مع اقتراب موعد الامتحانات الرسمية وعدم بروز ملامح ايجابية لحل ازمة سلسلة الرتب والرواتب. ووقت دعا وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب الاساتذة والسياسيين الى التوصل الى اتفاق في موضوع السلسلة لتأمين نهاية سعيدة للسنة الدراسية، خصوصا ان اياماً تفصلنا عن الامتحانات الرسمية بدأت تظهر مخاوف بين اوساط التربويين من صدور قرار بالغاء امتحانات الشهادة المتوسطة (البريفيه) التي بات اجراؤها في 7 حزيران مهددا فعلا اذ ان بطاقات الامتحانات للمرشحين لم تسلم الى المدارس، فيما لم توزع على الاساتذة الدعوات لمراقبة الامتحانات وهم قرروا الامتناع عن تسلمها التزاما لقرار هيئة التنسيق النقابية.
واوضح الوزير بو صعب ان اجراء الامتحانات مرتبط بموقف هيئة التنسيق التي اعلنت الاضراب المفتوح في 7 حزيران ومقاطعة الامتحانات في اليوم نفسه الذي تبدأ فيه امتحانات البريفيه. وتعقد الهيئة مؤتمرا صحافيا الثالثة بعد ظهر اليوم لاعلان برنامج تحركها التصعيدي.
وابلغ وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دوفريج “النهار” ان وزير المال علي حسن خليل اقترح في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس ميشال سليمان، في ضوء مناقشة موضوع سلسلة الرتب والرواتب عقد اجتماع خاص للمجلس لدرس الوضع المالي للدولة. واضاف: “في رأيي ان على الرئيس سلام ان يبادر الى الدعوة لعقد هذا الاجتماع للوقوف على حقيقة المالية العامة قبل اتخاذ أي قرار في شأن الانفاق وفي الوقت نفسه يجب ان نستدعي حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف لمعرفة معطياتهما على هذا الصعيد”. وأعلن ان الواردات في الاشهر الثلاثة الاولى من السنة الجارية سجلت تراجعا بنسبة 18 في المئة مقارنة بالعام الماضي. ولفت الى ان قوانين ومشاريع عدة أقرت في الاشهر الاخيرة لكن نجهل حتى الان كلفتها وكيف ستؤمن الواردات لها”. ووصف الوضع المالي بأنه “صعب جدا جدا”.