خطّة بكركي لإنقاذ الإستحقاق : بقاء سليمان وانتخابات نيابيّة مُبكّرة 14آذار تُؤيّد
. برّي وجنبلاط يتريّثان حزب الله يرفض. والوطني الحرّ «يتحجّج»
مع غياب المؤشرات الايجابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل 25 الجاري نتيجة «تكرار» مسرحية جلسات الانتخاب، واخفاق كل الجهود والمساعي المبذولة على خطوط المواصلات الداخلية في تأمين وفاق الحد الادنى بين القوى المسيحية على هوية الرئيس العتيد، بدأ منسوب «الخوف من الشغور» والقلق من «المجهول» الذي ستدخل فيه البلاد يرتفع، في ظل المعطيات والمعلومات التي تصل الى بكركي عن سيناريوهات منتظرة بدأ الاعداد لها منذ مدة.
مصادر مطلعة على اجواء الصرح، تحدثت عن خيبة امل وغضب لدى البطريرك نتيجة ما آلت اليه الاوضاع، بعد تراجع القادة المسيحيين، عن تعهدهم بالعمل معا من أجل منع الفراغ في الرئاسة الأولى، في اطار التنافس الديمقراطي في ما بينهم، لإيصال أحدهم الى الرئاسة تحت عنوان «الرئيس القوي»الذي مهمته الاساسية استعادة التوازن في المؤسسات العامة وتحسين ظروف مشاركة المسيحيين في القرار الوطني بعد التهميش الكبير الذي لحق بهم منذ عام 1990 وأدى الى انحسار الحضور المسيحي عن الدولة وهيئاتها،ما يضع الكيان اللبناني كله بخطر دافعا باتجاه تغييرات جذرية في تركيبة النظام والسلطة، ما سيترك اثره على مسيحيي الشرق ككل، مؤكدة ان الاستهتار وقلة المسؤولية في التعاطي مع المحطات الكبيرة شكلت دائما نقطة مشتركة عند القادة السياسيين الذين بدوا مصالحهم الآنية على المصلحة الوطنية والمسيحية العليا،ما اوصل الاوضاع الى ما هي عليه اليوم.
وتؤكد المصادر ان معطيات توافرت لدى البطريركية بالتواتر،حملها احد النواب واكدتها احدى العواصم الاوروبية،الناشطة على خط الاتصالات الاقليمية، عن سعي اطراف لبنانية لاحداث فراغ في البلاد بالتزامن مع احداث امنية، وصولا لطرح اعادة النظر بالصيغة وتقاسم السلطة ،في اطار صفقة شاملة ترسم الحدود الجغرافية لنفوذ القوى الاقليمية ،التي يندرج في سياقها كلام مستشار مرشد الثورة الاسلامية حول ان حدود ايران هي جنوب لبنان.
معلومات حملها الى روما سيد بكركي، واضعا قيادات الفاتيكان في اجوائها، وفي نتيجة اتصالاته بالاطراف المسيحية، مبلغا المسؤولين الذين التقاهم عجز القيادات المسيحية عن التوصل الى اتفاق او تطبيق تعهدات كان سبق واعطوها، في موازاة اتصالات فرنسية – اميركية – فاتيكانية -روسية، على اعلى المستويات ،عنوانها العريض منع الشغور في رئاسة الجمهورية والمحافظة على دور وحضور المسيحيين في لبنان، انتجت حراكا اوروبيا باتجاه عدد من العواصم الفاعلة في المنطقة في مقدمتها الرياض وطهران، لما لهما من دور مؤثر في اخراج الاستحقاق الرئاسي اللبناني من دائرة التجاذب الطائفي المتحكم بقضايا المنطقة، مهددا الميثاقية التي حكمت لبنان وحافظت على تعدديته الطائفية.
