IMLebanon

“رئاسة” ما بعد عرسال!

بدا النائب وليد جنبلاط كأنه يسكب المياه الباردة على المتوهجين باقتراب حسم الازمة الرئاسية العالقة عند خطوط اقليمية وداخلية متفجرة من حدود أربيل الى جرود عرسال وما بينهما عقب تطورين مزدوجين يستحيل الفصل بين تعاقب تزامنهما في هذه اللحظة. اذ لم يكن مصادفة ابدا ان يقتلع نوري المالكي المتمرد نظريا وحتى الساعة على طهران نفسها في حين كان زعيم الخط الاعتدالي السني الرئيس سعد الحريري يستقطب وهج الاختراق السياسي اللبناني ويستعيد معه بيت الوسط ضجيج اعادة تصويب الميزان المختل منذ أكثر من ثلاث سنوات.

رماها الزعيم الدرزي على غرار ما يتقن في المحطات الشديدة الالتباس. فإذ به من بيت الوسط يعيد تثبيت هنري حلو مرشحا غير قابل للتسوية والمساومة مثله مثل العماد ميشال عون. كيف ذلك وجنبلاط نفسه كان جرّد حملة مشاورات واسعة مع القيادات المارونية وغيرها أوحت بالسعي الى مرشح توافقي؟

لا يطيق الزعيم الجنبلاطي اجتهاد المجتهدين في مواقفه التي غالبا ما تشكل علامات فارقة. مع ذلك، وغداة جولة عاشرة فاشلة لانتخاب الرئيس اللبناني الجديد، لا نظن ان احدا يجب ان يتملكه وهم بعد، حيال خسارة لبنان آخر ما راهن عليه سياسيوه وقواه جميعا بدون استثناء وهو التدخل الخارجي الصريح بل والوقح لفرض أولوية الانتخابات الرئاسية الآن. تجاوز الخطر الذي انتاب الداخل والخارج جراء هجوم الارهابيين الاصوليين على عرسال هذا الرهان حتى حدود سحقه تماما. وقفزت اولوية الاحتواء الأمني بكل ذعره الى مرتبة استثنائية اطاحت رهانات كل من انتظر توظيف فرصته الرئاسية على قارعة الانتظار. في هذا المنقلب تحديدا لا يبدو مبالغة القول ان بورصة الحسابات الانتخابية التي كانت سائدة قبل ٢ آب قد بقي منها “من يخبر”. مؤسف فعلا، بل خطير، ان يفقد الموارنة تحديدا أدنى قدراتهم المتبقية على توجيه البوصلة الرئاسية. أين هم بعد عرسال بل أين كانوا قبلها وبعدها؟ استسلام باستسلام وتنازع على رمي الكرة يميناً وشمالا.

غداً تصدح الساحة بالاستحقاق الزاحف الآخر نحو تمديد قسري لا مفر منه لمجلس النواب. سينبري المسيحيون قبل سائر المزايدين الى رفض لفظي عقيم فاقد الصدقية. سيقال لهم إنكم تسببتم بالتمديد الاول على نار الانقسام بين قانون “ارثوذكسي” الارثوذكسية الحقيقية منه براء وقانون الستين الذي فرضه ٧ ايار وتسوية الدوحة المشؤومة. سيقال لهم اكثر إنكم اطحتم الرئاسة المارونية وتكادون تطيحون النظام عن بكرة ابيه. سيختبئ خلفهم كل عامل على تقويض النظام مستترا كان ام مكشوفا. هذا ما بات يعنيه عداد الجلسات الهزلية التي يشهدها مجلس النواب السعيد بالتمديد الزاحف.