يجتاز مجلس النواب اليوم الخطوة الأولى في رحلة الاستحقاق الرئاسي، حيث تتوزّع أصوات النواب في الجلسة التي يكتمل فيها النصاب السياسي والعددي على ثلاثة مرشحين: رئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع، وعضو جبهة «النضال الوطني» النائب هنري حلو، والورقة البيضاء. فيما يبقى اسم الرئيس العتيد مؤجّلاً بسبب عدم توافر ثلثَي الأصوات لأي من المرشحين في الدورة الأولى اليوم.
ومع اقتراب موعد الجلسة بدأت مواقف الكتل النيابية تتكشّف، بعضها في العلن وبعضها الثاني من دون إعلان، حيث أعلنت قوى 14 آذار في اجتماع استثنائي مساء أمس «دعم ترشيح الدكتور جعجع»، معتبرة أنّ هذا الترشيح «يمثّل المبادئ التي قامت عليها ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال وقوى 14 آذار»، فيما أعلن تكتل «التغيير والإصلاح» أنّه قرّر المشاركة في جلسة اليوم و«الاقتراع بورقة بيضاء»، وهو الأمر الذي ينسحب على مواقف كتل 8 آذار مثل كتلة «التنمية والتحرير» التي أعلنت مشاركتها في الجلسة، وأوضحت مصادرها لـ»المستقبل» أنها ستقترع بورقة بيضاء. كما أعلنت كتلة «الوفاء للمقاومة» مشاركتها في الجلسة من دون أن تفصح لمَن ستقترع علماً أنّ أوساط الكتلة رجّحت أيضاً الاقتراع بورقة بيضاء.
وكانت بعض كتل 8 آذار تتّجه إلى مقاطعة الجلسة اليوم لكنها عدلت عن موقفها بعد تكرار مواقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي المشدّدة على اكتمال النصاب.
وبين موقفَي 14 و8 آذار، أعلن رئيس جبهة «النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط ترشيح النائب هنري حلو باسم «اللقاء الديموقراطي» آملاً من بقية الكتل النيابية الاستجابة لنداء «اللقاء» واصفاً حلو بأنّه «صاحب تراث سياسي معروف بالحوار والاعتدال والانفتاح». أمّا النائب حلو فقال إن الرئيس القوي «هو الذي يجمع وليس لديه الجماهير، والقوة هي بالجلوس إلى طاولة الحوار مع الجميع». وكان لافتاً للانتباه مشاركة النواب مروان حمادة وفؤاد السعد وانطوان سعد في اجتماع كليمنصو، ومن ثم مشاركتهم في اجتماع 14 آذار مساء في بيت الوسط. ولدى سؤال «المستقبل» النائب انطوان سعد عن المرشح الذي سينتخبه اليوم قال «موقفي معروف أُعلن عنه غداً (اليوم)». أمّا النائب فؤاد السعد فقال لـ»المستقبل» إنه لا يعترض على ترشيح جعجع «لكن النائب هنري حلو رفيق درب وسأنتخبه، وعندما ينسحب أدعم غيره».
ورجّحت أوساط «جبهة النضال» أن يقترع للنائب حلو اليوم الرئيس نجيب ميقاتي والنواب محمد الصفدي وأحمد كرامي ونقولا فتوش، فيما بقي موقف النائبين ميشال المر ونايلة تويني غامضاً، علماً أن المر أكد مشاركته وتويني في جلسة اليوم بعد زيارة قام بها لرئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكانت النائب ستريدا جعجع أعلنت أنّ جعجع سيحصل على أكثر من 50 صوتاً في جلسة اليوم، فيما تسعى كتل 8 آذار إلى الحصول على عدد أكبر من الأصوات لصالح «الورقة البيضاء».
من جهته، دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أمس «إلى تأمين النصاب القانوني لجلسة اليوم واختيار الأصلح والأنسب والأجدر لقيادة البلاد وتحقيق الخير العام»، متوقعاً من المجلس «أن يكون على قدر المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه، وأن يُقدم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية يستحقه اللبنانيون قبل الخامس والعشرين من أيار 2014، يكمل المسيرة على قاعدة المبادئ والثوابت والقيم».
«المستقبل»
وكانت كتلة «المستقبل» أعلنت أمس تأييدها ودعمها «ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لرئاسة الجمهورية»، وأكدت بعد اجتماعها في بيت الوسط التزامها دعم جعجع في جلسة الانتخاب اليوم في مجلس النواب، معتبرة أن برنامجه «يعبّر عن تطلعات غالبية اللبنانيين في أن تكون لهم دولة سيدة حرة مستقلة، ويشكّل انعكاساً لمرتكزات انتفاضة الاستقلال وتحالف قوى 14 آذار في مواجهة مشاريع التسلّط والسيطرة الأمنية والعسكرية»، وشدّدت على أن وحدة قوى 14 آذار في مواجهة هذه المشاريع «مسألة لا يمكن التهاون فيها بل يجب الحفاظ عليها خصوصاً مع تطور دور سلاح حزب الله وبعض قوى الثامن من آذار ليتعدّى محاولة السيطرة والإطباق الأمني على لبنان إلى المشاركة في القتال في سوريا إلى جانب نظام فَقَدَ شرعيته ومبرّر وجوده».
