خطّة طوارئ لمواجهة عرسال-2 بعد فقدان جندي وجرح آخر
إتصالات المشنوق تركز على حقيقة بيان «داعش» .. والحجيري لـ«اللــواء»: طرف ثالث يورّط الجيش
عرسال-2، التي اعادت الى الواجهة الاشتباكات بين الجيش اللبناني والمسلحين السوريين، بعد توقف استمر اكثر من ثلاثة اسابيع، حولت جلسة مجلس الوزراء امس، الىغرفة عمليات لمتابعة وقائع المواجهة التي اسفرت عن مقتل عدد من المسلحين، فيما جرح عسكري واحد وخطف آخر، عندما تعرضت دورية للجيش اللبناني لكمين في وادي الرهوة في عرسال عند الحادية عشرة من قبل ظهر امس وكان بداخل «البيك آب» خمسة عسكريين.
ولم يقتصر الذعر على اهالي عرسال والقرى المجاورة، بل اصاب الوزراء الذين تطرقوا الى الوضع في هذه البلدة، في ضوء تجدد الاشتباكات، وفي ضوء ما نقله وزير التربية الياس بو صعب عن وزير الداخلية نهاد المشنوق، من ان آلافاً من مسلحي «داعش» يرابطون عند الحدود اللبنانية – السورية لجهة بلدة القلمون السورية.
وفيما قلل احد الوزراء من شأن ما حصل، واصفاً الاشتباك بأنه حادثة محدودة وليس معركة، على غرار ما حصل في عرسال -1، اعتبر وزير الصناعة حسين الحاج حسن (حزب الله) ان المنطقة كانت ستسقط في الخطر التكفيري لان البعض اراد اسقاط النظام السوري، مصراً على بحث موضوع عرسال والعسكريين المخطوفين في جلسة الامس.
وكشف مصدر مطلع ان الجيش اللبناني ارسل تعزيزات لدعم اللواء الثامن المنتشر في المنطقة، تحسباً لأي مفاجآت عسكرية، بالتزامن مع تسلم الجيش كمية من الاعتدة والذخائر المقدمة من السلطات الاميركية اليوم، بالتنسيق بين قيادة الجيش والسفارة الاميركية في بيروت.
مجلس الوزراء
وكانت قضية عرسال، في ضوء تجدد الاشتباكات وتعثر مفاوضات استعادة العسكريين المخطوفين قد استأثرت بنصف وقت الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء التي استمرت ست ساعات ونصف الساعة، وتركزت مداخلات الوزراء على توفير كل الدعم السياسي والمعنوي للجيش والتضامن الوزاري حول دوره في الدفاع عن البلاد.
وتطرق بعض الوزراء الى مصير الهبة السعودية وكيفية ترجمتها، وأكد الرئيس تمام سلام ان كل الدعم للجيش لمواجهة الارهاب، داعياً الى التضامن الكامل داخل الحكومة والالتفاف حول المؤسسة العسكرية، مشدداً على ان الجهود لم تتوقف لتحرير العسكريين المخطوفين واعادتهم الى ذويهم.
وفيما لم يطرح موضوع تفويض المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم للتفاوض في شأن تحرير العسكريين، بحسب ما اكدت المصادر الوزارية، علمت «اللواء» ان وزير الداخلية نهاد المشنوق قدم خلال الجلسة تقييماً امنياً كاملاً لعملية عرسال، مدافعاً بقوة عن قائد الجيش العماد جان قهوجي في وجه الحملات التي تعرض لها قائلاً «انه انقذ السلم الاهلي والمدنيين في عرسال».
ثم قال موجهاً حديثه الى الوزراء «بعيداً عن الصراعات الرئاسية والسياسية، فإن البلد يواجه مخاطر وتحديات كبيرة، وقضية عرسال لم تنته بعد، وهناك ثلاثة او اربعة آلاف عنصر من داعش يتجمعون على الحدود، مما يدعونا الى التنبه والحذر مما قد يتعرض له البلد»، مشيراً الى ان هذا الوضع يحتاج منا الى وضع خطة طوارئ للصمود والمواجهة، من دون ان نغرق في تفاصيل وازمات داخلية صغيرة.
