خيار التمديد للمجلس النيابي متوافق عليه ضمناً من معظم الكتل والأطراف النيابية
التئام جلسة التمديد يتطلب التفاهم المسبق لإقرار السلسلة وحل مسألة قطع الحسابات
يرفض التيار الوطني الحر التمديد للمجلس ويعتبره معارضاً لطموحاته بإنتخابات نيابية تحقق له مزيداً من المقاعد للإستمرار في ترشيح زعيمه
يرى مصدر نيابي بارز أن مسألة التمديد للمجلس النيابي الحالي لفترة جديدة أصبحت تطغى على عملية اجراء الانتخابات النيابية لدى انتهاء فترة التمديد الحالية للمجلس لقناعة معظم الأطراف السياسيين باستثناء «التيار العوني» بصعوبة اجراء مثل هذه الانتخابات في ظل الظروف المحلية المترجرجة وغير المستقرة عموماً والأوضاع الإقليمية المتفجرة والمفتوحة على شتى الاحتمالات، ولعدم قدرة السلطات المسؤولة في توفير الأجواء المؤاتية لإجراء مثل هذه الانتخابات بشكل طبيعي بسبب التوترات والمخاطر الأمنية المحدقة بلبنان جرّاء تداعيات الحرب السورية ومؤثراتها السلبية بسبب مشاركة «حزب الله» بالقتال للدفاع عن نظام الأسد، وبالطبع بسبب استحالة قيام المرشحين المحتملين بجولاتهم وزيارتهم الانتخابية المعتادة وتنظيم المهرجانات الشعبية لاستمالة الناخبين كما جرت العادة في كل انتخابات تنظم من قبل.
ويلاحظ المصدر أن تكتم الكتل والأطراف السياسية على مواقفها من التمديد للمجلس النيابي الحالي، ليست بدافع الاعتراض أو الرفض، بل على عكس ذلك تماماً، بل لتجنب إثارة الأجواء السياسية المشحونة أساساً ولعدم تأجيج الخلافات مع الرافضين لهذا الخيار ولإتاحة الفرصة للاتصالات الجارية بين الكواليس للتفاهم الضمني في ما بين هؤلاء الأطراف الموافقين على هذه المسألة المهمة وتهيئة الظروف والأجواء المؤاتية لدى الرأي العام لتسويق هذه الخطوة وتقليل الاعتراضات عليها الى أدنى حد ممكن، لا سيما وان خيار التمديد للمجلس انما هو خيار مناف للنظام الديمقراطي ولا يحظى بتأييد معظم اللبنانيين، خصوصاً في ظل التوتر السياسي القائم والتعطيل المتعمد لانتخابات رئاسة الجمهورية.
ومن وجهة نظر المصدر النيابي البارز فان نضوج قرار التمديد للمجلس النيابي يتطلب إزالة التوترات السياسية السائدة في الوقت الحاضر وتقريب وجهات نظر ومواقف الأطراف السياسيين حول المسائل والقضايا المختلف عليها والمعلقة حالياً وتحديداً قضية سلسلة الرتب والرواتب، ومسألة صرف رواتب موظفي القطاع العام التي أثارها وزير المال علي حسن خليل مؤخراً بحجة عدم قانونيتها لممارسة ضغوط على الأطراف السياسيين الرافضين لإقرار السلسلة بدون تأمين موارد مالية مضمونة لتمويلها لئلا يزداد العجز بالموازنة ويتأثر الوضع المالي سلباً بالزيادة المقترحة وتتعرض الليرة لضغوطات ومخاطر غير محمودة، وأخيراً مسألة قطع الحساب في موازنة 2013 – 2014 المطروحة على حدى من قبل وزير المال، في حين تطالب كتلة «المستقبل» النيابية وحلفاؤها بوجوب ضم قطع حساب السنوات السابقة دفعة واحدة، لئلا تبقى معلقة بلا مبرر وتستخدم في التراشق السياسي والحملات المتبادلة بلا طائل من وقت لآخر.
ويعتقد المصدر النيابي البارز أن الاتصالات والجهود المبذولة على أكثر من مستوى تهدف الى تضييق شقة الخلافات حول القضايا والمسائل المطروحة بهدف التوصّل إلى قواسم مشتركة بالحد الممكن حولها لتسهيل التفاهم بشأنها واقرارها في المجلس النيابي بأقرب فرصة ممكنة، لتبريد الأجواء السياسية إلى أدنى حدّ ممكن واسترضاء الأساتذة والمعلمين وموظفي القطاع العام ونزع كل عوامل التشنج والاحتقان من الشارع، وتحقيق هذا الأمر ليس مستحيلاً إذا تضافرت جهود كل الأطراف وصفت النوايا تجاه ما هو مطروح، لا سيما وأن هناك مؤشرات مشجعة وتبشر بإمكانية التوصل إلى تفاهمات مسبقة تؤشر لإمكانية عقد جلسة لمجلس النواب في قرب فرصة ممكنة للمباشرة بإقرار المسائل والقضايا المطروحة.
الا أن المصدر لا يزال يعتبر أن استمرار الخلافات والتباينات حول مسألة سلسلة الرتب والرواتب وقطع الحساب من دون التوصّل إلى اتفاق بشأنها، سيؤثر سلباً على الوضع السياسي العام ويدفع باتجاه مزيد من التجاذب السياسي، في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان إلى تخفيف الاحتقان القائم إلى أدنى مستوى في ظل تعثر عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ أشهر، وتفاعل الأزمات الساخنة التي تحيط بلبنان من كل جانب، وبالطبع فهذا سيزيد من التعقيدات التي تواجه عملية التمديد للمجلس النيابي لا سيما وان «التيار العوني» يرفض التمديد رفضاً قاطعاً ويعتبره متعارضاً مع طموحاته لاجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها لأنها في نظره ستحقق له اكتساب المزيد من المقاعد النيابية لصالحه، مما يؤهله للاستمرار قدماً في ترشيح زعيمه النائب ميشال عون لمنصب الرئاسة الأولى.
ولذلك، يرى المصدر النيابي أن الأطراف المؤيدة للتمديد للمجلس النيابي الحالي محكومة بالاتفاق والتفاهم في ما بينها بخصوص المسائل والقضايا الخلافية المطروحة، لاقرارها في مرحلة أولى والانتهاء من تشابكاتها لتعبيد الطريق امام التمديد للمجلس النيابي لفترة جديدة، حتى لو اقتضى الأمر تنازلات من هذا الطرف أو ذاك لأن مصلحة الجميع تبقى اقوى من كل الخلافات القائمة، في التمديد للمجلس مصلحة للجميع لأنه لا يمكن ترك البلد في الفراغ النيابي بعد الفراغ في منصب الرئاسة الأولى، وخصوصاً في ظل المخاطر والحرائق التي تجتاح المنطقة من كل جانب.