IMLebanon

“داعش” والسياحة… 

رغم حال الشغور في سدة الرئاسة الأولى، ظهرت في الأيام القليلة الماضية مؤشرات وأرقام تخطت التوقعات، مبشرة بموسم سياحي واعد، نجم عن المناخ الايجابي الذي أنتج تأليف “حكومة المصلحة الوطنية” وتمثلت بشائره في حجوزات جيدة في الفنادق اللبنانية. موسم سياحي صيفي جيد وبعض الاستقرار الأمني، بعد سنوات عجاف عشناها، هذا ما كان حلماً يوشك على التحقق، مع تشجيع دول عربية رعاياها على المجيء الى لبنان، من أبرزها المملكة العربية السعودية وسواها، في لفتة مباركة إثر تأليف الحكومة السلامية، التي أشاعت في البلاد أجواء من التوافق، أمل الكثيرون ان تنسحب على الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية تكتمل به الفرحة.

لكن بدا فجأة أن الحلم قد تبدّد، أولاً مع اجتياح “داعش” لمدن وقرى في العراق، الى كلام عن وجود خلايا لها في لبنان قال بعضهم إنهم مجموعات، فسارع آخرون الى القول انها خلايا، ليأتي الانفجاران الإرهابيان في ضهر البيدر وعند مدخل الضاحية ويقضيا على الحلم. وضج الاعلام بنقل مباشر واخبار عاجلة، وإظهار الأضرار والخسائر والخراب، ووجوه الناس المتجهمة، بما يسهم في اشاعة جوّ متوتر ويعكس صورة تجفل السياح اللبنانيين الوافدين على السواء، نبأ عاجل يعلن عن انفجار كبير والخسائر ضخمة، ثم يتضح ان الصورة الحقيقية والواقعية مخالفة لما أوحاه الخبر العاجل!. ثم، أحياناً، تطلق بعض المواقع الاخبارية كلاماً عن سقوط الكثير من الشهداء، لتعود وتنفي ما سبق لها ان “أكدته”.

ثم تأتيك التسريبات والتحليلات “الاستراتيجية” والمعلومات “الموثقة” والتوقعات عن مدى امتداد النيران السورية والعراقية الى دول الجوار، وعجز الأجهزة الأمنية عن التصدي لها، وتتبدل الوقائع غالباً لكشف ضحالة المسرّبين والمحللّين والمتوقعين، ولكن بعد فوات الأوان وإطلاق رصاصة الرحمة على الموسم الصيفي الموعود، ودق اسفين في صلب الاستقرار. من هنا تتضح مسؤولية الأمن والإعلام، بل تلازم الاثنين لدعم السياحة والاقتصاد أو لضربهما معاً.

لا ينكر أحد خطورة الوضع والمرحلة، بعد تقدم “داعش” في العراق، واستمرار حال التدهور والتفاقم في الحرب السورية المشتعلة منذ ما يقارب السنوات الأربع ، لكن البعض يعتبر بأن هناك مخططاً لتفجير الوضع في لبنان وجعله ورقة حامية على طاولة التفاوض الأقليمي الدولي، فيما يربط البعض الآخر بين التوتر الأمني والاستحقاق الرئاسي، وأن طبخة الرئاسة لا تنضج إلا على نار قوية نتيجة انفجار او 7 أيار بغض النظر عن كل تلك التحاليل.

إتقوا الله رفقاً بهذا الشعب الذي عيل صبره، على سياسيين يتلاعبون بمصيره ورغيفه وحياته وأعصابه، وإعلام لا يتوانى بعضه عن التلذذ بالتضخيم والتخويف، ودولة ليس لها من الدولة سوى الإسم.