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس سلام وافق الوزير المشنوق على تقييمه الامني، مؤكداً ان المسؤولية الوطنية تفرض علينا تضامناً كاملاً داخل الحكومة من اجل تثبيت الامن وتحرير العسكريين المخطوفين، واصفاً هذا الموضوع بأنه حساس ودقيق وينبغي متابعته بسرية تامة حفاظاً على سلامتهم.
وتقرر إزاء ذلك، أن يرأس الرئيس سلام، خلال الأيام الثلاثة المقبلة، اجتماعاً امنياً لبحث خطة الطوارئ التي اقترحها الوزير المشنوق من أجل عرسال والعسكريين المخطوفين، فيما أوضح وزير العمل سجعان قزي لـ «اللواء» ان الجلسة التي تقرر عقدها يوم الثلاثاء المقبل لمجلس الوزراء ستخصص لبحث مسائل مالية تتعلق بسلفات خزينة للوزارات وسندات خزينة، في حين تخصص جلسة الخميس العادية لجدول الاعمال.
وكان نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل قد عرض للوضع الأمني وحاجات الجيش وضرورة معالجة التجاوزات في التغطيات الاعلامية للأحداث، وأعلن وزير الخارجية جبران باسيل ان تدخل المجتمع الدولي لمحاربة الارهاب يشكل حماية للبنان ومؤازرة مهمة للجيش التي يقوم بها دفاعا عن لبنان، ثم عرض باسيل مصير الرسالتين الموجهتين باسم الدولة اللبنانية إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية بخصوص العدوان على غزة والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في الموصل.
وختم الرئيس سلام هذه المناقشة بالقول انه بشأن مفاوضات تحرير العسكريين المخطوفين، فان الحكومة لن تتخلى عن واجب بذل قصارى جهدها في هذا السبيل ودعم الجيش والقوى الأمنية في تصديهم للارهاب والدفاع عن لبنان.
وبعد ذلك، انتقل مجلس الوزراء في النصف الآخر من الجلسة إلى مناقشة المواضيع الواردة في جدول الأعمال، واتخذ بصددها، وأبرزها الموافقة على مرسوم يتضمن أحكاماً استثنائية خاصة بامتحانات العام 2014 للشهادات الرسمية التي تصدرها وزارة التربية والتعليم وبمتابعة المرشحين لها لدراساتهم العليا.
ذبح العسكري
وبطبيعة الحال، لم يكن مجلس الوزراء منعقداً، عندما تواتر على مواقع التواصل الاجتماعي، نبأ تنفيذ «داعش» لتهديدها بقتل أحد جنود الجيش الأسرى لدى تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي استدعى من وزير الداخلية عقد اجتماعات واجراء اتصالات مكثفة لمتابعة وتقييم الوضع، والتأكد من حقيقة ما بث عبر «التويتر».
وشملت اتصالات الوزير المشنوق الرئيس سلام والمفتي المنتخب الشيخ عبد اللطيف دريان وقائد الجيش ونواب الشمال.
ولفت الوزير المشنوق لـ «اللواء» إلى انه حتى منتصف الليل لم تكن الاتصالات قد تأكدت من حقيقة ما أعلن، لكن قيادة الجيش شكلت لجنة من الخبراء لفحص الصورة التي نشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التأكد من الحقيقة.
وكان المدعو «ابو مصعب» حفيد البغدادي، وهو أحد عناصر «داعش» في ريف دمشق وجبهة القلمون قد غرد على موقع «تويتر» معلناً عن قتله لأحد عناصر الجيش اللبناني، وقد ارفق الخبر بصورة عن عملية الذبح.
ثم نشرت حسابات تعتبر من داعمي «داعش» صورة لشخص مقطوع الرأس قالت انه لجندي اسير من جنود الجيش اللبناني.
