IMLebanon

ديبلوماسيون: مطمئنّون… لتلعبوا على حدّ السكين؟!

يتحرّك الديبلوماسيون المعتمدون في لبنان ما بين المقار الرسميّة بعد إقفال قصر بعبدا بالحدّ الأدنى، فحركة الإتصالات القائمة بينهم باتت بديلاً من زيارات الإطمئنان الى حال المؤسّسات التي أصابها الشلّل، ولولا الإستنفار الأمني في طول البلاد وعرضها وعلى الحدود لَدبّ الضجر على المستويات كلها. ما الذي يُفصح عنه الديبلوماسيّون؟

يعترف أحد الديبلوماسيّين الغربيّين أنّه لم يرَ منذ نحو الشهر تقريباً موجباً لزيارة أيّ من المسؤولين اللبنانيّين. فلا حاجة للوقوف على رأي هذا أو ذاك، لأنّ ما نراه من شغور متمادٍ بدأ يتسلّل إلى المؤسسات والسلطات الدستورية واحدة بعد الأخرى، وما نتلمّسه من جمود سياسي كافٍ لتقدير حَجم الإهتمامات اللبنانية على هزالتها، فيما المنطقة تغلي على نار المتغيّرات الكبرى التي باتَت تُهدّد وحدة بعض الدول وأنظمَتها وتُبشّر بمشاريع التجزئة والتفتّت وإزالة الحدود التي رسمت قبل 98 عاماً بموجب اتفاقية «سايكس بيكو».

كلام الديبلوماسي جاء أمام إعلاميّين وسياسيّين تحلّقوا حوله لمناقشته في تطوّرات المنطقة ومدى انعكاسها على لبنان بعدما استسلَم الجميع لنظرية أنّ الجمود سِمة المرحلة في لبنان. فطرفا النزاع متمسّكان بموقفهما ويراهنان على متغيّرات من هنا او هناك لعلّهما يُحقّقان نصراً معنوياً وسياسياً.

ويسأل الديبلوماسي: «ألا يُدركون أنّ المتغيرات الجذرية بعيدة المنال؟ فالمواجهة الدموية في سوريا والعراق قبل فلسطين المحتلة مستمرة بنفَس

طويل ولا قدرة على تحديد آجال لها. وباستثناء ما تشهده غزة، لا غضاضة بأن يكون الضحايا من بلدان المنطقة وشعوبها، يُقتلون بأيدي ابناء جلدتهم ودينهم وبأسلحة دفعَ القتلى ثمنها من لحم اكتافهم وأفواه الجياع من بلادهم. فسوق الأسلحة مزدهر عدا عن تلك التي أدخلت حقل تجارب واسعاً فيه ما يكفي من حقول رماية تَتّسع لاختبار قصير المدى والبعيد منها.

وعليه، يكشف الديبلوماسي أنّه سأل أحد الأقطاب المسيحيين بما «جَناه من موقفه المتصلّب» من الإستحقاق الرئاسي، والذي ساهم في إحلال الشغور في قصر بعبدا في مرحلة هي الأخطر من تاريخ المنطقة. وسأل بالتفصيل عن محطات الشغور التي عبرها لبنان بفعل تجاوز المهل الدستورية لانتخاب الرئيس وما تكبّده اللبنانيون من حروب عربية – إسرائيلية عموماً، وما خسره المسيحيون تدريجياً من حقوق كانت مكتسبة ومعترف لهم بها من الداخل والخارج.

عندها، قاطعه محدثه ولم يتركه يكمل حديثه، ليسأله عمّا يحصل في المنطقة من متغيّرات وما جَنَته السياسة الغربية من حروبها في العراق وسوريا وفلسطين، وما انتهت اليه حال الأقليات المسيحية وغير المسيحية في هذا الشرق نتيجة إيقاظ الفتنة السنية – الشيعية وما بين العشائر والإتنيات الكردية والفارسية والعربية.

لم يفهم الديبلوماسي ما سمّاه سعياً الى تغيير مجرى الحديث، وكأنّ الهدف من أسئلة هذا القطب البحث في مصير المسيحيين فقط وليس مصير لبنان كوطن ودولة ومؤسسات يجمع خليطاً من الأقليات من كل الطوائف والمذاهب، ويتمتّع بنظام لا شبيه له في دول المنطقة.

لم يشأ الديبلوماسي الغوص أكثر في تفاصيل الجلسة التي امتدّت ساعتين تقريباً، لكنّه انتهى الى القول: «للمرة الاولى لم نتدخّل في الشأن الرئاسي اللبناني. وصراحة، كان القرار جماعياً، ولم يُستدرَج أيّ منّا، وبقينا على مسافة واحدة من الجميع لاعتقادنا أنّ لبنان المحرّر نسبياً من كل الوصايات بات قادراً على إدارة شؤونه الداخلية بلا شريك.

لكنّ ذلك لم يمنعنا من أن نوفّر معاً، نحن الذين نتقاتل في العراق وسوريا وربما في فلسطين بشكل من الأشكال، مظلة للأمن والاستقرار في لبنان، ومن المفترض أن يفهم اللبنانيون ذلك ويوقِفوا كلّ أشكال الرهان على الخارج ومجرياته لئلّا تستدرجوا الفتنة مجدداً.

وانتهى الديبلوماسي بالسؤال: هل أنتم مطمئنون الى الرعاية الدولية لهذه الدرجة لتلعبوا على حدّ السكين؟!