IMLebanon

«دورة» الجنرال

  

أيّاً تكن الانفتاحات والانغلاقات والصولات والجولات والصاعدات والنازلات والجدّيات والتفنيصات والذاهبات والآتيات والجامدات والمتحرّكات.. وأيّاً تكن الأحلام والأوهام والأرقام والأفلام والعبسات والطلاّت والحركات والحركشات وما شابه وماثل من أوّله إلى آخره.. أيّاً يكن الحال، فإنّ واقعة انتخاب «المرشّح» ميشال عون رئيساً للجمهورية لا يمكن لها أن تقع! بل ربما يكون أسهل بكثير من ذلك، أن «تفقع» الصين من قلّة سكانها! أو أن تحتل فنلندا الأراضي الروسية.. أو أن نعرف اسم وزير خارجية جمهورية اوسيتيا الجنوبية!

والمشكلة طبعاً ليست فينا بل في صاحبها، أي الجنرال المرشّح نفسه. إذ لا يمكن افتراض وجود مَن يستطيع إقناعه بتغيير مفسّري أحلامه، أو مَن يستطيع أن يشرح له أنّ تاريخه المديد والطويل من المعارك والحروب والمواجهات والبيانات والكتابات والمؤلفات والمقولات والمطوّلات كل ثلاثاء بعد الغداء بقليل.. إنّ كل ذلك يمكن أن يُنسى لأنّ الجنرال قرّر ذلك! أو لأنّه عبس وضرب على الطاولة. أو لأنّه يعتقد أنّ «نجاحاته» السابقة في قيادة الجيش وفي حربَي «الإلغاء» و«التحرير» يمكن لها أن تتمدّد باتجاه إتحاف كل اللبنانيين بتُحفِهِ الإصلاحية والتغييرية ومن الموقع الأوّل في جمهوريتهم.

والمشكلة ليست في الذاكرة وأثقالها وأحمالها فقط، بل أيضاً في الحاضر الذي يعسّ ولا ينتج إلاّ ما يؤكّد ما سلف، بحيث أنّ دوخة اللبنانيين لا تني تكبر وتطول مع كل دورة من دورات الجنرال «المرشّح» ومنذ لحظة بروزه على سطح المأساة اللبنانية.. من سوريا إلى «حزب الله» إلى «الإبراء المستحيل» مروراً بعشرات المحطات النافرة وفي مقدّمها تحوّله من قائد جيش شرعي قاتَلَ ضدّ ميليشيا، إلى مجاهد سياسي وتنظيري في ميليشيا رديفة (كي لا يُقال أكثر) للجيش الشرعي.

السيرة «التغييرية» طويلة ولا تتناسب مع العجالة اليومية المختصرة والمكثّفة، وهي مفتوحة على وسعها لمناسبة موسم الانتخابات الرئاسية. ولا يظن عاقل أو بنصف عقل، أنّ أحداً من اللبنانيين وغير اللبنانيين لا يعرف الأجزاء الرئيسية فيها أو الكثير من تفاصيلها، وهي في خلاصتها الماسّية تفيد: إنّ الإبراء من ذلك التاريخ مستحيل! وإنّ احتمالات الكفّ عن الدوران وتدويخ الناس، ليست حرزانة ولا يُعتدّ بها. وانّ اللبنانيين لا يستطيعون بعد كل هذا الشقاء أن ينتخبوا رئيساً لهم ثمّ يكتشفوا في اليوم التالي أنّه دار دورة جديدة وقرّر انّه شيء آخر: أمبراطور مثلاً! شي بيدوّخ!