يقود التبصر في ما يُروج هنا وهناك، عن نجاح «حزب الله» في السيطرة بـ»نعومة» على الداخل اللبناني بأقل كلفة ممكنة، دون الحاجة إلى تنفيذ «7 أيار»، إلى خلاصتين لا ثالث لهما، الأولى «خدمات مجانية» لدعاية «حزب الله» النفسية عن إنتصاراته، والثانية إنخراط المروجين في مهنة البحث عن إنتصارات دائمة لـ»حزب الله»، من حيث يدرون أو لا يدرون ربما!
يستشف من الخلاصتين، أن المروجين لـ»نعومة السيطرة» هم من «محبي القساوة»، وهم أيضاً بلا عناء يُذكر، يتحاملون على «تيار المستقبل» بالدرجة الأولى، ويظهرونه، بخلاف أي منطق، أو في قمة اللامنطق، بموقع من ارتضى «ترويض» مناطقه، حرصاً على عدم إزعاج «حزب الله»، كي يتسنى له التفرغ للشأن السوري!.
وبإزاء ما يبثه المروجون، عن تطويع «حزب الله» لما كان يعتبرها مناطق تشكل بيئة حاضنة للإرهاب، أي مناطق صيدا، عرسال، طرابلس، الطريق الجديدة، مجدل عنجر وسعدنايل، لا بد من وضع النقاط على حروف الحقيقة بالسياسة والأمن، كي لا «يُقدس» البعض 7 أيار ناعماً، بعد أن «مجدّه» أمين عام «حزب الله» قاسياً!.
الحقيقة الأولى تقول إن نجاح «تيار المستقبل» في إعادة الأمن إلى مناطقه ونزع فتيل التوتر منها، لا يعني أبداً تحقيق ما يصبو إليه «حزب الله»، لأن ما يصبو إليه، هو ما عمل جاهداً على تنفيذه في السنوات الماضية، عبر «حكومة الإنقلاب»، أي ضرب هذه المناطق بما تيسر من أدوات فتنة «سورية الصنع»، لتحويلها إلى مناطق «منكوبة»، وتصويرها على أنها «بؤر للإرهاب» و»حاضنة للقاعدة».
وإنطلاقاً من هذه الحقيقة، نضع بضعة أسئلة برسم المروجين:
أيهما يحقق ما يصبو إليه «حزب الله» أكثر، أن يسود «الإعتدال» في صيدا وعرسال وطرابلس وسعدنايل أو أن يسود التطرف الذي يبرر تطرف «حزب الله»، كما يفعل تطرف «داعش» و»النصرة» في سوريا؟!
أيهما يحقق ما يصبو إليه «حزب الله» أكثر، أن يسود الأمن والأمان في طرابلس، بعد 20 جولة أشرف على تغذيتها عبر حكومة نجيب ميقاتي، أو أن تبقى طرابلس مشتعلة ومحكومة أمنياً من زمرة «آل عيد» لتحقيق مصالحه؟
أيهما يحقق ما يصبو إليه «حزب الله» أكثر ، أن يبقى رفعت وعلي عيد في جبل محسن، وشاكر البرجاوي في الطريق الجديدة، أو أن يضحي بهما بعد أن استنزفهما كما يُستنزف هو في سوريا؟!
أما الحقيقة الثانية، فتُفيد بأن «حزب الله» في عز «7 أيار القاسي» لم ينجح في السيطرة على الداخل اللبناني، بدليل أن «الأمر الواقع» الذي كرسه أمنياً لم يُجبر «تيار المستقبل» و»14 آذار» على الرضوخ سياسياً، بقدر ما زادهما تصميماً على المواجهة، وإعادة الأمور إلى نصابها، كما هي اليوم، من خلال حكومة «المصلحة الوطنية» التي أنهت زمن حكومة «الفشل الوطني»، وأسقطت «الثلث المعطل»، ودفنت «الثلاثية المقدسة» إلى غير رجعة.
الحقيقة الثالثة مبنية على سؤالين ينطلقان من الحقيقة الثانية:
الأول: كيف يمكن لمن لم يرضخ لمفاعيل «7 أيار القاسي» أن يُهدي «حزب الله» على «طبق من ذهب» ما يسمونه «7 أيار ناعماً» في زمن غرقه في الحرب السورية، حيث يدفع رصيداً بشرياً ومعنوياً ومادياً يفوق بأضعاف كثيرة ما دفعه في 7 أيار 2008؟!
الثاني: هل يُعقل أن يكون هذا الفريق، أي «تيار المستقبل» و»14 آذار»، على هذه الدرجة من «الغباء» في مرحلة مفصلية، وأن يسلم لـ»حزب الله» بـ»نعومة» ما لم يستطع أن يأخذه بـ»القساوة»، رغم كل الإغتيالات و»القمصان السود» وتفلت السلاح غير الشرعي؟!
يبقى أن يقال إن أقل ما يقال عما يقوله المروجون :»مجنون يحكي وعاقل يسمع»!.