خارطة طريق للحريري غداً: الأولوية لإنتخاب الرئيس
خليل يغسل يده من «أزمة الرواتب» .. وقطع الحساب عقدة الإتصالات بين «المستقبل» و«أمل»
في 20 آب تدخل البلاد مهلة إجراء الانتخابات النيابية، وفي أول أيلول تحتاج بيروت ومعها لبنان، الى أكثر من مائة ألف ليتر مياه يومياً، حتى لا تقع في العطش، واعتبر وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب أن أياماً أربعة فاصلة عن الوقوع في المحظور، لجهة تصحيح المسابقات وإعلان نتائج الشهادات الرسمية، هذه القضية المرتبطة بإعطاء سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، ووزير المال علي حسن خليل يرى أن واجبه يملي عليه أن يرسم الحدود الفاصلة بين القانون واللاقانون في الصرف المالي، حتى ولو كان على حساب رواتب الموظفين، محدداً ثوابت الحوار مع تيار «المستقبل» ليس بينها إقفال حسابات السنوات السابقة، في إشارة الى استمرار الخلاف حول قطع الحساب.
وإذا كانت حركة الاضرابات والاعتصامات وشلّ القطاع العام لم يبق لها صدى لدى الرأي العام، فإن الملفات التي دعا الرئيس تمام سلام الى الاسراع في معالجتها، لئلا ينقلب التقدّم الذي رافق انطلاق الحكومة الى تراجع يهدّد بالانحدار، آخذة بالتحوّل الى كتل نارية، من المؤكد أنه في ظل فشل التسوية حولها أنها ستؤول الى تعميق الهوّة، وجعل الأزمات عصيّة على المعالجة:
1- الجلسة التشريعية ما تزال في عالم الغيب، وفقاً لنائب بارز في كتلة «المستقبل»، والتصريحات التي أدلى بها كل من الوزير خليل والنائب أحمد فتفت تكشف أن العقدة العالقة هي مسألة قطع الحسابات من السنوات الماضية، من 2005 الى 2014، حيث يرفض وزير المال أن يشمل قطع الحساب سنوات حكم الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة، وأن تقتصر فقط على سنة 2012 وما بعدها، أي مرحلة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
2- رواتب موظفي القطاع العام أصبحت رهينة «يقظة» الوزير خليل على أهمية تطبيق القانون، والمطلوب من الموظفين ليس قبض رواتبهم، بل التحرك باتجاه الكتل النيابية لعقد جلسة وصدور تشريع بزيادة اعتمادات رواتبهم، وإلا فلتتحمّل كتلة «المستقبل» المسؤولية.
3- أدّى الخلاف على ملف الجامعة اللبنانية (عمداء وتفرّغ) الى تأجيل دعوة مجلس الوزراء الى عقد جلسات، وانتقلت المعالجة من بتّ هذا الملف الى إنقاذ الحكومة من براثنها.
4- أما سلسلة الرتب والرواتب فأصبحت مادة في المشاورات التي بدأها المفاوض الوسطي وزير الصحة وائل أبو فاعور بتكليف من النائب وليد جنبلاط الذي أقنعه النواب غازي العريضي، هنري حلو، علاء ترّو بأن لا يقف في وجه هيئة التنسيق، وأن يسعى لتدوير «زوايا الأرقام» سواء مع وزير المال أو مع رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة، والمسألة متوقفة عند قبول الهيئة ومعها 8 آذار بزيادة 1 في المائة على الضريبة على القيمة المضافة T.V.A.
أما في السياسة، فقد أضاف جنبلاط الى الفراغ الرئاسي الرهيب، أو الخواء الخطير والذي يدخل بعد خمسة أيام شهره الثالث، موقف تحدي بإعلان بقاء مرشحه النائب هنري حلو في الساحة، رداً على الأصداء التي بلغته من النائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع إزاء اقتراحه بسحب ترشيحهما مع الرئيس أمين الجميّل والنائب سليمان فرنجية لسحب حلو من الترشح للانتخابات، فأعلن تمسكه بترشيحه، وردّ حلو على هذا الموقف بإعلان أن اتصالاته مع جنبلاط دائمة، وأن ليس كل ما يصدر في الصحف دقيق لجهة ما ينسب الى جنبلاط عن استعداده لسحب ترشيحه.
وقال حلو، رداً على سؤال لـ «اللواء» «أنا أنتمي الى كتلة والقرارات التي تتخذها تتم بالإجماع»، مشيراً الى أن التحرك الذي يقوم به في اتجاه القيادات السياسية لم ولن يتوقف، كاشفاً عن مواصلته الأسبوع المقبل أو الذي يليه.
خطاب الحريري
ووسط انسداد أفق المعالجات، سواء على صعيد الاستحقاق الرئاسي، أو الملفات العالقة التي تتسبب في شلل المؤسسات وتعطيلها، تتجه الأنظار إلى الكلمة التي سيلقيها الرئيس سعد الحريري في الإفطار المركزي الذي يقيمه تيّار «المستقبل» في «البيال» غداً الجمعة بالتزامن مع إفطارات لمنسقيات المناطق كافة.
وإذ رجحت بعض المعلومات أن تتضمن كلمة الحريري مبادرة مهمة من شأنها إحداث خرق في أفق الاستحقاقات الداخلية، رفض نائب في كتلة «المستقبل» تسمية ما سيطرحه الرئيس الحريري بالمبادرة، مكتفياً بالقول انه «طرح معين»، مشيراً لـ «اللواء» إلى «اننا حتى لو كنا نعلم فليس من حقنا الكشف عمّا سيقوله».
