IMLebanon

رأيان يتجاذبان أوساطاً رسمية وسياسية: انتخابات رئاسية بعد النيابية أم قبلها؟

لماذا يطرح موضوع قانون الانتخابات النيابية مع موضوع انتخاب رئيس الجمهورية، وأي منهما ينبغي أن يتقدم الآخر؟

في الأوساط الرسمية والسياسية آراء عدة منها ما يقول بالاتفاق على قانون تجرى الانتخابات النيابية على أساسه تجنباً لتمديد آخر للمجلس الحالي يفرض نفسه، وأخطر ما فيه أن يحصل ذلك ولم يكن قد تم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية فيكون لبنان قد دخل دائرة الفراغ الشامل. ورأي يقول بإجراء انتخابات نيابية عند تعذّر الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية على أساس قانون جديد قد تخلط نتائجها الاوراق وتغيِّر التحالفات وتخرج البلاد من الاصطفافات الحادة القائمة بين 8 و14 آذار إذ في استمرارها استمرار للأزمات عند كل استحقاق.

ومن جهة أخرى فإن الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية قد يشكّل عنصراً يسهّل الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية وذلك بأن يكون في القانون الجديد ما يرضي من لم يحالفهم الحظ في ايصال من يريدون الى الرئاسة الاولى بحيث يكون لهم في المجلس المنبثق من انتخابات نيابية كتلة وازنة لها كلمتها في تشكيل الحكومات وفي بت المشاريع المهمة او في موقف سياسة رئيس الجمهورية العتيد. لا بل ان ثمة من يفضل إجراء انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية بحيث يتولى مجلس نيابي جديد هو اكثر تمثيلاً من المجلس الحالي انتخاب الرئيس. ومع المجلس النيابي الجديد ورئيس جمهورية جديد وحكومة جديدة يقوم لبنان جديد مستقر سياسياً وأمنياً واقتصادياً وتزول معه الاصطفافات الحالية الحادة التي تعرقل الاتفاق على كل موضوع مهم، ويصبح في الامكان العودة الى تطبيق الديموقراطية التي بموجبها تحكم الاكثرية والاقلية تعارض لأن تركيبة المجلس الجديد المنبثق من انتخابات نيابية على اساس قانون جديد تحول دون قيام تكتلات مذهبية وطائفية تجعل تشكيل الحكومات يأخذ في الاعتبار وجود هذه التكتلات بل وجود تكتلات وطنية لكل منها خطها السياسي.

وثمة من يرى ان الاولوية ينبغي ان تكون لانتخاب رئيس للجمهورية قبل أي شيء آخر لأن تأجيل انتخابه إلى ما بعد الاتفاق على قانون جديد تجرى الانتخابات النيابية على اساسه ينطوي على محاذير كثيرة وكبيرة، عدا ان الامر يحتاج الى وقت طويلا ولا احد يعرف ما قد يحصل خلاله في الداخل اللبناني او في الخارج ولا سيما في محيطه ويترك انعكاسات سلبية عليه. فمن يضمن مثلاً بقاء الحكومة الحالية طوال مدة الشغور الرئاسي على انسجامها وتضامنها ولا تنفجر من الداخل لسبب من الاسباب، ومن يضمن الاتفاق على قانون جديد تجرى على أساسه الانتخابات، ولا يفرض التمديد مرة اخرى لمجلس النواب فيحصل عندئذ الفراغ الرئاسي والحكومي والمجلسي؟

لذلك فإن الخروج من الازمة الراهنة يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، ثم تأليف حكومة تعد قانوناً للانتخابات وتشرف عليها، وبعد ذلك يتم تشكيل حكومة جديدة في ضوء مكونات مجلس النواب الجديد المنبثق من هذه الانتخابات. وبذا يستعيد لبنان عافيته ومساره الطبيعي في كل المجالات ويكون له رأس سليم في جسم سليم. اما غير ذلك ففيه كثير من المخاطر والمغامرات التي لا يقوى لبنان بوضعه الهش على تحمل نتائجها. ولبلوغ ذلك مطلوب من المسيحيين عموماً ومن الموارنة خصوصا حضور جلسات انتخاب رئيس للجمهورية وفك ارتباطهم بأي خارج اذا كان يريد منهم خلاف ذلك والا كانوا هم المسؤولين وحدهم عن شغور أعلى منصب في الدولة ولا يحق لهم البكاء على شغور كانوا هم سببه، وكانوا هم الذين يخالفون نص المادة 75 من الدستور وهو واضح: “ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية يعتبر هيئة ناخبة لا هيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع حالا في انتخاب رئيس الدولة من دون مناقشة أو أي عمل آخر”.

وهذا معناه ان الأولوية هي لانتخاب رئيس للبلاد قبل أي أمر آخر، وهو ما يجب على النواب فعله والا فإن من يعطل منهم انتخاب الرئيس يخالف الدستور خدمة لمصالح شخصية او لمصالح اي خارج، وينتهك بالتالي الميثاق الوطني الذي يقوم على ثلاثة مكونات في لبنان، ويحول دون وصول الشخصية المارونية القادرة الى الرئاسة الاولى والمجيء بشخصية يختارها خارج وتكون خاضعة له.

إن معطلي جلسات انتخاب الرئيس يضعون البلاد بين خيار انتخاب رئيس بمواصفات غير لبنانية، أو الفراغ الشامل الذي يكون سببه وجود رؤوس فارغة…