IMLebanon

خريطة طريق رئاسية؟!

 

بقدر ما حدد رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري المطلوب لاخراج لبنان من محنته، بقدر ما ظهر كل شيء في البلد وكأنه في حاجة الى اصلاح، لاسيما ان خريطة الطريق التي اشار اليها الحريري اكدت بشكل مطلق ان الشغور الرئاسي  في لبنان يكاد يكون اساس المشكلة العالقة التي تتطلب معالجة مباشرة، اضافة الى طي صفحة الكلام على التمديد لمجلس النواب، بحسب ما كان حديث عنه، وكآن البلد في حال طبيعية لا تحتاج الى من يصحح الخلل فيها، ومن ضمنه ضلوع حزب الله في الحرب السورية واهمية عودته الى لبنان «لان المطلوب منه الكثير»!

ان الحريري عندما اعاد التذكير بأن لبنان كان في عين العاصفة،  كانت دول المنطقة تعيش ابشع ظروفها من الانقسامات والصراعات الطائفية والمذهبية، فضلا عن استمرار بعضها في معاناة الانهيار منظومات سياسية وعقائدية شكلت لسنوات طويلة ارضا خصبة لاستدعاء الفتن والارهاب والحروب الاهلية، حيث عانى هؤلاء من حال تدميرية مخيفة ومرعبة.

كما اكد الحريري ان اللبنانيين لا يحتاجون الى معجزة لكي يؤمنوا شروط  وقايتهم من الانهيار، بقدر  حاجتهم الى خريطة طريق تجسد المصلحة الوطنية والاستقرار الوطني على حساب اية مصالح وولاءات اخرى. واكد ايضا ان خريطة الطريق لحماية لبنان تقوم على ست نقاط تبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وانهاء الفراغ في الرئاسة الاولى باعتباره اولوية تتقدم على كل ما عداها من قضايا وطنية اخرى.

اما النقطة الثانية التي حددها الحريري فتقضي بتشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد ادارة المرحلة ومواجهة الاستحقاقات، بما في ذلك اجراء الانتخابات النيابية بعكس كل ما يقال عن امكان التمديد لمجلس النواب.

ومن ضمن المطلوب الذي حدده الحريري فهو انسحاب حزب الله من الحرب السورية والانصراف الى مواجهة ما هو مطلوب منه في الداخل لجهة محاربة الارهاب بكل اشكاله وتسمياته الى جانب مؤسسات الدولة العسكرية والامنية من ضمن المسؤولية الوطنية التي تقع على كاهل الدولة، وهي ليست مسؤولية جهة او طائفة معينة، حيث لا بد من خطة طوارئ رسمية لمواجهة ازمة نزوح السوريين الى لبنان وتجنيد كل الطاقات الشقيقة والصديقة لتجنب اغراق لبنان في تداعيات الازمة السورية اجتماعيا وامنيا واقتصاديا (…)

وعندما يقول الرئيس الحريري «اننا نريد الانتخابات النيابية في موعدها فلأنه يعرف ان هناك جهات تسعى الى التمديد للمجلس من غير ان تتوقف عند المشاكل التي ستطرأ جراء غياب رئيس الجمهورية، ما يعني ايضا ان المجلس سيكون من دون رئيس، وفي مجلس غير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا يعني ببساطة دخول لبنان في سيناريو انهيار الدولة الكامل!

وما شدد عليه الحريري هو تعود اللبنانيين على غياب الرئيس وغياب صورته ودوره ومسؤوليته الى حد الطعن برمزيته التي يشكلها الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الاسلامي والعربي، وقد اعاد بكلامه التشبيه ببدايات وضع الميثاق الوطني ايام رجالات الاستقلال الذين حددوا الاطار العام للدستور، من غير حاجة الى تدخل من هنا او هناك، اضافة الى ما احدثه اتفاق الطائف وما اكده اللبنانيون بعد طول مشاكل وحرب داخلية بغيضة!

وعندما يقول الحريري ان «لا فيتو على احد»، فهو يؤكد ضمنا ان الساعين الى تغيير النظام والميثاق يتطلعون الى مصالح شخصية توصلهم الى اهداف معينة اين منها المصلحة العامة ان من خلال توافق وطني او من خلال تفاهم عبر حوار شفاف «يقارب اصول التعاطي بين جميع اللبنانيين من دون استثناء»، بعد طول لعب على تعطيل مؤسسات الدولة «بحجة غياب التوافق المسيحي» مع ما يعنيه ذلك من تهديد لاسس النظام ولوجود المسلمين والمسيحيين الذي يعني وجود الدولة في لبنان!

وما يؤسف له هو جعل رئاسة الجمهورية رهينة الانتظار لمتغيرات خارجية «تراهن على اعادة تعويم النظام السوري كضرب من ضروب المغامرة بصيغة المشاركة الوطنية وبقواعد المناصفة التي كرسها اتفاق الطائف لحكم البلد بمعزل عن كل ما من شأنه تهديد المستقبل الى حد ربط نزاع بين اللبنانيين وهي ابشع مغامرة يسيرون فيها باتجاه ضرب الاستقرار وجعل وحدتهم لحل صراع لا ينتهي.

مشكور الحريري على «خطابه الرئاسي، وهيهات ان تستقيم الامور من خلال ما حدده بانه خريطة طريق تكفل انقاذ لبنان وتجنبه مخاطر الانقسام والتفتت بما في ذلك الابتعاد عن مخاطر اللعب باوراق الحاضر والمستقبل»؟!