IMLebanon

«داعش» من ضمن الربيع العربي؟!

 

عندما اقرت الدول الكبرى خطوة تقسيم السودان الى سوادنين، اطل العرب على ربيع حمل في طياته مجموعة متغيرات بدأت في ليبيا واعقبتها في اليمين والجزائر وتونس والمغرب التي لا تزال تعاني من اندفاعات تدميرية من الصعب خروجها منها، لاسيما ان اليمن قد انتهت الى يمنين، فيما جاءت الضربة التغييرية في مصر الى ازاحة نظام كان يتصور اركانه انهم في منأى عن كل ما من شأنه ازاحتهم، الى ان تبين العكس حيث حل تنظيم الاخوان المسلمين محل نظام الرئيس حسني مبارك قبل ان تزيحهم حركة عسكرية لم يحسبوا حسابها من جانب اللواء عبد الفتاح السيسي (…)

وجديد عملية التغيير جاءت هذه المرة من عراق الارث السياسي والشعبي للرئيس صدام حسين، فيما لم يعرف رئيس الحكومة نوري المالكي الى الان من جانب الاكراد الذين اعلنوا صراحة بلسان زعيمهم مسعود بارزاني انهم بصدد الانفصال عن العراق الام سعيا وراء اقليمهم كردستان قبل ان يعرفوا ما اذا كانت الردة السنية في العراق تسمح بذلك، بينما قالت واشنطن انها ضد تقسيم العراق مهما كانت الاعتبارات مع العلم ان المالكي لم يفقد الورقة السنية التي تحارب من جهتين داخليتين الاولى شيعية عراقية والثانية شيعية ايرانية، على رغم ان اثناء مواجهة انصار المرجع الشيعي العربي محمود الصرخي  الحسني.

واذا كان المالكي يسعى الى استمالة السنة في وقت قصير بعدما عاداهم لسنين طويلة، فقد اعلن مرارا وتكرارا عن عفو عام كونه القائد العام للقوات المسلحة وقد جاء الرد السني عليه، «انك تعطينا ما ليس بوسعك احترامه»، واستدرك المالكي «انني اعمل لجمع كلمة كل العراقيين الذين يؤمنون بالعراق ووحدته وسيادته وقوته من عشائر وجماهير ومثقفين وسياسيين».

وعلى اساس هذه الرؤية، ظل الوضع في العراق على شيء من الحذر بعد انتفاضة «داعش» التي سحرت المحيط بما ليس بوسع احد رفضهم من سلطة سنية على شيء من التفاهم مع المراجع الشيعية. وقد مثل ظهور المرجع العربي الصرخي كما يرى مؤيدوه حالا عروبية لمرجعيته ليست على قرب من المراجع الشيعية، حيث تعرف المرجعية عند الشيعة الامامية بانها المكانة الاعلم والابلغ التي يعود اليها ابناء المذهب في اية مسألة فقهية او دينية لاستنباط الاحكام الشرعية وتتدخل المرجعية في معظم الاحيان في القضايا السياسية الحساسة (…)

المهم في هذا الصدد ان المراقبين يجمعون على القول انه بقدر ما طالت الازمة الى اكثر من بروز انشقاقات ديموغرافية ومذهبية في وقت واحد في العراق، ثمة من يجزم بأن تقسيم العراق ليس بعيدا عن التنفيذ مهما تغيرت المعطيات في المحيط العراقي كما حصل ويحصل في اقليم الغالبية الكردية التي تنادي صراحة بالتقسيم على امل حيازة الدعم من الدول ذات القدرة على رعاية التقسيم مثلما حصل مع السودان الذي غطته دول ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن، قبل ان تتطور الامور الى اسوأ مما هو حاصل في سوريا بشار الاسد الذي لا يزال يراهن على انه قادر على ان يربح الحرب من غير ان يتنازل  عن  شبر واحد من الارض السورية.

هذا الكلام قيل قبل ان تتفاقم مشكلة داعش على الارض السورية وقبل ان تتطور باتجاه تقسيم العراق بين سنة وشيعية كما سبق الاعلان عن ذلك من اكثر من مصدر، لاسيما ان داعش العراق ليست قادرة على ان تستمر بمعزل عن داعش الشام، لذا صدر عنها ما يفهم منه ان السنة وحدة موحدة في مواجهة اي تنظيم غير سني، لاسيما انه اعلن حربا مكشوفة على الشيعية في العراق وعلى من وصفهم بالصليبيين في كل من سوريا ولبنان، ومن خلال داعش كان كلام على تولية امير في لبنان مهمته تحديد سياسة داعش قبل ان تتطور الامور باتجاه تعزيز قبضة الدولة على حفظ ما يختلف في نظرته الى «الداعشية السنية» من غير حاجة الى تحديد ماهية نظرة اميرها في لبنان واهدافه ضد المسيحية – الصليبية واجراس الكنائس واديرة النصارى؟!

ان التحفظ الاميركي على المنحى الكردي في العراق لم يقابل بتحفظ مماثل على منحى «الداعشية» في كل من سوريا ولبنان، ربما لان التفاهم قائم بين داعش والنظام، وربما لان القضية ذات العلاقة بلبنان تكاد تشبه النزاع القائم في العراق بين السنة والشيعة، حيث يقال ايضا ان المالكي اثبت عدم جدوى قوته العسكرية في مواجهة داعش بمجرد ان العراق ينزلق الى «الفوضى من غير حاجة الى ان تكون خلاقة كما سبق للاميركيين ان وعدونا بذلك مطلع الربيع العربي ولا يزالون يصرون على ذلك (…)