IMLebanon

“داعش” صنيعة “ربيعهم”

مع التمدد السريع لتنظيم “الدولة الاسلامية” من الموصل العراقية الى عرسال اللبنانية وما بينهما سوريا، سؤال واحد على ألسنة الناس: من كان وراء هذا التنظيم الذي يمتلك كل هذه القوة والذي يستطيع بين ليلة وضحاها ان يفتت دولاً ويجتاح مساحات هي أكبر من مساحات الكثير من دول المنطقة؟

من المعروف ان التنظيم لم يظهر فجأة وان جذوره ضاربة في تنظيم “القاعدة” الام بعد الغزو الاميركي للعراق، لكن التنظيم كان عند اندلاع احداث ما سمي “الربيع العربي” في سوريا، محاصراً في اجزاء محدودة ومطارداً في بعض مناطق العراق. ومع تسارع دبيب الفوضى في سوريا انتقل التنظيم الى سوريا قبل ان ينقسم الى “جبهة النصرة” وما اصطلح على تسميته قبلا “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش) ومن ثم ليصير بعد اجتياح الموصل ” الدولة الاسلامية”.

وفي حين اعتبرت المعارضة السورية ان “داعش” صنيعة النظام، وقالت دول الخليج العربية إن “داعش” صنيعة ايران، وذلك بهدف تشويه “الثورة” السورية، سادت هذه المقولة السطحية الى ان بدأت المعارك تتسع بين الجيش السوري و”داعش” في الرقة والحسكة ودير الزور وريف حلب. واصحاب المقولة نفسها مربكون اليوم حيال الجهة التي يجب ان يلصقوا بها “داعش” بعدما تبين خطأ ما ذهبوا اليه من استنتاجات عن العلاقة بين هذا التنظيم والنظام السوري.

ولئلا يقع هؤلاء في مزيد من الحيرة ، عليهم البحث في المناخات السياسية والامنية التي أفضت الى “داعش” وغيره من التنظيمات الجهادية التي تخشاها الدول الاقليمية اليوم وتعلن الحرب عليها. وبعودة سريعة الى الوراء يتبين بوضوح ان سنوات “الربيع العربي” هي سنوات ربيع “داعش” وكل الاصوليات الدينية المتطرفة التي نمت في ظل الفوضى وتخريب الدول التي كانت قائمة، علما بانه لا يختلف اثنان على ان هذه الدول كانت دولاً قمعية واستبدادية ولا تعرف الحرية ولا الديموقراطية.

والدول التي تعلن الحرب على “داعش” اليوم هي نفسها الدول التي امعنت في تخريب الدول التي نما فيها التنظيم. هي الدول نفسها التي خربت ليبيا من غير ان تعرف كيف تبني ليبيا أفضل من ليبيا معمر القذافي. وهي الدول نفسها التي خربت اليمن من غير ان تتمكن من ايجاد يمن أفضل من يمن علي عبدالله صالح. وهي الدول نفسها التي خربت سوريا من دون ان تعرف كيف تبني سوريا افضل من تلك التي كانت قائمة. وهي الدول نفسها التي خربت العراق ولم تعرف كيف تبني آخر افضل من ذلك الذي كان قائماِ.

بعد ذلك لا يجوز السؤال “داعش” صنيعة من؟