قرأته خبراً مثيراً أيها الموارنة، فاقرأوه معي رسالة الى العميان من المبصرين، وقد جاء فيه:
«تتحدث دوائر لبنانية – فرنسية عن تسوية تتناول انتخاب العماد ميشال عون رئيساً لمدة سنتين، على أن يسمّي من يشاء قائداً للجيش، مقابل تأليف حكومة يكون لتيار المستقبل فيها حق الإستئثار بالوزارات السيادية وسائر التعيـينات الإدارية والتوظيفات».
هكذا، وبهذه البساطة، يصبح الإستحقاق الرئاسي سلعة للمساومة بين أيدي المرابين، ورقيقاً أبيض في سوق النخاسة، ويصبح الدستور من أوراق اللعب بالطائفة المارونية والمقامرة بالمصير الوطني العام.
وهكذا، عندما لا يعود للبيت الشرعي ربٌّ يصبح فردوس السلطة وكْراً للخطيئة ومسرحاً للشياطين.
ما رأيكم، أيها الذين يسمونكم قادة موارنة وأقطاباً وزعماء؟ ألَمْ يحن الأوان لتنزلوا عن عروشكم الصَدِئة، بعدما أصاب الموارنة على أيديكم فوق ما أصابهم على أيدي أعدائهم؟
أعداؤهم يقاتلونهم بالحراب وأنتم تقاتلونهم بالمواد السامة.
أعداؤهم يقاتلونهم بقوتهم.
وأنتم تقاتلونهم بضعفكم وتقاتلكم.
أعداؤهم يطاردون أهل الكفايات منهم وأنتم تطاردون انتخاب الكفايات بقانون انتخابكم.
أَلَمْ تروا السَيْل وقد بلغ معكم الزُبى، فانزلوا إذاً عن كراسيكم المخلَّعة، وافسحوا في المجال لمن يخلفون كبار سلفٍ، كان الكبار يتخشعون أمامهم، ولم يقفوا هم أمام غيرهم بطأطأة الرأس ومسح جوخ الجواكيت.
أنتم، تتقاتلون على الكرسي حتى تحطّمت على رؤوسنا، وأصبحتم أنتم أرجل الكرسي الأربع، وأصبحت هي طفلاً لامرأتين يكاد الملك سليمان يشقّه بالسيف الى نصفين لمعرفة الأم الحقيقية للصبي.
أنتم، من أجل اختلاس حقوقكم، تعرضت حقوق الطائفة المارونية للإختلاس.
وأنتم بفضل حروبكم الإلغائية خسرت رئاسة الجمهورية في الطائف صلاحياتها التنفيذية، وباتت صلاحية الرئيس في الدستور أدنى من صلاحية الوزير.
واليوم بفضل استمرار الحرب الباردة التي تخفي نارها تحت الرماد، أصبح الرئيس فاراً من وجه القصر، وأصبح كل وزير بنعمة الفراغ رئيساً، وهناك من يبشرنا – دونما خجل – بأن الإستحقاق الموعود لن يسْتحق قبل النصف الثاني من العام المقبل.
غبطة البطريرك، رجوتك من قبْل، أن تُقْدِم على خطوة لإخراج الإستحقاق من دوّامة الإستجداء، وأن تكفّ عن حرق المباخر عن روح الفقيد أمام مذبح مجلس النواب.
ولا أرى أمامك اليوم، إن استفحل تمرّد نوابك مع خطورة استفحال الأمر، إلا أن ترميهم بالحرْم، وليست خطيئتهم بأقل من خطيئة الراهب مارتن لوثر الذي حُرِمَ من غفران الكنيسة بعدما رأى، أن في وسع الشياطين أن تضاجع النساء وتنجب منهنّ أطفالاً.