دفتر الشروط الذي أذاع عناوينه العريضة النائب محمد رعد في شأن المرشح لمنصب رئيس الجمهورية صار (تواضعاً!) دفتر أسئلة تولى النائب نواف الموسوي طرحها بالأمس.
ولا فرق في الفحوى بين الشرط والسؤال. إذ إن «المقاومة» هي حجر الرحى، وكل ما يفترض أن يُطحن تحته ليس سوى حبّات متناثرات تبدأ باللبنانيين إجمالاً، طريقة عيش ومصير، ولا تنتهي عند الدولة ذاتها، طبيعتها ووظيفتها ومعناها الأخير.
كان بريئاً وعبيطاً وفيه أشياء من بساطة الحال، من ظن ويظن (وسيظن!) أن ورقة المقاومة عند أصحابها المحليين والإقليميين يمكن أن تكون أقل سُمْكاً، أو على الأقل موازية لسُمْك الأوراق اللبنانية الحاوية لأزمات معيشية واجتماعية طاحنة وانقسامات تخطت الأبعاد المألوفة في السياسة والانتماءات، العميقة والأساسية منها، كما الحزبية والجهوية والمناطقية العابرة والفرعية.
وكان مخطئاً بالعشرة من مرّت في باله تلك الخواطر في ضوء صيرورة هذه المقاومة أشياء أخرى، في الوظيفة والأهداف والجغرافيا القتالية. وفي ضوء تحولها إلى محطة انقسامية بالطول والعرض بل بكل المقاييس… إذ تبيّن استناداً إلى الأسئلة الشروط الرئاسية، أن الفارق بين أهل تلك «المقاومة» وغيرهم صار أبعد من الاصطفافات السياسية والطائفية والمذهبية… صار جغرافياً إلى حد كبير: أين يعيش هؤلاء؟!
يُطرح السؤال ويُردف وفق القياس ذاته بالآتي: عن أي مقاومة تحديداً يتحدث دفتر الشروط الرئاسية؟ تلك التي في القلمون أم في حلب أو في حمص وريفها! أم تلك التي مرّت على بيروت وعند أبواب الجبل في 7 و11 أيار 2008! أم تلك التي قادت بقمصانها السود الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية! أم تلك التي أخذت هويتها المذهبية إلى موقع الصدارة واختصرت بها «الأمة» من أولها إلى آخرها؟ وعن أي أجزاء لا تزال محتلة يُطرح السؤال الشرط: عن مزارع شبعا أم عن مزارع المليحة والغوطة الدمشقية؟ وبأي «دولة عادلة وقوية» يُطلب الالتزام: بالدولة التي تبيّن أن زمن الوصاية المديد لم يسلّح جيشها بما يكفي لخوض معركة واحدة كبيرة في نهر البارد؟ أم بالدولة التي عندما وصلها مَدَد غير مسبوق لتسليحها لعلعت أبواق الممانعة من دون حياء طارحة الأصوات النشاز والأسئلة الخبيثة والمستحيلة فقط لأن مصدر التمويل هو المملكة العربية السعودية؟!
وعن أي «نموذج صالح» يطلب الممانعون من الرئيس العتيد أن يكونه: بشار الأسد أم إميل لحود أم أحمدي نجاد أم نوري المالكي؟ أم توليفة هجينة مركّبة من كل هؤلاء… ألم يكن الأجدر تقديم «شروحات» إضافية من نوع أن يكون رئيس لبنان الجدير بالرضى المقاوم، قادراً ومستعداً ومؤهلاً لحمل أوزار دماء الآلاف من «مواطنيه» في رقبته. وألا يُفترض أن يكون مستعداً لاعتماد سياسة «الأرض المحروقة» مع «الأغيار« اللبنانيين واستعارة بعض البراميل المتفجرة، وما تبقى من غازات وكيماويات من مخازن الأسد للاستخدام المحلي عندما تحين الساعة! أليس مطلوباً أن يكون مخبراً صغيراً ومحرّضاً مريضاً عند أجهزة الممانعة؟ وأليس مطلوباً أن يكون رئيساً صورياً ينسى قسمه الدستوري ويتجاهل مصالح لبنان العليا ويضعها كلها في خدمة مصالح المشاريع الممانعة وفي خدمة محورها الممتد من طهران إلى الضاحية؟!
… المعضلة جغرافية بالفعل: دفتر الشروط ذاك يتحدّث عن شيء آخر غير الانتخابات الرئاسية في لبنان!