IMLebanon

«داعش»..

 

التطورات المتسارعة والصاعقة التي تجري في العراق تبدو مثل أحجيات رفيعة التعقيد والإبهام، إلاَّ بالنسبة لمن اخترعها وسبكها: المحور الإيراني المالكي الأسدي دون سواه.

كانت «داعش» ولا تزال وظيفة وشعاراً وأداة أكثر مما هي تنظيم مشتقّ من الإفرازات الطبيعية لـ«القاعدة».. في سوريا تقاتل أهل السُّنّة، وفي العراق تقاتل أهل الشيعة! في الأولى تؤدي وظيفة الاختراق الملتهب والمدمّر لقوى المعارضة السورية وتكمل معارك سلطة الأسد وأتباعه وعناصر المدَد الإيراني، العراقيين واللبنانيين والباكستانيين والأفغان وكلُّ من لبّى «النداء» المذهبي العاصف! وفي العراق تفعل العكس تماماً وتقاتل كل من اشتمل عليه ذلك البنيان الإيراني ومن دون أي تمييز!

تبدو الصورة في شكلها وكأن «الوحش» الذي صنعه محور إيران للفتك بالمعارضة السورية، عاد وانقضّ على صانعيه أنفسهم: «فرانكشتاين» العراقي خرج من دائرة التأليف والخيال والأسطورة، وصار حقيقة دموية تامّة وملموسة.

الأمر في شكله يبدو كذلك. لكنه في مضمونه يبدو أكثر استعصاء من تركيبة الغول والعنقاء والخلّ الوفي: هل هناك بالفعل شيءٌ اسمه «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»؟ أَلَمْ يَظهر على الملأ مباشرة بعد مسرحية الهروب الجماعي لمعتقلي سجن «أبو غريب» في بغداد في العام الماضي.. وبعد الإفراج المنظَّم عن كلّ المعتقلين الإسلاميّي الصبغة من سجون ومعتقلات بشار الأسد في سوريا؟ أَلَم تقدّم قوى الائتلاف السوري بيّنات ووقائع عن طبيعة وعمق التنسيق الميداني المباشر بين هذه التركيبة المسماة «داعش» وبين القوات الأسدية والمقاتلة الى جانبها؟ أَلَم ترصد آليات المراقبة الإقليمية والدولية المنصبّة فوق جبهات القتال السورية عدم تسجيل أي احتكاك مباشر أو غير مباشر بين الطرفين في مقابل عدم تفويت أي فرصة لضرب «الجيش الحرّ» وجماعة «النصرة» وكل من يقاتل سلطة الأسد؟!

بعد ذلك، أين هي «داعش» في العراق فعلياً؟ وكيف يُعقل أن تنهار قوات المالكي في ليلة واحدة وعلى مساحة توازي نصف الجمهورية العراقية أو أقلّ بقليل؟ وكيف حصل ذلك مع تلك القوات التي دخلت على مدى السنوات الماضية في شتى أصناف المواجهات وبقيت متماسكة في أماكنها؟

أيًّا تكن الأجوبة والأسرار المخفية في الذي حصل ويحصل وسيحصل، فإن ذلك كله لن يغيّر في الاستنتاج القائل إن العراق اشتعل مذهبياً وإن المسؤول الأول عن وصوله الى هذا الفرن ليس سوى المالكي ومريديه وأسياده في طهران.

«داعش» وظيفة في سوريا، لكنها في العراق صارت اختزالاً لغوياً لكل مدينة وبلدة وقرية ودسكرة وعشيرة وعائلة ورفضت وترفض سياسات المالكي بالتفصيل والإجمال!

.. وذلك في أي حال، ليس إلاّ الشكل في هذه الأحاجي الفظيعة!