وأشار مقربون من «داعش» أن الجندي المذبوح يدعى علي أحمد السيّد وهو ابن مختار فنيدق في عكار، الا أن أي بيان رسمي لم يصدر عن التنظيم الموصوف بالارهابي، الا أن الصفحات التي يتبناها نشرت الخبر وعممته مذيلة بعبارة: «تم بحمد الله جز رقبة عسكري من الجيش الصليبي على يد الدولة الاسلامية، وسيصدر بيان أو فيديو من مؤسسة رسمية والله غالب على أمره».
وعلى اثر انتشار نبأ ذبح العسكري قام شبان في بلدة برقايل في عكار بقطع الطريق العام لبعض الوقت تضامناً مع الجيش واستنكاراً لقتل الجندي السيد.
كما نفذ أهالي «مشحة» العكارية مسيرة بالسيارات إلى ساحة حلبا وقطعوا الطريق تضامناً مع الجيش، مطالبين بالإسراع بإطلاق سراح العسكري المخطوف لدى المسلحين ابراهيم شعبان، فيما أمل النائب السابق وجيه البعريني ألا يكون خبر ذبح العسكري من بلدة فنيدق صحيحاً.
الحجيري: توريط الجيش
في هذا الوقت، قال رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في اتصال مع «اللواء» أن الأوضاع في عرسال هادئة وطبيعية، وإن يكن بعض من له عمل أو مصالح في الجرد لم يعد الى عمله بشكل طبيعي نظراً لوجود مسلحين وبسبب حدوث اشتباكات بين الجيش والمسلحين.
وحول ما حدث أمس، قال: هناك قضايا مريبة تحدث، فالجميع تحدث عن اشتباكات في وادي الرهوة وهذا ليس صحيحاً، لأن الجيش ليس موجوداً في هذا الوادي، كما أن حاجز وادي حميد يعتبر جغرافياً في قلب عرسال، لافتاً الى أن الاشتباكات حدثت مع الجيش عن بعد، والقصف كان يبعد عن مواقع الجيش ما بين 500 و300 متر، ويبدو أن هناك من يسعى الى توريط الجيش مرة أخرى مع المسلحين السوريين، وهذا الطرف ليس له مصلحة بأن تهدأ الأحداث في عرسال.
ولاحظ الحجيري «قطبة مخفية» يتحرك عبرها من يريدوه توريط الجيش وتهديد أمن واستقرار عرسال، عبر أمور مريبة تحدث، وشائعات دفعت بعض العائلات الخائفة على أولادها الى مغادرة البلدة مؤقتاً، رغم أن الأجواء طبيعية في عرسال، معرباً عن اعتقاده بأن المسلحين السوريين أخطأوا أول مرة باشتباكهم مع الجيش، وأنهم لن يكرروها، وأن قضية الجندي المفقود قضية غامضة إذ أن كلاً من «داعش» و«النصرة» نفيا تورطهما في حادثة وادي الرهوة، وليس معروفاً إذا كان مقتولاً أم هارباً.
ورداً على سؤال حول هوية الطرف الثالث الذي أشار إليه الحجيري، رفض الأخير تحديد هويته وتسميته.
سليمان
إلا أن الرئيس السابق ميشال سليمان تساءل في مقابلة مع «اللواء» عن مغزى كلام السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي عن ضرورة إحياء العمل بالاتفاقيات الأمنية بين البلدين، وهو العنوان نفسه الذي طرحه النائب ميشال عون قبل فترة من انفجار الوضع في عرسال، معتبراً أن هذا الطرح الذي يعبّر عن نفسه، يعني اعترافاً بنظام بشار الأسد وبما يرتكبه من جرائم ضد الشعب السوري.
وأعلن الرئيس سليمان في المقابلة أنه بدأ التحضير لإنشاء الجبهة السياسية التي سيطلق عليها «جبهة إعلان بعبدا»، مشيراً الى أن الأفق السياسي للأزمة الرئاسية ما زال مسدوداً، وأنه لا يراهن على التقارب السعودي – الإيراني (التفاصيل ص3)