IMLebanon

خلاص لبنان سيأتي من الفراغ

لان الترقيع، او ادارة الازمة، لم يعد كافياً ولا شافياً، ولأن الحقيقة وحدها تنجي، ولان ارسطو كان يقول ان الطبيعة تشمئز من الفراغ (La nature a horreur du vide) وقد جاراه في ذلك مجمل الفلاسفة، ولان العلماء ايضا يقولون انه لا يمكن الوصول الى الفراغ المطلق والنزول تحت حرارة الصفر المطلق (le zero absolu) المحددة بـ273 درجة مئوية، وتأكيدا على هذا القول، وعلى سبيل المثال، فاذا ما اقتلع انسان ضرسه دون ان يملأ الفراغ الناشىء عن ذلك، فان الضرس الى جانبه لن يلبث ان يمتد لملء الفراغ المستحدث،

ولان الأمل اضحى منعدما بانتخاب رئيس جمهورية للبنان، ليساعده على النهوض مما اصابه في تركيبته من تفكك وفساد سافر على كل الصعد بعدما تجذرت فيه كل آثار الحروب الاهلية المتشعبة والطويلة، والتي ما زالت ماثلة للأعين حتى الآن، ولأن الاتجاه، على ما يشاع، هو للتمديد للمجلس النيابي الحالي، وهنا اشاطر دولة الرئيس نبيه بري رايه اذ يقول: ما الفائدة من التمديد لمجلس غير فاعل، اللهم الا اطالة عمر الازمة التي يتخبط فيها الشعب، علما ان التمديد قد لا يحصل لأن له معارضين كثراً، وانا منهم، اذ اتمنى ان يقع بدلاً من الفراغ المقنّع، الفراغ الظاهر والرسمي الكامل الذي لا يخيفني والذي سيحدث حتما ما يملأه ويناسبه ومنه يأتي الخلاص كما سبق قوله.

ولان الفئات المتناحرة في لبنان، والتي تحول دون تقدمه، عليها عندئذ ان تنفصل عنه او تنضم الى دولة اخرى، فلا يبقى في لبنان الا من يحبه حقاً ويؤمن بقيمه السامية.

وفي كل حال، فان اللبنانيين الوطنيين الاصيلين ومعهم من يؤازرهم من المخلصين معتادون في الشدائد على الدفاع عن انفسهم ببسالة نادرة، كما اثبتوه عبر تاريخهم الطويل، ويمكنهم ايضا ان يطرقوا بشدة واصرار باب الدول اصحاب القرار حالياً، اميركا واوروبا وروسيا، لكي تساعدهم على النجاة والخلاص، اذ لا يمكن للعالم الحر والمتمدن ان يتفرج وهو صامت، على شعب بريء ومليء بالحياة، يموت ببطء، ولا بد عندئذ ان تنشأ في لبنان تركيبة اخرى مختلفة، لاحمة فئاتها بعضها على بعض وقابلة فعلاً للحياة بسلام وازدهار، منفتحة على الدول المجاورة التي لا تكن لها العداء.