عدم إنضاج اتفاق يقضي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لن يمنع النائب ميشال عون من مواصلة معركته التي يعتقد أنها ستعيده إلى بعبدا رئيساً بعد أن خرج منها رئيساً للحكومة وقائداً للجيش. لكن هذه المعركة ستأخذ شكلاً آخر قريباً، إذ علمت «الأخبار» من مصادر مقربة من عون أنه «سيشن قريباً معركة ضد قانون الستين الانتخابي»، مقابل تأييده للمشروع الأرثوذكسي الذي ستعود الكتل وتُسقطه، فتأتي المهل «ولا يكون من حل إلا إجراء الانتخابات حسب الستين». همّ «الجنرال» حالياً، إجراء الانتخابات النيابية. يريد للحكومة أن تصبح حكومة تصريف أعمال، ويقطع الرغبات بأن تحكم هي البلاد في ظل وجود شغور رئاسي.
في الشعارات، الجميع يرفضون تمديد ولاية المجلس النيابي. لكن التجربة لا تطمئن. فرافضو التمديد هم الذين مددوا للنواب في أيار 2013، ووعدوا حينذاك بالعمل فوراً لإقرار قانون انتخابي جديد. ثمة شبه إجماع بين ممثلي القوى الساسية على أن العونيين يريدون فعلاً إجراء الانتخابات، بغض النظر عن دوافعهم. أما الآخرون، فلا أحد منهم لديه موقف «جذري» معارض للتمديد. تيار المستقبل يساير عون حتى اليوم، قائلاً إنه يريد الانتخابات في موعدها. وفي الأصل، يناسبه قانون الستين، الذي يؤمن له نتيجة لا يمنحها إياه أي قانون آخر. ويقول أحد أعضاء المكتب السياسي المستقبلي لـ«الأخبار» إن «عون أعاد فتح النقاش بشأن قانون الانتخابات، لكن لا شيء جدي حتى الساعة. إذا طُرح ملف القانون الانتخابي خلال حزيران الجاري، تكون الانتخابات قريبة، وإلا فالتمديد». ثم يردف: نقبل «بما يقبل به حلفاؤنا في 14 آذار».
يتذرع الإشتراكيون بموقف «المسيحيين» لرفض إجراء
الانتخابات النيابية
يستبعد حلفاء المستقبل إجراء الانتخابات النيابية. ترفض القوات بحث أي شيء «قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، لأنها هي الأساس». أما إذا أُحرجت وطُرح القانون للبحث «فنحن نريد قانوناً جديداً». شعار رفعته القوات سابقاً، وذاب كمواقف باقي القوى السياسية بعد دفن اقتراح اللقاء الأرثوذكسي. بدورها، تتحاشى مصادر حزب الكتائب إعلان موقف واضح. تؤكد أن «الانتخابات النيابية مؤجلة، ولا يوجد أي نقاش في ما خص قانوناً انتخابياً جديداً». تعتقد أن الأمور ستتعقد بسبب «الانتخابات الرئاسية والجدل الذي ستسببه في ما إذا كان يحق للمجلس الجديد انتخاب رئيس أو لا».
الأمانة العامة لقوى 14 آذار «غير مطمئنة». خطوات عون، بنظرها، ذكية «فهو يسعى إلى إزالة الألغام من طريق الرئاسة». يقول روّاد «الأمانة» إنهم لن يعارضوا إجراء الانتخابات النيابية، «حزب الله سيتكفل بالتعطيل، فلا مصلحة لديه بإجرائها».
لكن حزب الله قد يخيب آمال «ثوار الأرز». مرة أخرى لن يترك حليفه وحيداً، وسيدعمه في معركته. أجواء الحزب توحي بأن إجراء الانتخابات «أمر غير مستبعد، فعون يريد إجراءها، والمستقبل مرتاح لوجود قانون الستين. والرئيس نبيه بري لا مشكلة لديه مع القانون الحالي. لذلك لن نكون نحن المعطلين».
حتى الساعة، لم يجرؤ أحد على القول صراحة إنه يفضل التمديد للمجلس النيابي على إجراء الانتخابات قبل تشرين الثاني المقبل. بعض الصالونات السياسية تتحدّث عن وضع مسودة لاقتراح قانون بالتمديد مدة عام للمجلس النيابي. وإن واضعي الاقتراح ينتمون إلى حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي. المقربون من الرئيس نبيه بري ينفون هذا الأمر. ويقول سياسيون وسطيون إن رئيس المجلس قال في آخر جلسات الحوار: «إذا أردتم إجراء الانتخابات، فأنا جاهز، ولتكن وفق قانون الستين». وحده الحزب التقدمي الاشتراكي يقترب من الصراحة. فهو يتذرع بموقف «المسيحيين» لرفض إجراء الانتخابات النيابية. يقول أحد المقربين من النائب وليد جنبلاط: «بكركي لن تقبل إجراء الانتخابات النيابية في ظل الشغور الرئاسي. وقريباً تبدأ حفلة المزايدات». وبناءً على ذلك، الخيار الجنبلاطي الأسلم سيكون التمديد للمجلس النيابي. ليس كرمى لعيون بكركي وحسب، بل لأن رئيس الاشتراكي يرى أن البلد في غنى عن معركة ستعيد إنتاج التوازنات ذاتها في المجلس النيابي، كذلك فإنه شخصياً لن يكون مضطراً لإعادة بحث تموضعه والتحالفات التي سيعقدها، في ظل عدم وضوح الرؤية الإقليمية.