IMLebanon

«داعش» لا تخدع جعجع وإرهابها «وجهة نظر»!

لا ينبغي لأهالي مدينة محردة، التي تضم أكبر تجمعات طائفة الروم الارثوذكس في سوريا، الخوف من تهجيرهم أسوة بالسريان والأشوريين في سهل نينوى. ولا يفترض باللبنانيين الخشية من «داعش» و«النصرة» رغم خطفهما 36 عسكرياً وقتلهما العشرات. سمير جعجع فضح لعبة «مجموعة الزعران المنحرفين»: هؤلاء «كذبة كبيرة»!

تخوض «داعش» حرباً فعلية مع الجيش في عرسال وتقتل عشرات الجنود اللبنانيين وتخطف 36 عسكرياً، لكن خطرها يبقى «غير جدي» بنظر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لأنها تفتقر الى «مقوّمات الدفاع». يمكن تنظيم «الدولة الاسلامية» أن يرعب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الا أن «هذه الكبسولة الفارغة» لن تخدع جعجع: «هؤلاء ليسوا سوى مجموعة زعران، وداعش ليست القوة التي يعتدّ بها».

كاميرون قلق من تهديد هذا التنظيم الارهابي للأمن الأوروبي، ويدعو بريطانيا والغرب الى «ردّ أمني صارم لأن الهجمات الجوية وحدها لا تكفي»؛ فيما جعجع مطمئن: «لا يفكرن احد ان داعش خطر وجودي في لبنان او الشرق الأوسط». في رأي «حكيم القوات»: «داعش كذبة كبيرة»، ونقطة على السطر!

المطران درويش:تاريخنا يندثر ولا يجوز أن ندس رؤوسنا في التراب

«لا يجوز بعد اليوم أن ندفن رؤوسنا في التراب كالنعامة»، يصرخ راعي أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام درويش. يقول لـ«الأخبار»: «ما تتعرض له الأقليات من قتل وتهجير وفرض جزية وإجبار على اعتناق الإسلام غير قابل للتكذيب. وهو ما تؤكده العائلات الخائفة التي نزحت إلينا من شمال سوريا والموصل». يشير إلى تأكيد مطارنة الموصل «إحراق المتطرفين مخطوطات يتخطى عمرها آلاف السنين وتدنيسهم للكنائس والمعابد وغيرها. باختصار، تاريخنا يندثر مع داعش». ويسأل: «أين الحوار؟ أين السماحة؟ أين الرحمة؟». ويرى أن «المطلوب اليوم من رجال الدين، وخصوصاً المسلمين، التحذير جدّياً من مخاطر هذا الفكر ورفضه بشكل قاطع»، مشدّداً على أن ما يجري «مؤامرة عالمية تتحمل مسؤوليتها أوروبا وأميركا وبعض الدول العربية التي تنساق وراء السياسة الإسرائيلية والغربية».

في التقارير الأخيرة، بات تنظيم «الدولة الإسلامية» يسيطر على مساحة في سوريا والعراق تفوق بعشرة أضعاف مساحة لبنان. في أقل من أسبوع يسقط أكثر من 1000 قتيل على أيدي مسلحيها في البلدين، وتخلى الموصل نهائياً من المسيحيين، فيما يحاصر عشرات آلاف الإيزديين في جبل سنجار، وتسبى النساء ويعدم الرجال ويدفن الأطفال أحياء. رغم ذلك، لا ينبغي لكل هذا أن يُقلق أحداً من اللبنانيين أو المسيحيين، «فما هي داعش أمام المجموعات المسلحة التي مرت على لبنان في الأحداث، كمنظمة التحرير الفلسطينية مثلاً»، يسأل جعجع، بثقة!

يرى النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم أن «تصرفات داعش تدل على أنها مجموعة متعصبة للعقيدة التي تؤمن بها وتريد فرضها على الجميع من خلال القتل والضرب والاحتلال». ويتضح بسهولة، بناءً على روايات العائلات السورية والعراقية، أن «الأمر ليس كذبة أو لعبة. هؤلاء ليسوا شخصاً أو شخصين، بل ضيع ومدن كاملة هدّدت بالموت وطرد أهلها خارج منازلهم». وعلى «من يدّعي عدم تمدد الخطر الداعشي إلى لبنان الإجابة أولاً عن الآتي: هل انتهت قضية عرسال؟ أين العسكريون المخطوفون؟ وما الذي يمنع أن يتكرر الأمر نفسه مرات عدة؟». المفتاح الرئيسي للحل، وفقا للنائب البطريركي، هو الاعتراف بهذا الخطر والضغط على الدول والجمعيات الممولة للتنظيم الإرهابي بعيداً عن الكلام الفارغ في الإعلام».

القلق من تمدّد «داعش» دفع الولايات المتحدة وإيران والاتحاد الأوروبي والسعودية إلى توحيد جهودها لمواجهة هذا الخطر. فيما هناك في معراب من يعتقد أن لبنان جزيرة منعزلة عن محيطها، مفضلاً تصديق مقولة «سويسرا الشرق» على تصديق واقع سيطرة تنظيم تكفيري على محافظة عراقية يفوق عدد سكانها عدد سكان لبنان، خلال أقل من 48 ساعة. هناك من لا يريد للمسيحيين أن يخافوا تهجيرهم وتكفيرهم وسبي نسائهم عبر تسخيف خطورة «مجموعة الزعران المنحرفين». يرفع قائد القوات نبرة صوته: «أن نتصور أنهم يشكلون خطراً على لبنان ليس صحيحاً (…) الوجود المسيحي مستمر منذ 1500 سنة، وعليهم ألّا يخافوا اليوم». فات «حكيم معراب» أن الوجود المسيحي في العراق وقبله في فلسطين يعود إلى نحو ألفي سنة. ومع ذلك، ها هم مسيحيو الدولتين مشتتون بين لبنان وسوريا والأردن وأميركا وأوروبا وما تيسّر لهم من دول تؤويهم. وها هي مدينة محردة السورية التي تضم أكبر تجمع لطائفة الروم الأرثوذكس في سوريا، تستعدّ لإفراغ منازلها للإسلاميين أسوة بالسريان والأشوريين في سهل نينوى.