أربعة مرشّحين شماليين في السباق إلى الرئاسة
«رأس الشقعة» يقطع طريق بعبدا على موارنة الأطراف
يتذكر عدد من المخضرمين أن الرئيس الراحل سليمان فرنجية لم يفلح في إقناع إبن مدينته زغرتا الرئيس الشهيد رينيه معوض، وجاره في بشري النائب الراحل قبلان عيسى الخوري بالتصويت لمصلحته في معركة رئاسة الجمهورية ضد الرئيس الراحل إلياس سركيس، فآثرا التصويت لمنافسه، بغض النظر في حينها عن مصلحة موارنة الشمال في وصول أحد أقطابهم الى قصر بعبدا.
في تاريخ الجمهورية اللبنانية وصل الى قصر بعبدا رئيسان للجمهورية من الشمال أحدهما حَكَم وهو الرئيس سليمان فرنجية (1970ـ 1976)، وأحدهما لم يحكم وهو الرئيس رينيه معوض الذي انتخب إثر اتفاق الطائف في قاعدة مطار القليعات في عكار، واغتيل بعد 17 يوماً في عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني من العام 1989 بتفجير موكبه.
وما دون ذلك، فإن كل طموحات موارنة الشمال للوصول الى سدة رئاسة الجمهورية، كانت تتحطم عند رأس الشقعة الذي يحاصر موارنة الشمال باعتبارهم موارنة أطراف، فيجري إبعادهم عن القرار السياسي الذي غالباً ما احتكره موارنة جبل لبنان برغم صراعات أقطابهم، والذين كانوا وما يزالون يحترفون كيفية قطع الطريق على بعضهم البعض الى قصر بعبدا.
تكتسب محافظة الشمال أهمية خاصة في استحقاق رئاسة الجمهورية المقبل، حيث تضم أربعة مرشحين رئيسيين هم: رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية (زغرتا)، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع (بشري)، وزير الاتصالات بطرس حرب (البترون) والوزير السابق جان عبيد (علما ـ زغرتا).
وإذا كان فرنجية وحرب وعبيد ينتظرون الفرصة المؤاتية لدخول السباق الى قصر بعبدا، بعدما تخفّفوا عن إعلان ترشيحهم رسمياً في انتظار إنضاج الظروف التي يمكن أن تأتي بأي منهم رئيساً، فإن جعجع يسعى لانتزاع صفة مرشح قوى «14 آذار» بكل مكوناتها. لكن أوساطاً قواتية نظرت بعين الريبة الى الزيارة التي قام بها السفير الأميركي دايفيد هيل الى النائب سليمان فرنجية في بنشعي في الوقت نفسه الذي كان يعلن فيه جعجع برنامجه لرئاسة الجمهورية، وما إذا كانت الصدفة قد لعبت دورها في هذا المجال، أم أنها رسالة أميركية مبطنة لجعجع، خصوصاً أنها الزيارة الأميركية الثانية الى زغرتا، والى عائلة فرنجية تحديداً، في أقل من شهر حيث حرص هيل على المشاركة في توقيع كتاب صونيا فرنجية الراسي «وطـني دائماً على حق» الذي يؤرّخ سيرة والدها الرئـيس الراحل سلـيمان فرنجـية.
ولا يتوانى جعجع عن قطع كل الطرقات على المرشحين المستقلين من الموارنة، وفي مقدمتهم جاره الشمالي وحليفه المفترض بطرس حرب، لفرض اصطفاف قوى «14 آذار» خلفه.
وعلى الصعيد الشمالي، فإن جعجع لن يحصل على أصوات نواب زغرتا، وقد تدخل طرابلس أيضاً على خط منعه من الوصول الى قصر بعبدا في ظل الحملة الشرسة التي يقودها الوزير السابق فيصل كرامــي ضده على خلفية اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، وهــذا من شــأنه أن يُحرج نواب المدينة في انتخاب مَن صدر بحقه حكم من المجلس العدلي في جريمة اغتيال رئيس حكومة من طرابلس.
أما حرب، فإنه يعي تماماً أن حظوظه الرئاسية في الجلسة الأولى يوم الأربعاء المقبل شبه معدومة، لذلك فإنه قد يتغاضى عن كل حساسياته السابقة مع «الحكيم»، وقد يصوّت له مرة أولى، وذلك في محاولة منه لتسليفه موقفاً إيجابياً، واستمالته في حال كان الاتجاه لتسمية مرشح توافقي. لكن حرب يصطدم برفض مبدئي من «التيار الوطني الحر»، انطلاقاً من معطيات شمالية تتعلق بالمنافسة البترونية بينه وبين الوزير جبران باسيل، إضافة الى معارضة سليمان فرنجية له انطلاقاً من الموقف السياسي، وعدم الرغبة في تتويج قطب ماروني جديد يمكن أن تمتد شعبيته من خلال رئاسة الجمهورية الى المناطق المارونية شمالاً.
أما سليمان فرنجية فهو حتى الآن «مرشح مع وقف التنفيذ»، بانتظار القرار النهائي للعماد ميشال عون، حيث يؤكد «البيك الزغرتاوي» أنه «مع عون حتى النهاية، فإذا عزف عن الترشيح فعندها سنتشاور مع الحلفاء في 8 آذار للتوافق على اسم جديد».
ولا يختلف المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية جان عبيد عن نظرائه الشماليين، من حيث المعارضة المناطقية المارونية له، لكن عبيد يراهن على توافق على شخصية وسطية يحمله الى سدة الرئاسة. ولعل ما ردده سليمان فرنجية بأنه إذا تعذر وصول شخصية مارونية قوية الى رئاسة الجمهورية فإن جان عبيد يبقى الخيار الأنسب بين المرشحين التوافقيين، من شأنه أن يكسر جزءاً من الحواجز المناطقية أمام عبيد ويعطيه دفعاً شمالياً في معركته التي لم تبدأ بعد.