في هذا الاطار يشير المطلعون الى سلسلة اتصالات ومشاورات اجرتها بكركي بعيدا عن الاعلام، بشخصيات سياسية ودستورية، في محاولة لايجاد آلية دستورية تمنع الشغور في الرئاسة الاولى مهما كان الثمن، حتى لو كلف الامر بقاء الرئيس ميشال سليمان، والوسيلة القانونية التي تكفل ذلك، وفقا للصيغة التي تلقى تأييد اكثرية القوى، حيث تؤكد الاوساط المتابعة لاجواء بكركي ان حركة الاتصالات الجارية حاليا تتركز حول هذه النقطة، التي حازت على مباركة القوى الخارجية الفاعلة، وتأييد قوى الرابع عشر من آذار الذي نقله الى الصرح امين مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، فيما تريث كل من الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط في ابلاغ موقفهما، علما ان جنبلاط أبلغ الرئيس امين الجميل تمسكه بترشيح النائب هنري حلو وقوى 8 آذار تمسكها بمرشح من داخلها، فيما رمى «التيار الوطني الحر» كرة المسؤولية والقرار على حزب الله، الرافض بالمطلق بقاء الرئيس سليمان وتعديل الدستور، اقله حتى الساعة، الا حال كان لمصلحة انتخاب قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وفي تفاصيل الطرح الذي اعدته الدوائر القانونية في الصرح البطريركي، تعديل الدستور وفقا لصيغة تتيح بقاء الرئيس سليمان في بعبدا الى حين انتخاب رئيس جديد مهما طالت او قصرت المهلة، استنادا الى المادة 74 من الدستور التي تحدّد اسباب الشغور في سدة الرئاسة، وهي أسباب استثنائية مثل وفاة الرئيس او استقالته، دون ان تلحظ سببا آخر كعدم تمكن النواب من الاتفاق على مرشح، باعتبار أن مثل هذا السبب يعتبر منافيا للممارسة الديموقراطية السليمة. بل إن تلك المادة إستبعدت هذا النوع من الشغور ووضعت الآليات الضاغطة لتأمين الانتخاب. فنصت على أنه: «إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس او استقالته أو سبب آخر، فلأجل إنتخاب الخلف، يجتمع المجلس فورا بحكم القانون. وإذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلا تدعى الهيئات الانتخابية دون إبطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الاعمال الانتخابية».
عليه فان سيناريو بكركي المدعوم فاتيكانيا، يقضي بحسب المصادر، بالدعوة لجلسة نيابية عامة لتعديل الدستور بما يسمح لسليمان بالبقاء في منصبه الى حين انتخاب رئيس جديد،وثانيا تعديل قانون التمديد للمجلس النيابي والدعوة الى انتخابات تشريعية ،يقوم بعدها المجلس الجديد بانتخاب الرئيس العتيد.
مصدر دبلوماسي غربي اكد ان دول القرار التي تراقب الاستحقاق اللبناني بحذر، بعدما فوضت فرنسا التحرك على خط معالجة المعوقات التي تحول دون انجازه، لا تعارض هذا الطرح، مذكرا في الدرجة الاولى، بمسؤولية القادة المسيحيين، الملزمون بتقديم ما يجب من تنازلات في سبيل انجاز الاستحقاق وتجاوز بعض المصالح الشخصية من خلال الخروج من الاصطفافات السياسية التي اثبتت فشلها، من زاوية الخوف من ان تصيب شظايا الفراغ الاستقرار الامني الذي يشكل خطا احمر دوليا يمنع المس به او تجاوزه.
حتى الساعة لا شيء يشير الى ان اتصالات البطريرك الماروني ستوصل الى نتيجة،في ظل الالتزامات الداخلية باجندات اقليمية تتقاطع معها،حيث برز بقوّة في الأيام الاخيرة التلازم بين مشهد انسداد الافق الرئاسي ،والأصداء المتصاعدة للزيارة التي سيقوم بها البطريرك الماروني للاراضي المقدسة،التي ربطت جهات مقربة من بكركي، الحملة التي تطاول الراعي بموقفه من الاستحقاق، ما يضع المشهد المسيحي برمّته في عين العاصفة ولو من باب تحمل الجهات المسيحيّة مسؤوليّة تاريخيّة في تحويل الفراغ على مستوى الرئاسة الأولى الى عادة كلّ ستّ سنوات.
يقول نائب في قوى 14 آذار ممازحاً، ردّاً على سؤال عن التسوية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي انه في العام 1989 ذهبنا الى الطائف، وفي العام 2008 الى الدوحة، أما في العام 2014 فإنّ العاصمة الوحيدة القادرة على جمع التناقضات اللبنانيّة هي مسقط، في إشارة الى دور الوساطة الذي تقوم به عمان بين السعودية وايران. فهل تصح الرؤيا فنشهد ولادة الجمهورية الثالثة الشيعية ، بعدما خبرنا الاولى المارونية والثانية السنية؟