سلام: التوافق لتجاوز «المرحلة الصعبة»
«حملات الفنادق»: معلومات خطيرة عن الموقوفين .. ولا تغيير في نظام التأشيرات
على وقع «حملات الفنادق»، بكل ما لها وعليها، خرج رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير، ليضع الامور في نصابها، في لحظة امنية – سياسية، غير مسبوقة في لبنان، على ارتباط بهذا «المهرجان الامني» الملتهب، من سوريا الى العراق، مروراً بكل المعابر التي تربط هذين البلدين، بتركيا والاردن وصولاً الى دول الخليج، فضلاً عن لبنان الذي قفز، بالتزامن مع المواجهة المفتوحة في المنطقة، الى واجهة الاحداث الامنية، في ضوء النجاحات التي لا خلاف حولها، والتي تمكنت القوى الامنية من تحقيقها في الحرب الاستخباراتية الاستباقية التي دارت في بعض فنادق العاصمة، والتي كانت تغص بنزلاء وشخصيات سياسية وعربية وسياح عرب وخليجيين، مع موسم اصطيافي وصف مع النجاحات التي حققتها الانطلاقة الاولى لحكومة الرئيس سلام من خطط امنية وتعيينات ادارية وملء شواغر، بانه سيكون واعداً ومنتجاً بالنسبة للبنان الذي سمح استقرار الوضع الامني فيه والسياسي، بالرغم من العجز عن ملء الشغور في الرئاسة الاولى، بتوقع مثل هذه النتيجة، قياساً على الانهيارات الامنية المتتالية في المنطقة.
وشكل عنوان التوافق الذي يساوي التعادل الضامن التوازن، مسار المنهجية التي كشف عنها الرئيس سلام في عمل حكومته، ليس في ما يتصل بصلاحياته كرئيس للحكومة التي لا خلاف عليها في الدستور، بل في صلاحيات الوكالة في ما خص الرئاسة الاولى.
ويتلخص الموقف الذي عبر عنه الرئيس سلام بالآتي:
1- اعتبار مواجهة الارهاب هدفاً لن يتراجع مجلس الوزراء عن اتخاذ كل ما يلزم للمضي به الى النهاية.
2- اعتبار ان الاستقرار الامني ما يزال قائماً ومتيناً وممسوكاً، وان الوحدة الوطنية بين اللبنانيين كفيلة بقتل الفتنة، وان مخطط الارهاب لن ينجح.
3- المرحلة الصعبة لا تعالج الا بالتوافق، وهذا يعني ان «كل امر لا يحوز على التوافق نضعه جانباً»، وفقاً لتعبير سلام الذي اضاف: «لن نذهب الى مكان خلافي في تحمل مسؤولياتنا على مستوى السلطة الاجرائية».
4-اصبحت الساعات اللازمة لتوزيع جدول الاعمال 96 ساعة، اي اربعة ايام، في ما خص اقتراحات الوزراء او اعتراضاتهم على جدول الاعمال من موقع ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، فباتت الصيغة على هذا النحو: خلال الجلسة يبلغ الوزراء بالمواضيع المؤجلة فاذا حصل توافق او خلاف يحصل التأجيل، اما اذا اراد فريق سياسي طرح اي موضوع من خارج جدول الاعمال فالقرار ازاءه يتخذ بالتوافق.
ونفى الرئيس سلام الكلام عن لجان او مجلس مصغر.
5- اما التوقيع فقد اشار رئيس الحكومة الى انه حرص في مسألة التوقيع ان يوقع وزير من ممثلي القوى السياسية في الحكومة الائتلافية من دون ان يكون هناك امر ثابت، بل ان الامور متحركة لتسهيل العمل، بمعنى ان لا تكون هناك لا لجنة سباعية ولا مجلساً مصغراً خاصاً بالتوقيع.
6- على صعيد التأشيرات التي طرحت التطورات الامنية اعادة النظر بالآلية التلقائية لها من قبل الامن العام، لا سيما بالنسبة للرعايا الخليجيين، فقد رفض مجلس الوزراء اي خطوة من هذا القبيل، وتقرر ابقاء الامور على ما هي عليه، وخصوصاً على المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية، على خلفية عدم المساس بالعلاقة مع دول الخليج.
واعتبر الرئيس سلام أن منع التأشيرات لن يمنع من يريدون تنفيذ أعمال إرهابية من الدخول.
وكان هذا الموضوع الذي طرح من قبل فريق 8 آذار الذي اعتبر أن كشف خلية الروشة مقلق ويتطلب إجراءات أمنية جديدة، من ضمنها فرض تأشيرات، كاد أن يثير مشكلة داخل جلسة مجلس الوزراء، خصوصاً بعد رفض قاطع من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق، فيما رأى وزير العدل اللواء اشرف ريفي، وجوب تطبيق التأشيرات على الإيرانيين، لكن الرئيس سلام، وبالتوافق مع الوزراء، اعتبر ان مثل هذه الخطوة قد تترك تأثيرات سلبية على مجيء الخليجيين إلى لبنان، وعليه تقرر إبقاء الامور على ما هي عليه.
وعزز هذا الموقف الرسمي، البيان الذي أصدرته سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت، والذي ادان «العمل الارهابي» في منطقة الروشة، مؤكداً انه «عمل لا يمت إلى القيم الإسلامية او الإنسانية بأي صلة ويمثل اعتداء على الأبرياء والحرمات. في حين اكد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري استعداد الرياض للتعاون مع لبنان في مكافحة الإرهاب، لا سيما وانها تملك خبرة في هذا المجال، مشيراً الى انه يرى ان التعاون البناء بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والسعودية، قد يكون مفيداً للبلدين، مؤكداً بأن العلاقات اللبنانية – السعودية اكبر وأسمى من ان يؤثر عليها عمل رخيص مثل هذه الاعمال التي لا تمثل الدول والحكومات التي يحملون جنسيتها.
