IMLebanon

حلّ عوني لعرسال المحتلّة: التفاهم مع سوريا

لا أحد يتوقّع أن تفتح الحكومة ذراعيها لمطلب العماد ميشال عون بـ«التفاهم» مع سوريا من منطلق «الموقع الجغرافي الذي وقعت فيه مشكلة عرسال».

باستثناء وزراء «تكتل الإصلاح والتغيير» و«حزب الله» و«أمل»، لا أحد يريد أن يستهلك وقته في النقاش بمسألة محسومة اضطرت في السابق الوزير نهاد المشنوق لاستضافة مسؤول الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا في وزارة الداخلية لحلّ مشكلة الطفيل، بدلا من استدعاء السفير السوري في لبنان أو الاتصال بوزير الخارجية السوري وليد المعلم أو التواصل مع المجموعات السورية على الأرض الموالية للنظام!

في طلّته الأولى، بعد أربعة أيام من بدء هجوم المسلّحين على الجيش في عرسال، دعا عون اللبنانيين لان يتحدثوا بقلب مفتوح «لان الوقت ليس مناسبا للمحاسبة». لكن الرابية لن تجد بالتأكيد الأبواب مفتوحة أمام من يصوّب البوصلة باتجاه الدعوة للحوار مع سوريا وليس مع الإرهابيين على أرضها!

أول الردود الرافضة لهذا المطلب جاءت من جانب «تيار المستقبل» المستهجن للحوار بين الجيشين السوري واللبناني، معلّقا آماله على جهود «هيئة علماء المسلمين» في انتشال عرسال من فم التنين، وعلى «نيات» المجموعات المسلّحة في عدم التصعيد ودفع الأمور باتجاه الحلحلة… وعلى همّة الجيش في القيام باللازم تحت غطاء سياسي «مستقبلي» بدأ ركيكاً ثم اشتد عوده تدريجاً مع بدء ملامح الموقف السعودي الذاهب باتجاه دعم المؤسسة العسكرية بالكلام والأموال.

ينطلق «المستقبل» من الفقرة الأخيرة في نصّ البيان الوزاري لحكومة تمام سلام التي تتحدث عن «الالتزام بسياسة النأي بالنفس وتحصين البلد بأفضل الطرق تجاه تداعيات الأزمة المجاورة»، فيما وقف صقوره أمام أي محاولات من جانب سوريا، عقب ولادة حكومة المصلحة الوطنية، للتنسيق بين البلدين بشأن الملفات الأمنية، وعلى رأسها ملف النازحين السوريين ومكافحة الإرهاب.

هذا في الشكل، لكن واقع الأرض ومتطلّباته على الحدود وفي الداخل، ومسألة التنسيق بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية، الذي هو قائم أصلا، يبدو منفصلا عن الإطار الضيّق الذي وضعت الحكومة نفسها فيه. فالأرض وما تحتاجه شيء، والإنشاء الوزاري شيء آخر.

يكفي الحديث عن المعلومات المتبادلة بشأن لوائح الإرهابيين والتنسيق المخابراتي الدائم بين الجيشين اللبناني والسوري، وقنوات التواصل العابرة لسياسة النأي بالنفس بين أعضاء في الحكومة الحالية والحكومة السورية، فضلاً عن التنسيق الوثيق بين الأمن العام اللبناني والجانب السوري في شاردة وواردة ملفّي النازحين والإرهاب.

يدرك العونيون أن أكثرية من يرفض التفاوض اليوم مع سوريا، كدولة، كان مرتمياً في حضن السوري يوم كان يدير اللعبة الداخلية اللبنانية «بإصبعه». لكن الوقت، في أجندة الرابية، غير ملائم إطلاقاً للمحاسبة وإطلاق الأحكام، حتى لو أن قنبلة النازحين قد انفجرت فعلا على أرض عرسال مع احتمال تمدّد الاخطبوط التكفيري الى مناطق أخرى لا يستثني العونيون منها المناطق المسيحية!

حاول وزراء «تكتل التغيير» في الحكومتين السابقة والحالية فرض واقع الحوار المباشر مع سوريا في الملفات العالقة المشتركة، لكن «جبهة الممانعة» في السرايا كانت تتكفّل بإقفال الموضوع. وصل الأمر الى حدّ قلب الطاولة بوجه وزير الخارجية جبران باسيل لاستقباله السفير السوري علي عبد الكريم علي من أجل التنسيق في ملف خلية أزمة النازحين.

تقول أوساط عون اليوم إن المحاولة ستتكرّر في جلسة مجلس الوزراء اليوم لناحية الوقوف بوجه التفاوض مع «داعش» بغطاء شبه رسمي، وتجاهل وجود معاهدة بين لبنان وسوريا تحتّم حصول هذا الحوار الثنائي ما دامت الأزمة أزمة حدودية مشتركة.

منذ نحو عامين بحّ صوت ميشال عون وهو يطالب حكومتي نجيب ميقاتي وتمام سلام بالحدّ من دخول النازحين وعدم استقبال إلا من يحتاج الى رعاية طبية استثنائية، وبعدم إقامة مخيمات للاجئين. مشروع القانون الذي تقدّم به وزراء «التكتل» لا يعلم بعض الوزراء بوجوده أصلا، حتى أنه قال الكثير عن عدم وقوف حلفائه الى جانبه في القضية.

ومن يطالب الحكومة اللبنانية صراحة اليوم بفتح اتصال مباشر مع الدولة السورية سبق له أن استقبل وزير المصالحة الوطنية في الحكومة السورية علي حيدر في تموز من العام الفائت الذي أكد له يومها استعداد سوريا لاستقبال النازحين، عارضاً نفسه أيضا كوسيط بين الحكومتين.

المقرّبون من عون يقولون «هناك حكومة سورية مستعدة لحلّ شامل للنازحين، وبعد خروجهم من عرسال المحتلّة يصبح الحلّ العسكري أسهل بكثير، بالتزامن مع تأمين ممرات إنسانية لإخراج المواطنين».