IMLebanon

دواليب أيار

 لا يحمل شهر أيار هذه السنة استحقاقات مهمة فحسب، مثل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وايجاد حل لموضوع سلسلة الرتب والرواتب، بل يثير ذكريات حدثت في زمن ليس ببعيد ومنها الاضطرابات التي نتجت عن قرارات مالية اتخذتها حكومة الرئيس عمر كرامي عام 1992 وتسببت بسقوط الحكومة تحت وطأة حرائق دواليب وذعر حاصر الحكومة رئيسا وافرادا بعدما حلّق سعر صرف الليرة عالياً مقابل الدولار الاميركي. ومَن عاصر تلك الحقبة يروي ان من بين الذين نزلوا الى شوارع العاصمة بدواليبهم لا سيما قرب منزل الرئيس كرامي في الرملة البيضاء هم عناصر في حركة “أمل” بقيادة الوزير نبيه بري (أصبح فيما بعد رئيساً لمجلس النواب ولا يزال حتى اليوم). ولأن الشيء بالشيء يُذكر، لا بد من السؤال عمن سيقوم هذه المرة بمهمة حرق الدواليب؟ لا يعقل ان تقوم حركة “أمل” بالمهمة ورئيسها رئيس البرلمان لا بل ان معاون بري السياسي هو وزير المال. اللهم إلا اذا كان في جعبة الحركة حل غير مرئي سيخرج في الوقت المناسب كما يُخرج الساحر الأرنب من القبعة. ومن التلميحات الى ذلك، ان احدا من الثنائي (“أمل” و”حزب الله”) لم يشارك في اللجنة النيابية الفرعية التي صاغت حلاً معقولاً لموضوع السلسلة، كما ان وزير المال نفسه لم يشارك شخصياً في اعمال اللجنة تاركاً الدور الذي يعنيه على عاتق كبار موظفي الوزارة الذين قاموا بجهد مشكور. لكن عندما كان أعضاء اللجنة يسألون الوزير خليل ما رأيك في هذا الحل او غيره كان يجيب: “أنتم فصّلوا ونحن نلبس”. والآن، لا يبدو ان الوزير عند كلامه بعدما لمح الرئيس بري الى عدم ارتياحه الى ما أنجزته اللجنة. فهل هذا يعني ان رئيس المجلس على خطى بيلاطس قد غسل يديه من دم السلسلة؟

في انتظار جلسة الأربعاء النيابية، أي بعد 4 أيام من الآن، سيتضح الخيط الابيض الذي يفك لغم السلسلة الذي أعدته حكومة نجيب ميقاتي السابقة من الخيط الاسود الذي سيعيد الدواليب الى الشوارع ولو اقتضى الامر ان يحل “حزب الله” مكان حركة “أمل” هذه المرة. قد يكون في هذه العبارات هواجس أكثر من وقائع، لكن على المرء ان يكون حذراً في ظل هذه الازدواجية التي يمارسها الثنائي الذي امتلأ تاريخه بالدواليب واللائحة تطول اذا ما تقرر سردها.

تبقى هناك نقطة ليست في مصلحة ثنائي الدواليب ألا وهي ان التيار العوني ليس على الخط نفسه بالنسبة للسلسلة. فإذا كان هذا التيار قد قدم الكثير منذ إبرام مذكرة التفاهم في شباط 2006 من اجل التناغم مع هذا الثنائي وتحديدا “حزب الله”، فإنه هذه المرّة أصبح في وضع من يلحس المبرد. فالمصالح التي يستهدفها اللعب بالسلسلة هي مصالح كثير من افرقاء التيار في مختلف القطاعات. لذلك كان ممثل التيار ناشطا في اللجنة النيابية التي صاغت الحل ولا بد من ان يكون ناشطا الاربعاء لكي يقنع “حزب الله” ان حبل التفاهم ضد السلسلة قد بات قصيرا. لننتظر الاربعاء.