إفادة بدل الشهادة! ورقة تسمح للطلاب بدخول الجامعات، وترسم علامة استفهام على امكاناتها في استيعاب العدد الكبير من الناجحين والمُنجّحين. ولو ان العلامات المدرسية أخذت في الاعتبار لهانت المسألة، ولما كانت مصيبة مساواة من درس ومن لم يدرس قد وقعت عبر حصول الاثنين على الإفادة الواحدة. وإذا كان قرار وزير التربية الياس بو صعب ضرورياً، فما هو ذنب الطلاب ليدفعوا ثمن التجاذبات السياسية؟ وماذا عن مستقبل الطلاب والشهادة الرسمية والقطاع التربوي برمته؟
ثم نرى النواب يتراكضون ويصرّحون ويتداعون لحل المشكلة، واضعينها في خانة الخلاف السياسي، إلا أن أياً منهم لم يرَ الجانب المالي والاقتصادي، ولا حاجة الى الاختباء وراء الاصابع وتدوير الزوايا، فالمشكلة بدأت بسلسلة الرتب والرواتب ولن تنتهي إلا بحل هذه العقدة، ودفع السلسلة قد يؤدي الى زعزعة الوضع المالي، ما لم تكن مرتبطة بإصلاحات، فيما المختلفون على دفع السلسلة ومصادرتمويلها، جاهزون للاختلاف على كل إصلاح.
ومن القطاع التربوي، الذي يمر بمحنة قاسية، الى قطاع الكهرباء الغارق في اعتصامات الشغب ولا يجد مسؤولاً يتعامل معه بجدية، وصولا الى ملف دعوة الهيئات الناخبة الذي لم يقر في مجلس الوزراء إلا تحت ضغط المجتمع المدني، بعدما انقضت المدة القانونية وكأن شيئاً لم يكن. في العام 2013 شاهدنا مسرحية التمديد بعد الخلاف على قانون الانتخابات، وحقوق المسيحيين. وقد استعملوا آنذاك ذريعة حوادث طرابلس والوضع الأمني، الى عدم التوافق على القانون لإطاحة الاستحقاق الانتخابي ولم يجهدوا في محاولة وضع قانون انتخابي عصري، واليوم يرفعون ذريعة عدم وجود رئيس للجمهورية، فيما هم يتحملون مسؤولية استمرار الشغور في الموقع الأول، لانهم لا يجتمعون تحت قبة المجلس النيابي لانتخاب رئيس البلاد.
لكن الخدعة لن تمر على الناس الذين باتوا مدركين أن نوابهم يطمحون الى تمديد ثان لولايتهم، منتزعين بذلك الوكالة من الأصيل الذي فقد القدرة على استرداد وكالته منهم. خرقوا الدستور وتجاوزوا المهل واغتالوا الحياة السياسية، ودفنوا الديموقراطية قبل ان تلفظ انفاسها، ويريدون توكيل انفسهم للمرة الثانية ايضاً خلافاَ لإرادة الشعب.
بات واضحاً أن لا نية لديهم لانتخاب رئيس، ولا لإجراء انتخابات، ولا لوضع حلول اصلاحية. والسؤال الى كل واحد من النواب والى كل من انتخبهم: لماذا هذا الاستسلام المذلّ لحسابات الآخرين ومصالح الخارج؟
لماذا يقبلون الرضوخ للذل، وبماذا سيجيبون عندما يسألون عن مواقفهم الرافضة علناً للتمديد ولخرق الدستور والقوانين؟
هل يقولون “لسنا نحن من يقرر بعدما تحولنا أدوات لزعماء كبار ولمشاريع خارجية يرضخ لها حتى هؤلاء”.