ولم يستبعد السفير عسيري، دون أن يُؤكّد، أن تكون الخلية التي لاحقتها القوى الأمنية في الروشة كانت تستهدف السفارة السعودية في بيروت القريبة من فندق «دو روي»، لا سيما ان الغرفة التي كان يقطنها الارهابيان تشرف على السفارة بشكل واضح وصريح، لافتاً إلى ان أحد الانتحاريين مطلوب من المملكة، موضحاً أن السفارة تتواصل مع السلطات السعودية للتأكد من هذا الأمر، لأن هناك تشابهاً في أحد الأسماء.
وعُلم في هذا السياق أن السعودية ستوفد إلى بيروت فريقاً امنياً لمعاونة الأجهزة الأمنية اللبنانية في التحقيقات الجارية مع الموقوف السعودي عبدالرحمن الشنيفي الذي اصيب أثناء مداهمة الفندق، وهو مطلوب من قبل السلطات السعودية، فيما قتل زميله السعودي أحمد عبدالرحمن الثواني.
وكانت التحقيقات قد اشارت إلى وجود شخص ثالث من الجنسية السورية وينتمي إلى «لواء التوحيد» يرجح أن يكون تولى مساعدة الانتحاريين منذ وصولهما إلى بيروت من اسطنبول في 11 حزيران الماضي، لكن البيان الذي أصدرته المديرية العامة للامن العام، كشف
الشريك الثالث للانتحاريين هو منذر خلدون الحسن من بلدة بزبينا في عكار ويحمل الجنسية السويدية، وهو الذي أمّن الأحزمة الناسفة والمتفجرات للشبكة التي تمّت مداهمتها في فندق «دو روي»، وأن هذا المطلوب يتجول بسيارتين الأولى من نوع نيسان لون بيج قديمة الطراز، والثانية مرسيدس لون رمادي موديل 2005، ويحتمل أن تكون هاتان السيارتان مفخختين على حد ما جاء في بيان الأمن العام.
يُشار الى أنه في سياق الحرب الاستباقية لأوكار الإرهاب، داهمت قوة من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي فندق «رمادا» (سفير سابقاً) المجاور لفندق «دو روي» في الروشة، وتم توقيف شخصين على ذمة التحقيق، كما تم التدقيق في هويات جميع نزلاء الفندق.
إرتياح وزاري
الى ذلك، أعربت مصادر وزارية لـ «اللواء» عن ارتياحها للنتائج التي خرجت بها جلسة مجلس الوزراء، في أعقاب التوافق على منهجية عمل الحكومة، مشيرة الى أن الحكومة السلامية نجحت في الاختبار، وتجاوزت بفعل تغليب الوزراء فيها منطق العقل، كل ما من شأنه أن يكبّل إدارتها للملفات، وأدائها في مواجهة الأخطار الداهمة بعد الشغور الرئاسي.
ولفتت الى أن الجلسات المقبلة ستشهد انطلاقة جديدة للحكومة ومواكبة فعّالة لمعظم المسائل، على أنه ممنوع عليها تجرّع كأس الخلافات، لأن التوافق هو سمة عملها، وأكدت أن الطرح التوافقي بشأن توقيع الوزراء الحاضرين في الجلسات على المراسيم أتى ثمرة اتصالات وأبحاث قادها الرئيس سلام، والتي وصفت إطلالته الإعلامية بعد جلسة المجلس. بأنها «موفقة» خصوصاً بعد الأحداث التي شهدتها البلاد، مشيرة الى أن الملف الأمني يشكل الهاجس الأكبر في الوقت الراهن في ضوء المعلومات عن اتجاه مجموعات تخريبية الى القيام بتفجيرات في عدد من المناطق اللبنانية وتحرك الأجهزة الأمنية في خطوة استباقية للحؤول دون حصول أي حادث مؤسف.
وتحدثت المصادر الوزارية عن تخوف من انتشار كبير لمجموعات إرهابية، ولذلك كان إجماع وزاري على التحلي بأعلى درجات المسؤولية، وتوفير الدعم القوى للقوى الأمنية بهدف اتمام مهامها بنجاح.
وأوضحت ان التكاتف الوزاري كفيل بإبقاء الحكومة متماسكة لمجابهة أي طارئ، والإنطلاق نحو تسيير شؤون المواطنين وبعض الملفات الاجتماعية والحياتية، لا سيما بعد كثرة الحديث عن إطالة أمر الشغور الرئاسي، ما يجعل هذه الحكومة تزاول صلاحيات رئيس الجمهورية خلال هذه المدة.
لقاء الحريري – كيري
في غضون ذلك، لم يخرج عن اللقاء الذي عقده الرئيس سعد الحريري في باريس مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري أمس، سوی بيان أصدره المكتب الاعلامي للرئيس الحريري الذي لفت إلى انه تم التركيز على الشأن اللبناني بشكل خاص، ولا سيما ضرورة انهاء حال الفراغ الرئاسي، والعمل بكل الجهود الممكنة لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، كما تبادل البحث الخطوات الآيلة إلى ضمان الاستقرار في لبنان وتعزيز القوى الأمنية والعسكرية، اضافة إلى مشكلة النازحين السوريين.