في حضرة الشغور الرئاسي، أرفع الى دولتكم تقريراً من المناجأة، وسطوراً من القلق، وأبثك ايضاً شوق أهلك، الذين لا يصيب ذاكرتهم شغور او جحود، لأن رجلاً مثلك كان مليء الذاكرة والوجدان بهموم وطنه ومدينته، متفانياً الى حد الشهادة، مؤمناً أن الأعزل أقوى من المدجج، لهذا بقي قلبك غالباً نبض القنبلة التي فجرته في ذلك الكمين الجوي في الاول من حزيران.
لقد دأبت في الكتابة اليك كل عام، ودأبت في افتقادك كل يوم، وبخاصة عندما افترست طرابلس جولات عشرون، فيما القوم في شغل فاكهون، كأنما لم يعلموا ما كان من أمرك في تلك الوقفة الشجاعة التي لم يجرؤ عليها سواك، فهرع أصحاب الحرب يطلبون منك السماح والأمان، ورحت بعد ذلك تدير بحنكة دفة البلد الذي تهب عليه العواصف، وتزعزع اركانه الزلازل.
لقد سلكت طريق الخطر، أي طريق المصالحة والمصلحة، فأرداك من رأوا فيك خطراً عليهم وعلى أدوارهم، ذلك أن أعدى أعداء القتلة هم المسالمون.
في ذكراك نغسل وجه مدينتك، ونسمح عن جبينها الغضون، وننفض البارود عن محاورها، ونستعير من “ابي علي” ما تبقى من قطرات، لنبلّ ريقها، ونستجدي الليمون عطراً نضخه في رحابها لطرد رائحة العفن، ونستمد من صلواتها انغاماً تصدّ الفحيح الى أوكاره…
يا دولة الرئيس…
أشعر اليوم أنك أولى الناس بالفرح، لأنك ترى الفيحاء تستعيد رحابتها ورونقها وحنانها وعراقتها…
كأنها بكل هذا تستعيد انتسابها اليك.
وزير الشؤون الاجتماعية