بعدما بات الهمّ الأمني أولويّة اللبنانيّين، جنَّدت وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية طاقاتهما لمكافحة الإرهاب ومتابعة الخطط الأمنية التي نفّذت سابقاً، واستكمال ما تبقّى منها خصوصاً خطّة بيروت.
تعمل الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بلا كلل أو ملل وبحذرٍ تام، تماشياً مع الوضع الأمني المتفلّت. ففي الظرف العادي، تُجنِّد القوى الأمنيّة قواها لمكافحة الجريمة بكل أنواعها، وخدمة المواطنين، وصولاً الى تنظيم السير على الطرق. أمّا في الأيام الإستثنائية، فتنكبّ على مواجهة الظروف الطارئة إضافة الى مهمّاتها الروتينية. ويعمل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وفق قاعدة أنّ الأمن هو أمن سياسي في الدرجة الأولى، بينما التدابير اللوجستية والتقنية هي من إختصاص الأجهزة، فكانت خطوته الأولى توحيد لائحة المطلوبين بين مختلف الأجهزة عملياً وليس صورياً، فباتت الطريق معبّدة أمام الخطط الأمنية، بغطاء سياسي واسع.
تعرف وزارة الداخلية أنّ نجاح الخطة الأمنية في طرابلس لم يكن ليحصل، لولا توافر غطاء سياسيّ إقليمي، إستغلّه المشنوق جيداً ودرَسه في أروقة الداخلية ونَسّقه مع قيادة الجيش، ونُفّذ بالطريقة التي رُسم بها، لتبقى بيروت تنتظر خطتها.
لا يمكن التلاعب بأمن العاصمة والضواحي، من هنا، تكمن أهمية الخطة الأمنية في بيروت التي تضمّ كلّ المذاهب والطوائف والقوى السياسية، ويقطنها نحو مليوني نسمة، وترتسم فيها خطوط تماس جديدة وقديمة، وأي خضّة ستؤدي الى إنفلات الوضع، لذلك، احتاجت وقتاً طويلاً للدرس المتأنّي.
وتقول المعلومات أنّ خطة بيروت مؤجلة الى ما بعد رمضان، لأنّ الناس مربكة في هذا الشهر، والحواجز ستُسبِّب زحمة إضافية، وهي لن تقتصر على بيروت الإدارية فقط، بل ستشمل الضواحي الشرقية والجنوبية، من نهر الكلب مروراً بساحل المتن والأشرفية والضاحية الجنوبية ومحيطها، وبيروت الغربية وصولاً الى خلدة. ويؤكد المعنيّون أنّ هناك عدداً كافياً من العناصر الأمنية لتغطية هذه المنطقة الكبيرة، التي ستحتاج الى ما يزيد عن 3000 عنصر، مع العلم أنّ الأجهزة يقظة في فترة رمضان، وزادت من عملها ووصلت الى الدرجة القصوى من الجهوزية، حتى لو لم يكن هناك حواجز ظاهرة. الى ذلك، لن تُعلن وزارة الداخلية عن توقيت بدء الخطة لأنّها ستعتمد عنصر المفاجأة، حيث سيستيقظ المواطنون صباحاً على وقعها.
وتوضح المعلومات أنّ عدم الإعلان عن توقيت الخطّة يعود إلى أنّ وضع بيروت مغاير تماماً لوضع طرابلس، فلو اعتمد عنصر المفاجأة في طرابلس، واعتُقل قادة المحاور، لاشتعل البلد في اليوم نفسه، لذلك أعطيت مهلة الأسبوع ليهرب من يريد الهرب، لكن بعد أسبوع سلّم قادة المحاور أنفسهم، فيما فرَّ رفعت وعلي عيد بعدما اكتشفا أنّ
الخطّة جديّة ولا مجال للعب، وهذا ما يحاول المشنوق فعله بتطبيق الأمن السياسي بيد من عسكر.
وسط هذه المعطيات، تؤكّد الأجهزة أنّ الوضع تحت السيطرة، لأنّ الإنتحاريين فشلوا في الوصول الى أهدافهم، وضاق هامش تحرّكهم من جهة، ولأنّ الأجهزة الأمنية لا تملك حتى الآن معلومات عن وجود خلايا إرهابية كبيرة تعمل على التفجير من جهة أخرى، مع أنّ الخطر قائم في أي لحظة، وإضافة الى هذا كلّه، تعرف الداخلية من خلال تحرّكها السياسي واللقاءات، أن لا قرار إقليمياً بتفجير الوضع اللبناني، وهذا ما يؤكّده السفراء دائماً خلال جولاتهم على المسؤولين اللبنانيين.
بين بيروت وطرابلس والبقاع، تعمل وزارة الداخلية على قمع أي خللٍ أمني، لتأمين نجاح الخطة المرجوة وتشغيل المحرّكات التي كانت متوقفة، مع تشديدها على الأمن السياسي الذي طالما شكّل مدخلاً للإستقرار، مع معرفتها أنّ قرار التهدئة الإقليمي قد يهتزّ في أيّ لحظة، لكن ليس الآن.