IMLebanon

خدمة الظواهري

لم يقدِّم أحدٌ الى الرئيس السوري خدمة كتلك التي نفحها إيّاه أيمن الظواهري وريث تنظيم «قاعدة» بن لادن. ما طلبه الوريث جعل الغرب والعالم الحرّ يبادران سريعاً لإنقاذ البعث «قائد الأمة وملهمها».

في الحال، يتبادر إلى الذهن خطورة رحيل الغرب وتركنا وحدنا نتخبط في ما يشبه حرب «داحس والغبراء». ذلك انه حتى الآن يبدو أنّ اهتمام الغرب بعالمنا العربي الرث، كائناً ما كان شكل الإهتمام، فقد غلَّب الميول الإنطوائية: فلنسلم وليفعل العرب ما شاؤوا.

غالبية الظنّ أنّ دعوة الظواهري إلى «جبهة النصرة» لعدم محاربة «داعش» يعني في مكان ما أنّ «الجيش السوري الحر» بأطيافه المختلفة لم يعد موجوداً، وأنّ الحرب في سوريا طويلة وطويلة جداً، وقد تتكاثر وتتقلب أطوارها على قاعدة رؤية كثر في معاداتهم للغرب بوصفه «استعماراً».

والدليل الأفضح على ذلك، نجده في مقالات بعض الصحافيين والجماهير «الغفورة» التي لم يعنِ لها شيئاً في حكم آل الأسد أكثر من أربعة عقود سوى الشعارات، ومن دون أن يستفزّها الفشل في استعادة اربعة سنتيمترات من الجولان المحتل.

الأسوأ أنّ هدير الجماهير «الخائفة من الإستعمار الذي بنى نواة دول بلا أن يعني لها شيئاً الحكم العثماني لمدة 400 عام»، هو من يقود النخب السياسية ويرفع من شأن السياسة القائمة على فكرة مفادها، أنّ السياسة تقوم على «باب الحارة وقبضاياتها» وانها – أي السياسة – ليست علم بناء الدول.

كما أنّ الأسوأ من كل ما عداه يكمن في بعض التحليلات السياسية والصحافية التي تنطوي على بُعدٍ تآمري يحسم بأنّ للغرب كل القدرة على معالجة وحل مشاكلنا، ويختزل قدراتنا إلى العدم. فنحن أفراد وجماعات بحسب هذه التحليلات والمطالعات، ليس لنا أيّ قدرة أو تكوين إجتماعي أو ثقافي يجعلنا قادرين على اشتقاق خط ثالث مغاير لما هو مطروح. وبهذا المعنى لا يترتب علينا تقديم أيّ جديد، وفي هذا تحقيرٌ للذات.

هكذا، فإنّ ما يقدمه أيمن الظواهري ومعه «جبهة النصرة» يعني قبل أيّ شيء، شيوع ثقافة المعاداة للمرأة والموسيقى والرسم والنحت وللتطور التعليمي والأكاديمي، فضلاً عن التفسّخ المذهبي والمناطقي. ومَن لا يصدّق، عليه قراءة الوقائع في أفغانستان والعراق، أو الترحّم على زمن الديكتاتوريات.