ليست مفاجأة أن يتبّرع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز مجدداً بمليار دولار جديد للجيش والقوى الامنية الاخرى لمحاربة الارهاب بل المفاجأة الحقيقية هي لماذا لم يصل بعد السلاح للجيش من هبة الثلاثة مليارات دولار التي كان قد تبرع بها الملك عبدالله نفسه في كانون الأول 2013، وهي الهبة الاكبر التي منحت للمؤسسة العسكرية منذ انشائها؟ لقد اظهرت المواجهات الشرسة التي خاضها الجيش بما تيسر من اسلحة وعتاد، الحاجة الى المعدات والآليات والتقنيات التي يفتقر اليها الجيش. وكان قائده العماد جان قهوجي قد طرح هذا النقص على المسؤولين وطالب بتثبيت لوائح الاسلحة التي كان الجانب العسكري اللبناني قد اتفق عليها مع نظيره الفرنسي ضمن الهبة السعودية ومؤتمر روما لدعم الجيش الذي عقد في حزيران الماضي في العاصمة الايطالية برعاية “المجموعة الدولية لدعم لبنان”.
واستغربت قيادات سياسية هذا التأخير في تسليم السلاح، والذي يطرح أكثر من علامة استفاهم. وسألت من المسؤول عن هذا التأخير الذي دام أكثر من ثمانية أشهر؟ ولماذا لم تشكل لجنة متابعة عسكرية او ديبلوماسية – عسكرية ما دامت المبالغ موجودة، ونوعية الاسلحة المطلوبة حددت في لوائح؟ وقالت: “سئمنا وعودا لفظية، باستثناء الملك عبدالله الذي ترجم وعده فورا، اما “المجموعة الدولية” التي تتألف من ممثلين للدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة لدى مجلس الامن، زائد المانيا وايطاليا، فلم يتسلم الجيش منها حتى الآن اي سلاح أو عتاد وفقا لما حددته اللجنة العسكرية المكلفة ذلك، وأبلغته الى المكلفين هذه الملفات. انه كلام غير مقرون بأي عمل فعلي يعبر عنه المنسق الخاص للامم المتحدة لدى لبنان ديريك بلامبلي في بيانات يدلي بها في ختام لقاءاته بالمسؤولين.
ودعت الى الكف عن تبادل الدراسات والتقارير كي لا تتكرر المجزرة التي تعرضت لها نخبة من الضباط والجنود على أيد ارهابيين، بعدما سهلت لهم الحواجز العسكرية الموزعة في جرود عرسال نقل جرحاهم من القتال في سوريا الى مستوصف عرسال، اضافة الى ايواء الكثير من العائلات السورية في منازل سكان البلدة او تأجيرهم منازل او اتاحة الفرصة امام العديد منهم لممارسة اعمال يدوية ومهنية لتأمين معيشة عائلاتهم.
ودعت المسؤولين المدنيين والعسكريين الى الإسراع في الاستثمار الفوري للمليار دولار الذي تبرع به الملك عبدالله لمكافحة بؤر الارهاب.
وحذرت من الوقوع ثانية في فخ تأخير صرف المساعدات والهبات المرسلة الى الجيش الذي يواجه ليس فقط الارهاب، بل مشاكل كثيرة في الداخل، وجديدها الرقابة المطلوبة على مراكز تجمع اللاجئين السوريين حيث ينتشرون وعلى الافراد الذين يعيشون في منازل مستقلة عن تلك المراكز كي لا يتعرض أفراد الجيش للاخطار التي تعرضوا لها من الارهابيين الذين يفتشون عن طريق للهرب من عرسال بعدما حولوها بلدة منكوبة في مدة خمسة أيام.