IMLebanon

خط بياني بين العراق وسوريا ولبنان محور إقليمي يتحكّم بأزمات السلطة والتعطيل

على رغم الخطوات التي ادت الى انتخاب رئيس البرلمان العراقي فرئيس الجمهورية تالياً، توالت المعلومات عن استمرار رفض نوري المالكي كل المساعي والضغوط من أجل التراجع عن المطالبة برئاسة الوزراء العراقية لولاية ثالثة بذريعة انه يملك اكبر كتلة في البرلمان العراقي حيث فاز بـ92 مقعداً من 328 ما يؤهله وحده لتولي رئاسة مجلس الوزراء. وهو رفض كل مطالبات المراجع الشيعية كما سواها وأخيراً ايران وفق ما تم تداوله من انباء بتراجعه عن الترشح لرئاسة الوزراء على رغم انه مسؤول شخصياً ووفقاً للسياسة التي اعتمدها في ولايتيه السابقتين عن بلوغ العراق وضعاً تقسيمياً خطيراً على اثر سيطرة داعش على مناطق الغالبية السنية التي ترفض العودة تحت حكم المالكي ومطالبة الاكراد بحكم ذاتي للمناطق الكردية. ويؤشر ذلك الى ان المالكي الذي تدعمه ايران بالميليشيات والمساعدات العسكرية يستعد للسير على خطى الرئيس السوري الذي دمر بلاده للبقاء في السلطة ويستقي من تجربته عل الوقت والتطورات الاقليمية والدولية المتلاحقة تخدمه كما خدمت الرئيس السوري فتبقيه في موقعه ولو الى حين نتيجة التهاء المجتمع الدولي بمسائل اكثر إلحاحاً او نتيجة العجز او عدم الرغبة في الانخراط بمستنقعات طائفية خطرة.

وتجربة الرئيس السوري مماثلة لجهة التمسك بعدم التنحي وترك السلطة في مقابل الثورة التي قامت ضده وواجهها بالحديد والنار بذريعة ان الشعب السوري انتخبه لولاية كاملة اراد ان يتابعها حتى اللحظة الاخيرة حتى اذا لاحت نهايتها نظم ما سمي انتخابات جديدة اعاد بموجبها الشعب السوري انتخابه لولاية ثالثة. وثمة عوامل متعددة ساعدته في البقاء اكانت اقليمية مستنداً في شكل أساسي الى فشل تجربة الاخوان المسلمين في مصر وامساك الرئيس عبد الفتاح السيسي بالسلطة الى جانب الدعم الايراني والروسي المستمر او بالاستناد الى تطورات مماثلة للتطورات العراقية وسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق كبيرة. في اي حال فان ورقة الاسد تبقى كما ورقة المالكي هي الأساس اي التذرع بالانتخابات باعتبار ان الانتخابات تفترض انها تعني الوصول الى السلطة عبر وسيلة ديموقراطية وشرعية يصعب على المجتمع الدولي رفضها وفق المنطق الذي ينادي به.

من العراق وصولاً الى لبنان وعلى رغم اختلاف المواقع والظروف، ثمة ما يشابه المنطق الذي يرفعه كل من المالكي والاسد وفق ما يرى مراقبون سياسيون في المنطق الذي يستمر يرفعه رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بذريعة انه يملك اكبر كتلة برلمانية مسيحية تخوله ان يكون المرشح الاساسي والاكثر اهلية لشغل موقع الرئاسة الاولى. يقترب لبنان سياسياً من حيث شاء ام لم يشأ من المقاربات المعتمدة في العراق وسوريا. ومع ان هذا المنطق لم ينجح مع العماد عون في العام 2008 ومن غير المرجح وفق كل المؤشرات ان ينجح معه مجدداً في 2014 نتيجة رفض مضمر من غالبية الكتل النيابية ولو لم تجاهر بذلك لاعتبارات متعددة لا مجال للدخول فيها، فانه يساهم عن صواب او عن خطأ، باعتبار انه يقف في واجهة التعطيل والمسؤولية في شغور موقع الرئاسة الاولى والاستمرار في تعطيل الانتخابات ما لم ينتخب هو رئيساً باعتبار انه يقف في واجهة التعطيل اكانت هناك اسباب اقليمية او محلية دافعة في اتجاه الفراغ الرئاسي وهي أسباب موجودة وقائمة بقوة. اذ سرى منذ بعض الوقت وقبيل انفجار الازمة في العراق على النحو الدرامي الأخير ان تخلي ايران عن المالكي في العراق ربما يفتح الطريق أمام وصول الجنرال عون من زاوية ان “التنازل” الذي كانت ستقدم عليه على هذا الصعيد والذي يلبي مطالب عربية خليجية ستحاول تعويضه في لبنان باعتبار انه سيكون من غير المقبول اعادة ترئيس المالكي في العراق واعادة ترئيس الاسد في سوريا والدفع في اتجاه مرشح من المحور نفسه الى الرئاسة اللبنانية. ومع ان ايران تدفع في اتجاه اخراج المالكي من السلطة من أجل لملمة الوضع العراقي الذي يلقي باثقال كبيرة على كاهلها، فان السؤال الذي يثار في هذا الاطار بالنسبة الى المراقبين المعنيين هو الا يسري منطق انقاذ العراق بمطالبة المالكي بالتنحي على رغم الذريعة بامتلاكه اكبر كتلة نيابية تسمح له بتسلم رئاسة مجلس الوزراء في العراق على المنطق المماثل المستخدم خارجه في المنطقة من أجل انقاذ سوريا من الاستنزاف الذي تستمر فيه او الاستحقاق الرئاسي اللبناني من الفراغ مدّة اطول من مدة الشهرين حتى الآن ولو ان هذا الأخير لا يشكل على نحو اكيد هما ايرانياً. من غير المحتمل بالنسبة الى المراقبين المعنيين انه في حال صدقت ايران في دفع المالكي الى التنحي من أجل منع استنزافها في العراق ومنع انقسامه ونجحت بذلك الا تكون مطالبة باعتماد المقاربة نفسها من أجل سوريا في شكل أساسي. فغالباً ما لا يقتصر منطق معين على حالة واحدة بل تكون له ارتدادات على مسائل أخرى مماثلة خصوصاً في ظل التكامل القائم بين الازمتين العراقية والسورية.

وما يتطلع اليه المراقبون المعنيون بداية في ضوء ذلك هو المقاربة الايرانية في العراق ومدى تعبيرها عن احتمال مراجعة طهران لسياستها في العراق وهل يمكن ان تدفعها الى البحث عن حلول سياسية تتجنب الاخطاء التي ارتكبت حتى الآن لكي يبنى على الشيء مقتضاه.