IMLebanon

دولة بهدلة وشحادة

 

اذا تأخر احدنا عن القول اننا في «دولة بهدلة وشحادة» بالنظر الى ما رافق نقل مباريات كأس العالم، لا نقول اننا نفتئت على الحق والحقيقة، خصوصا ان دولة قطر التي دأبت على مد يد العون للبنان، لا بد قد شعرت باننا جماعة شحادين لا نتأخر عن الطعن بمن يمد يد المساعدة لنا، كما قد تكون شعرت بان ما نصرفه على «الفانتازيا» يتجاوز كثيرا ما هو مطلوب لسداد فاتورة تغطية المباريات، فضلا عن ان من سبق له ان مد يده الى المالية  العامة للصرف على فسقه وفجوره، والادلة اكثر من ان تحصى؟!

لقد سبق لبعضهم ان اقترح زيادة طارئة على فاتورة الهاتف في حدود الف ليرة فقط لا غير، او رفع سقف مخابرات الخلوي بنسبة 20 سنتا لما كنا بحاجة الى ان ينتظر اللبنانيون صفقة من تحت الطاولة لسداد فرق ما تبرعت به شركة «سما».

لاسيما  ان الذين كانوا يتصورون ان مديونيتنا مقتصرة على اشياء معينة من البذخ، عليهم ان يدركوا في النتيجة ان المواطن العادي هو من سيدفع ذلك من ماليته الخاصة، حتى ولو كانت في صلب مصروف الخبز ليس الا (…).

واذا كان من مجال لمزيد من الكلام على هذا الموضوع من الضروري تذكير المسؤولين، جميع المسؤولين من دون استثناء، ان المواطن العادي هو وحده من سيدفع الدين العام، بما فيه «فاتورة المونديال»، اضافة الى ان من استهدفته المذلة من الصعب التعويض عليه بعد طول «شرشحة» وتوزع في المقاهي وعلى الطرقات بمستوى الاستجداء الذي لا سابق له في مختلف  دول العالم التي شرعت محطاتها  التلفزيونية لنقل اكبر واضخم عرض رياضي يمر مرة واحدة كل اربع سنوات، هذا في حال انقضت المناسبة على خير.

المؤكد ان العراقيين ومعهم «داعش» ليسوا افضل حالا من اللبنانيين، وهكذا بالنسبة الى السوريين الذين تابعوا المباريات غير عابئة سلطات بلادهم بما يحصل عندها، واللافت ان اللبنانيين في منطقة البقاع قد تابعوا المهرجان الرياضي العالمي نقلا عن التلفزيون السوري الذي لم يتناس الحدث بقدر ما ركز الاهتمام على كأس العالم ربما لان المقصود ان ينسى المواطن السوري معاناته الاباحية – الدامية التي لم توفر بشرا ولا وفرت حجرا، فيما لم يشعر مسؤولونا بان من واجبهم الالتفات الى ما هو مرجو لجعل اللبنانيين ينسون الضياع السياسي والامني الذي يعيشونه!

وما هو اكثر تأكيدا من كل ما سبق ان اجراءات منع البث اقتصرت على مناطق من دون اخرى، لاسيما حيث ليس بوسع المراقبين وقوى الامن الدخول للقيام بواجب المنع القضائي، اضافة الى حيث كان منع اداري فرض نفسه تلقائيا في مناطق من دون اخرى وهذا ما دفع الكثيرين الى استهجان تصرف الدولة (…) الامر الذي حمل الكثيرين على استغراب الاجراء لاسيما حيث كانت استحالة امام العمل بموجبه!

وفي مقابل كل ما تقدم، فان الاجراء الذي نفذه وزير الاتصالات بطرس حرب كتصرف خاص، حمل الجميع على شكره نظرا لتفهمه ما يرغب فيه المواطن العادي الذي اضطرته الظروف لان يجتهد للحصول على ما يؤمن له مشاهدة المباريات حتى ولو اضطر لان يدفع من جيبه حيث أمنت له بعض المقاهي والمطاعم ذلك (…)

واذا كان لا بد من انتقاد المسؤولين والمعنيين في الدولة على تقاعسهم بالنسبة الى عدم نقل مباريات كأس العالم، فان ما حصل في الايام الثلاثة التي سبقت قرار تأمين البث ترك تساؤلات عن مدى الاهتمام اللامباشر بما حصل والا لما كانت شكوى ولما كان انتقاد جارح في الوقت عينه، الامر الذي يعني ان ما حصل استوجب رد فعل من الضروري تفهم معناه، وابعاده الوطنية والانسانية والاخلاقية في وقت افتقد المسؤولون كل ما سبق لاسباب لم تكن مفهومة؟!