كان من المعيب ان يبدو باراك اوباما قلقاً ومرتعباً، من حفنة من الجهاديين التكفيريين جاؤوا من الدول الغربية وقاتلوا مع “داعش” و”النصرة” في سوريا منذ ثلاثة اعوام تقريباً، بعدما كانت قد وصلتهم أخبار الفظاعات والمجازر التي ارتكبها النظام ضد السوريين، ثم انضم بعضهم الى القتال في العراق ضد جيش نوري المالكي المنهار.
اوباما يتعامى عن الكارثة السورية والمئتي ألف قتيل وملايين المهجّرين، ولا يشم رائحة الاسلحة الكيميائية التي استعملت ولا رائحة براميل الكلور التي تخنق الناس تحت ركام منازلهم، ولا يتذكّر تهديداته الفارغة بعد مذبحة الغوطتين، ولا مسلسل الاهانات التي الحقها سيرغي لافروف بوزير خارجيته جون كيري الذي لا يجيد سوى الجري على سلّم طائرته!
يرتعد اوباما من عودة الجهاديين الغربيين وانتقالهم الى اميركا لارتكاب اعتداءات، وخصوصاً انهم يحملون جوازات سفر غربية وليسوا في حاجة الى تأشيرات اذا قرروا التوجه الى اميركا، لكن عضو لجنة الأمن الداخلي النائب بيتر كينغ سارع الى السخرية من اوباما قائلاً: “لا بدّ من ان يكون اكثر هجومية. ان سوريا هي تهديدنا الأكبر، والمسألة ليست ان هناك مئات من الاوروبيين يقاتلون مع الارهابيين، بل هناك أكثر من مئة اميركي يقاتلون في سوريا”، وكان أحدهم قد فجّر نفسه في شاحنة مليئة بالمتفجرات في شمال سوريا في أيار الماضي!
استعار اوباما في حديثه الى شبكة “آي بي سي” سياسة “الضربات الاستباقية” التي اعتمدها سلفه جورج بوش والتي طالما انتقدها عندما قال: “سيكون علينا ضرب المنظمات التي تنوي الاعتداء علينا”، ويبدو ان هذه النظرية موضع نقاش عميق في واشنطن، وخصوصاً بعد الانهيار الدراماتيكي للجيش العراقي الذي بناه الاميركيون ودمّره نوري المالكي قبل ان تدمّره ثورة العشائر السنية التي احتلّت صورتها الخارجية “داعش” بكل فظائعها والجرائم المروعة!
هل كثير اذا قلنا ان الـ٦٧٠ فرنسياً والـ٢٠٠ بلجيكي والـ٤٠٠ بريطاني والـ١٠٠ اميركي الذين يقاتلون مع الارهابيين في سوريا والعراق، ويشكلون فعلاً قنابل متفجرة ستعود الى الغرب وقد تنفّذ سلسلة من التفجيرات والجرائم، هم عملياً الأبناء الاشرار الذين ولدوا من رحم سياسة اوباما المتخاذلة، التي تواصل منذ ثلاثة اعوام ونيف اصدار البيانات التافهة عن عدم شرعية الاسد، الذي يلقى دعماً روسياً وايرانياً وصينياً ودمّر سوريا على رؤوس أهلها؟
يعرف أوباما ان نوري المالكي دمّر حركة “الصحوات” التي شكّلها الاميركيون وتمكنت من إلحاق الهزيمة بـ”القاعدة” في العراق، ومع هذا استمر في تغطية سياسته لأنه متعهّد تخريب العراق، ويعرف السوريون والعراقيون والكثيرون في هذه المنطقة البائسة، ان “داعش” ولدت من رحم الاستخبارات الاميركية، فعلى من يضحك الرئيس الداعشي “أوماما”؟