عون: أين الخلل في انتخاب الرئيس من الشعب؟
حوار خطابي بين الرابية و«بيت الوسط»
يسير الحوار بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري بين سطور الخطابين. ففي خطاب كل منهما لا تسمية للآخر، في حين ان كل الرسائل المتضمنة موجهة من الرابية الى بيت الوسط وبالعكس. كل «الركلات» المسجلة حتى الآن «قانونية» تحترم قواعد اللعبة الحوارية بين الرجلين. يؤكد متابعون ان الحوار البرتقالي – الازرق «متواصل ولم ينقطع». أي منهما لا يريد المواجهة. في خطابه أمس، مد «الجنرال» يده ثانية للحريري «لنطبق معا الطائف بشكل سليم لا يشوبه اي اعوجاج، كما هو حاصل منذ توقيعه». في طرحي الانتخابات الرئاسية قبل النيابية او الثانية قبل الاولى، ليست المسألة أحجية البيضة قبل أم الدجاجة. فعون يعتبر، وفق متابعين، ان «انتخاب المجلس النيابي الحالي للرئيس انما سيأتي برئاسة مشوهة، لأن ما بني على باطل فهو باطل في ظل الوجود المسيحي المشوه داخل التركيبة البرلمانية الحالية التي ولدت على اساس قانون الـ60 المعدل والمناقض للدستور». هنا تتبلور دعوة عون لزعيم تيار «المستقبل»: «لنذهب معا الى انتاج قانون انتخاب جديد يؤمن الشراكة الفعلية والمناصفة وتجرى على اساسه الانتخابات النيابية… فالرئاسية». يقرأ هؤلاء الفرق بين طرحي عون والحريري كالتالي: «الحريري لم يقدم اي طرح لانه يتحدث عن انتخابات رئاسية عادية وكأن البلد بألف خير، بينما طرح الجنرال يحاكي الازمة التي تغرق فيها البلاد. الحريري ينتظر التسوية الاقليمية ليأخذ قراره، بينما عون يطرح خريطة طريق تحمي لبنان من اي تسوية قد تقدم عليها المنطقة».
يقول احد نواب «تكتل التغيير والاصلاح»: «كل الاسئلة التي طرحها عون انما هي موجهة للحريري الذي تهرب من الاجوبة». وفق هذا النائب، فإن النقطتين المتبقيتين في اتفاق عون – الحريري واللتين تنتظران التنفيذ من قبل الحريري هما قانون الانتخاب وآلية انتخاب الرئيس». برأيه أن زعيم «المستقبل» سار في بنود التشكيلات والتعيينات وغيرها من بنود الاتفاق الذي هو حلقات في سلسلة، لكنه اعتبر ربما انه ادى قسطه و«انتهينا». جاء عون بالامس ليقول له: «لم ننتهِ».
رسالة عون المكررة للحريري في خطابه تحددها عبارة «تطبيق فلسفة الطائف القائمة على ان هذا البلد لا يحكم الا بالمناصفة الحقيقية، وليس الصورية وليس ايضا بحسب مزاج من تحكم بتطبيقها طوال سنوات». هذه الدعوة تستدعي «قرارا وطنيا جريئا»، يقول متابع عن قرب لطرح عون. ويضيف: «العلاقة الانفتاحية مع تيار الحريري لا تسمح بفتح اي مواجهة، علما ان نوابا وقيادات من فريق الحريري خرقوا قواعد الاشتباك اكثر من مرة».
استهل العماد عون خطابه من احد «جذور الازمة اللبنانية» اي فلسطين والعراق. فحيا «صمود وشجاعة ابطال غزة الذين يقاومون اسرائيل وسط صمت دولي وعربي حيال التصرفات الاسرائيلية، التي عودتنا عليها منذ تقسيم فلسطين، وهذه التصرفات لها الطابع العرقي بازالة الهوية الفلسطينية».
ورأى ان «ما يعرض على المسيحيين في العراق بتخييرهم بين التنكر لمعتقدهم واعتناق الاسلام أو ترحيلهم، هو إلغاء لوجودهم، وان ما يعمل له في غزة هو انهاء الهوية الفلسطينية وتهجير ما تبقى من هذا الشعب في الاراضي المحتلة، وبإلغاء هذين المكونين الفلسطيني والمسيحي تسقط القومية العربية، وهكذا تنجح اسرائيل في تثبيت الاعتراف بيهوديتها».وفي الشأن الداخلي قال عون: «هناك من يحول المواثيق اللبنانية لانتخاب رئيس للجمهورية بدون صفة تمثيلية لمن يمثل، والبعض يتاجر بالفراغ. وهناك من يحاول تناسي المواقف الوطنية لانتخاب رئيس الجمهورية، ونحن لا يهمنا من ينتخب، بل معركتنا هي لإصلاح القوانين الانتخابية بشقيها الرئاسي والانتخابي».
أضاف: «إن ما يثار من تخويف من العودة الى ضرب الوحدة الوطنية ونقض التعايش، نتيجة طرحنا قانون انتخاب يؤمن الحقوق، هو خوف غير مبرر، فآلية القانون المقترح تحقق تمثيل جميع الاقليات، وقانون اللقاء الارثوذكسي هو الوحيد الذي يحفظ حق الجميع في اختيار من يمثلهم».
وسأل عون الحريري من دون ان يسميه: «أين الخلل في احترام اتفاق الطائف وفي الخروج عنه، وأين الخلل في انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب؟ إذا توافقتم مع طرحنا لكم الشكر، وإذا عارضتموه فننتظر أسئلتكم»، لافتا الى «اننا لا نهتم بمن ينتخب رئيسا بل بإصلاح القوانين، ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري لم يطرح شيئا ضدنا بل إلى جانبنا».