IMLebanon

دولة لا تذعَر؟

ليس كلاماً عابراً ان يقول وزير الداخلية انه اضطر في جلسة مجلس الوزراء الى لفت أعضاء الحكومة الى احتشاد آلاف المسلحين على بوابة عرسال من اجل فرض هذا الوضع الجهنمي على الاولويات المطلقة الأكثر إلحاحاً في جدول الاهتمامات الرسمية اللبنانية. وليس أمرا نافلا ان تغدو بوابة عرسال حاملة لأشد خطر يواجهه لبنان ربما منذ استقلاله الاساسي.

لا داعي للاغراق في الذعر ولكن يستحيل الاغراق في التقليل من خطورة الموقف. ثمة توازن الآن بين الإمكانات المتاحة للوقوف في وجه الهجمة الارهابية واحتمالات الوهن والتراجعات في مواجهتها. وهو ليس أمراً إيجابياً بطبيعة الحال لانه حتى قبل أسابيع قليلة كان الميزان لا يزال راجحاً لمصلحة تحييد ما تبقى من الواقع اللبناني. ومع ذلك فان أسوأ ما قد يراه اللبنانيون، بالاضافة الى الصور والشرائط المرعبة، هو دولة او حكومة واجفة او مربكة او مترددة. الدولة يجب ان تبقى دولة مهما تفنّنا في شتمها وإمطارها بشتى النعوت التي تستحق او لا تستحق. الآن هو أوان الدولة مهما كانت طبيعة الهيكل الدستوري وحتى بنقصه العضوي الفادح لرأسه.

إن الأقدار كتبت لحكومة الرئيس سلام ان تواجه اشد خطر يحدق بلبنان في مرحلة انتقالية مصيرية تشهدها المنطقة. هي مرحلة فاصلة بين ذروة الانقضاض الناري لداعش وتمدده في العراق وسوريا وقرعه بوابة عرسال، وإمكان نشوء تحالف دولي – إقليمي ستكون لحظة انطلاقه بمثابة ساعة الصفر للحرب الشبيهة بإنهاء النازية. ولا مغالاة ان طبع الواقع اللبناني المقبل، ولحظة بلحظة، بطابع السباق الحاسم هذا مما يستدعي فعلاً حكومة طوارئ دائمة تنفض عنها الطابع التقليدي البارد تماماً كما هو الجيش والأجهزة الامنية قاطبة في حال الاستنفار القصوى.

إن الهجمة الدعائية التي تتبعها التنظيمات الارهابية الدموية هي اشد خطراً على الاستقرار الداخلي من احتمالات تجدد الهجمات المسلحة من بوابة عرسال. ولم تكن التفاعلات الحادة الحارقة التي شهدها بعض الشمال والبقاع الشمالي في اليومين الأخيرين سوى مقدمات لا تزال في طور الاحتواء ولو الصعب. أما مسألة التفاوض والوساطات والتي حسناً فعل رئيس الحكومة ان شكّل لها خلية ازمة فهي الاختبار الاشد صعوبة ليس للحكومة وحدها بل للزعامات والقوى السياسية التي لم يعد يحتمل تغييب مسؤوليتها عن تغطية الحكومة في القرار الصعب والملائم الذي يكفل إنقاذ الاسرى ويواكب المواجهة المتصاعدة مع الارهاب القابع على الحدود. لا احد يمكنه الادعاء بان قراراً، يوفق بين إنقاذ الاسرى والحفاظ على مهابة الدولة واحتواء الاستهداف الإرهابي على الحدود، هو امر سهل. ولكن ما معنى ألاّ ينفلت الشارع بعد، غير ان اللبنانيين ينتظرون قرار دولة على رغم كل شيء؟