IMLebanon

خيارات «المحور»…

 

الحملة المتصاعدة لقوى محور الممانعة على الائتلاف الوليد لمواجهة «داعش» والقضاء عليه، لا يمكن عملياً سوى ان توصل الى واحد من مكانين: إمّا ابقاء تلك الحملة في سياقها الكلامي الراهن على جاري العادة في اوقات الجدّ، وإما الانتقال الى دائرة تنفيذية هي القتال الى جانب «داعش»!

الطريق الثالث امام تلك القوى مفتوح عندها، قبل «داعش» ومستجداته، وسيبقى مفتوحاً حتى اشعار آخر، وهو الاستمرار في القتال المباشر الى جانب بقايا سلطة الاسد لمنع انهيارها التام، برغم تصاعد اكلاف «صمودها» والافق المسدود امام امكانية تحوله الى «انتصار».

والذي لا يُدهِش ولا يُفاجئ هو ان حملة «المحور» اعتمدت نمطين متعارضين تماماً. الاول بدأ مع سقوط الموصل في منتصف حزيران الماضي واستمر حتى عشية اجتماع جدة الاستثنائي وفيه لغة مختلفة تمام الاختلاف عن التراث المألوف للممانعة من اوله الى آخره، وتقديم اوراق اعتماد بالجملة، منها يتعلق بقبول اعتبار الاسد جزءاً من الحرب ضد الارهاب. ومنها يتعلق بملاقاة التحول الايراني الجذري من افتراض الاميركي «شيطاناً» وَجُبَ شرعاً وسياسة مقاتلته واخراجه من المنطقة والقضاء على «أطماعه التوسعية»، الى اعتباره ملاكاً مخلصاً لا تستقيم اوضاع هذه المنطقة ذاتها من دون وجوده الفاعل والمقاتل فيها!

النمط الثاني، فيه عودة الى الاصول: النظر بعدائية الى قرار محاربة «داعش» طالما ان «المحور ليس جزءاً منه، والعودة الى لغة تهويلية فارغة وبائسة زبدتها التهديد بإشعال المنطقة.. وكأنها لم تشتعل بعد؟!

الحاصل هو ان ذلك التهويل يدل على احتراق رهان «المحور» الممانع على استثمار آخر ورقتين ثمينتين يملكهما. الاولى وضع العالم امام مفاضلة مموّهة هي الاختيار بين الإرهاب او الاسد، فكانت النتيجة ان الاثنين متمّمان لبعضهما بعضاً.. والثانية هي انه لم تعد لدى سلطة الاسد اي بضاعة يمكنها بيعها لإنقاذ نفسها، بعد ان انتهت (نظرياً!) قصة المخزون الكيماوي، وبانت اكثر فأكثر هشاشة قدراتها الميدانية وتآكلها في معظم الجبهات المفتوحة!

.. لم يبقَ (منطقياً) امام ذلك «المحور« سوى الذهاب الى «داعش» والاصطفاف في خنادقه تصدياً للحملة الاستعمارية الجديدة! وفي ذلك شيء، بل اشياء، من حقائق النكبة السورية التي سهرت سلطة الاسد وحلفاؤها على تركيب كل مقوّماتها: مجزرة تلو مجزرة، وارهاباً تلو ارهاب، وصولاً الى «داعش» نفسه!