الا أن المعلومات الخاصة بـ «اللواء» كشفت أن كلمة الحريري ستكون بمثابة خارطة طريق يضمنها مقترحات للخروج من الأزمة ترتكز بشكل أساسي على الإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقال النائب فتفت الذي شارك في الاجتماعات التي عقدت بين قياديي «المستقبل» والرئيس الحريري في المملكة العربية السعودية، أن بيان كتلة «المستقبل» ليس بعيداً عن مضمون كلمة الحريري غداً، موضحاً ان البحث تركز على السياسة والأمن، ولا سيما وضع طرابلس، كاشفاً عن خطوات عديدة تفصيلية على الصعيدين السياسي والانمائي تم التوافق في شأنها، ستعلن خلال الساعات المقبلة، من بينها حل قريب لموقوفي طرابلس برعاية الحريري بحسب النائب محمد كبارة الذي شارك أيضاً في لقاءات جدّة.
مقاربة مالية للسلسلة
إلى ذلك، علمت «اللواء» أن وفداً من الحزب التقدمي الاشتراكي ضم الوزير أبو فاعور والنائب هنري حلو وأمين السر العام في الحزب ظافر ناصر، زار أمس الرئيس فؤاد السنيورة في مكتبه في بلس، في حضور النائب غازي يوسف، وذلك لمناقشة أرقام سلسلة الرتب والرواتب، بناء على اجتماع النائب جنبلاط قبل يومين مع هيئة التنسيق النقابية، والذي وعدهم خلاله البحث مع كل الاطراف المعنية إيجاد حل لهذه المسألة.
وسبق الزيارة لقاء مماثل عقده الوفد مع وزير المال علي حسن خليل أمس الأوّل.
وأوضح ناصر لـ «اللواء» أن الزيارة تأتي في إطار سعي رئيس الحزب للتشاور مع المعنيين في موضوع سلسلة الرتب والرواتب ووجهات نظرهم بالنسبة إلى الإيرادات المطروحة ومدى فعاليتها، مشيراً إلى ان الأمور تحتاج إلى مزيد من الوقت للنقاش، مؤكداً ان أجواء اللقاءين إيجابية لناحية التشاور والتداول في الارقام والوقوف على حقيقتها.
وقال مصدر شارك في اللقاء أن الأمور حتى الساعة لا تزال «غير ناضجة».
حوار المستقبل – برّي
ومع أن العلاقة بين كتلة «المستقبل» والوزير خليل تعرّضت أمس إلى انتكاسة، في ضوء ردّ وزير المال على بيان الكتلة الذي اقفل باب النقاش حول تشريع فتح الاعتماد لتغطية رواتب الموظفين في الدولة، بحسب خليل، فان الاتصالات بين «المستقبل» والرئيس نبيه برّي لم تتوقف. ووفقاً لمعلومات «اللواء» فان اجتماعاً ثالثاً سيعقد في غضون الساعات المقبلة، وقد تكون 48 ساعة، بين الوزير خليل ومدير مكتب الحريري نادر الحريري لتضييق شقة الخلافات بين الطرفين.
وكان خليل قد أكّد، رغم رده على بيان المستقبل، حرصه على استمرار التواصل، لافتاً إلى أن الحوار بينه وبين المستقبل يجب ان ينطلق من تفاهم مشترك حول حفظ المؤسسات وعملها والقوانين التي تنظمها، مؤكداً استعداده لسماع كل الآراء لكن تحت سقف الثوابت، ومشيراً إلى أن حركة الاتصالات تهدف لتأمين جلسة تبحث في سلسلة الرتب والرواتب كبند اساسي، يضاف اليها فتح اعتماد لتغطية الرواتب وطلب إجازة للحكومة من أجل شراء «اليوروبوند».
ولفت وزير المال إلى انه التقى الرئيس سلام أمس الذي لم يقل انه لا يريد أن يدعو إلى جلسة الا بعد الاتفاق، مشيراً إلى أن الرئيس سلام حريص على خلق أجواء التوافق، وهو يقوم بالاتصالات اللازمة من أجل تأمين هذا الأمر، ولا شيء يمنع ان يتم الاتفاق على جدول أعمال قريباً، وأن تتم الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء.
الصواريخ
وسط هذه الانشغالات الرسمية والسياسية، بدا أن مسلسل إطلاق الصواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة لم يتوقف، رغم الإجراءات المكثفة للجيش اللبناني وقوات «اليونيفل»، لكن اللافت أن الدفعة الأخيرة التي أطلقت مع ساعات الفجر الأولى امس، فشلت، اذ سقط الصاروخ في منطقة حرجية في وادي قيس بين بلدتي ابل السفي والخيام وأشعل حريقاً في المكان، من دون ان يصيب هدفه.
وأعلنت قيادة الجيش أن دورية عثرت قرابة التاسعة والنصف من مساء أمس على منصتي إطلاق صواريخ داخل بستان حمضيات بين بلدتي القليلة والحنية، بعد تنفيذ عملية تفتيش واسعة.
وكشفت أن مديرية المخابرات تمكنت من توقيف اثنين من المتورطين في عملية إطلاق الصواريخ، وهما فلسطينيان اعترفا باقدامهما على نقل الصواريخ إلى مكان اطلاقها، مشيرة إلى أن التحقيقات مستمرة لكشف باقي المتورطين وتوقيفهم.