جعجع و «الكتائب»
بدوره، أعلن حزب «الكتائب اللبنانية» بعد اجتماع برئاسة الرئيس أمين الجميل «المشاركة في الجلسة النيابية والتصويت للدكتور سمير جعجع»، وقد اتصل جعجع بالجميل وشكر له موقفه الداعم مؤكداً أن «مسيرة الحزبين كما كانت دائماً، واحدة واحدة».
وكان جعجع أكد في مقابلة مع قناة «الجزيرة» أمس، أن «ليس هناك من رئيس توافقي أو رئيس تصادمي، فالرئيس التوافقي في لبنان يعني رئيساً يدير الأزمة أي استمرارها، أما الرئيس التصادمي فلا أعرف على مَن ينطبق هذا التوصيف، باعتبار أن أي مرشح للرئاسة يجب أن يكون لديه برنامج عمل»، ولفت الى أن «المرشحين الذين لا يملكون برامج عمل يعني أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، أي سيكونون مشلولين، ما سيؤدي إلى استمرار موقع الرئاسة في حالة الشلل، فهل هذا المطلوب؟».
فرنسا
وفيما غاب الاهتمام الدولي عن هذا الاستحقاق، بخلاف العادة، جدّدت فرنسا أمس دعوتها اللبنانيين إلى «احترام الموعد الدستوري لانتخاب رئيس جديد»، وقال الناطق باسم الخارجية رومان نادال «نحن ملتزمون أكثر من أي وقت مضى بوحدة لبنان واستقراره»، رافضاً الإدلاء «بأي تصريحات خاصة بالأفراد المرشحين لهذا المنصب».
الطفيل
على صعيد آخر انطلقت أمس خطة إغاثة بلدة الطفيل بنجاح تنفيذاً للقرارات التي اتخذت في الاجتماعات التي عقدها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والاتصالات التي أجراها مع المعنيين. وتوجّهت قوة من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي إلى بلدة «رأس الحرف»، أقرب نقطة إلى الطفيل، فيما توجّهت قافلة إلى الطفيل تضم ست آليات محملة بالمساعدات وخمس سيارات تابعة للصليب الأحمر اللبناني ووفد من وزارة الصحة وسيارتين محملتين بمادة المازوت يتقدمهم رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير. واستقبلهم أهالي الطفيل بالزغاريد ونحر الخراف شاكرين الدولة اللبنانية على اهتمامها بهم، وطالبوها بمتابعة الاهتمام.
وقال اللواء خير لـ»المستقبل» إن القافلة «نقلت 11 جريحاً من الطفيل إلى البقاع حيث توزعوا على خمس مستشفيات، كما أحضرت معها عائلتين من هناك انتقلتا إلى منزل أقارب لهم في بيروت فيما رفض بقية الأهالي مغادرة الطفيل».
أضاف أن الوفد اللبناني نقل إلى البلدة سيارة إسعاف مجهّزة قدمتها هيئة الإغاثة الإسلامية بالإضافة الى أدوية ومعدات طبية، وعُلم ان الأهالي طالبوا بتأمين مياه الشفة بسبب تلوث آبار البلدة.
وكان المشنوق عقد مؤتمراً صحافياً في مكتبه في الوزارة أمس، لفت فيه إلى أن «موضوع الطفيل أثار الكثير من الجدل غير المبرر، لكن لا بد من توضيح الخطة التي نعمل عليها بالنسبة إلى القرية التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال الأراضي السورية، يعني إذا أراد أهل الطفيل الدخول إلى لبنان، فسيكون ذلك عبر نقطة المصنع الحدودية».
وأشار الى أن «هناك خمسة آلاف إنسان في القرية نصفهم سوريون والنصف الثاني لبنانيون»، مؤكداً أن «هدف الخطة الرئيس هو تأمين الأمن والأمان للقاطنين فيها، وهذا الأمر لا علاقة له بالسياسة، لا بـ8 ولا بـ14 آذار، ولا بالنقاش حول جواز الاجتماع الذي سبق الخطة أو عدم جوازه»، وشدد على أن «المسألة إنسانية بحتة تجاه قرية لبنانية يتواجد فيها آلاف اللبنانيين تاريخياً ويجب العمل لإنقاذهم».