IMLebanon

دولة فاشلة

ماذا يمكن أن يقول المواطن عن دولة تعجز عن جمع نفاياتها وتدّعي في الوقت نفسه بأنها لا تتحمّل مسؤولية هذه الأزمة الكارثية وتحمّلها إلى البلديات وإلى المجتمع المدني؟

وماذا أيضاً وأيضاً يمكن أن يقول المواطن عن حكومة لا تجتمع بصورة استثنائية وتقف تتفرج على جبال من النفايات تملأ شوارع العاصمة ومعظم شوارع المناطق في الجبل والشمال والجنوب وتدعو بكل وقاحة البلديات إلى إيجاد مطامر لهذه النفايات التي تستولد الأمراض المعدية على أنواعها، وتخيّر المواطنين بين السكوت على هذه الكارثة والتعرّض للمرض وبين تحمّلهم مسؤولية جمع النفايات بواسطة البلديات والمجتمع المدني ويدّعي وزير الداخلية المتواجد وحده على الساحة بأن العروض تحتاج إلى 15 يوماً إلى فضّها وإلى ستة أشهر حتى تبدأ الشركات التي رسا عليها الالتزام عملها في جمع النفايات، ولا يقول ماذا يحصل خلال هذه المدة الزمنية وكيف يكون الوضع البيئي بعد ستة أشهر؟

أقلّ ما يُقال في هذه الحكومة أنها فاشلة مهما حاولت التنصّل من المسؤولية عن حماية صحة  المواطن وإبعاد الوباء عن العاصمة ومعظم المناطق بإيجاد حل سريع لكارثة تراكم النفايات وتكوين الجبال منها، وأقل ما يُقال أيضاً أن الدولة التي تعجز عن لمّ نفاياتها هي دولة فاشلة ويجب على  المجتمع الدولي أن يعاملها على هذا الأساس.

وأقل ما يُقال أيضاً عن كامل الطبقة السياسية سواء كانوا داخل السلطة أو خارجها، أو كانوا في المعارضة أو في الموالاة، بأنهم ليسوا فاشلين فقط ويجب إزاحتهم من الواجهة بل مشاركين أساسيين في التسبب بانتشار الأوبئة والأمراض المعدية بين المواطنين اللبنانيين والمسؤولين أيضاً عن وضع بلدهم في الحجر وعزله عن العالم وعزل العالم عنه بوصفه بلداً موبوءاً يصدّر الأمراض المعدية إلى بقية شعوب العالم، ذلك لأن كل دولة في العالم تعجز عن لمّ نفاياتها تعتبر دولة فاشلة حتى في الدول الفقيرة والمتأخرة ودول العالم الثالث لم يحصل أن أعلنت حكومات إحداها عن عجزها عن لمّ النفايات وتتركها تتراكم في شوارع المدن والقرى وتفشي الأوبئة والأمراض المعدية على أنواعها وتبقى الحكومة في السلطة تمارس أعمالها، وكأن شيئاً لم يكن أو كأن الأمور على أفضل ما يكون كما هو واقع حكومة لبنان اليوم في ظل كارثة النفايات، وبالتالي لا يمكن وضع اللوم والمسؤولية على وزير البيئة وحده، بل على الحكومة مجتمعة وندعوها إلى الإسراع في إيجاد حل لها بدلاً من  التلهي في توزيع الحصص وفي الخلافات والاختلافات حول تعيين هذا في هذا الموقع وذاك في الموقع الآخر إرضاء لهذا الزعيم السياسي ولهذا الحزب وذاك، وبدلاً من البحث عن جنس الملائكة ضاربين بالدستور وبالقانون عرض الحائط ومعتبرين أن هذا البلد مسيّب وكيف يمكن استغلاله وسرقة أمواله وتكديسها في الخزائن وفي المصارف السويسرية.

ومهما حاولت الحكومة أن تتهرب من  المسؤولية عن هذه الكارثة البيئية ومهما حاولت رمي المسؤولية على البلديات وعلى المجتمع المدني ومهما حاولت الطبقة السياسية تبادل تقاذف المسؤولية، فهي أي الحكومة أثبتت عن عجزها وعليها أن ترحل إذا استمر هذا العجز وهي أي الدولة أثبتت للمجتمع الدولي أنها فاشلة وعلى الدول أن تتعامل معها على هذا الأساس، وهي أي الطبقة السياسية التي تتحكم بالعباد أثبتت أيضاً وأيضاً أنها طبقة ليست فاشلة وحسب بل وسبّبت أيضاً في اعتبار الدولة فاشلة.