رصد اتصالات مُشفّرة بين غزة و«الجهاد الإسلامي» تطلب إطلاق الصواريخ
رسائل غربيّة لسرعة «لملمة» الوضع واستعداد إسرائيلي لفتح الجبهات الأربع
دخلت الرسائل الصاروخية المجهولة الهوية، حتى الساعة، المنطلقة من جنوب لبنان باتجاه شمال اسرائيل معجم الحياة الليلية اللبنانية، رافعة منسوب القلق الداخلي والدولي من امكان فتح الجبهة الجنوبية، في ظل الاصرار على اطلاقها يوميا، رغم الاجراءات الامنية المشددة التي يتخذها الجيش اللبناني وقوات «اليونيفل» التي كثفت قيادتها وتيرة اتصالاتها مع القيادتين العسكريتين اللبنانية والاسرائيلية طالبة ممارسة اقصى درجات ضبط النفس والتعاون معها تداركا لاي تصعيد.
وترى مصادر ديبلوماسية ان خطورة ما يجري في الجنوب تتبدى في تزامنه مع الاحداث الجارية على جبهة جرود سلسلة جبال لبنان الشرقية، بين حزب الله والجيش السوري من جهة ومسلحي المعارضة السورية من جهة ثانية، خاصة ان «جبهة النصرة» كان سبق لها وتبنت عملية استهداف دورية اسرائيلية بعبوة ناسفة عند تخوم مزارع شبعا، ما يؤشر الى وجود فاعل على ارض الجنوب، قادر على اعادة خلط الاوراق، او في حده الادنى بلبلة الاجواء واستدراج ردود فعل معينة، سواء لبنانية او اسرائيلية.
المصادر الديبلوماسية استبعدت أن تشهد منطقة الجنوب خضات امنية على رغم محاولة بعض الاطراف إدخال لبنان في لعبة الصراع الاقليمي عبر الرسائل الصاروخية، اذ سيبقى الرد الاسرائيلي محصورا في حدود «رفع العتب»، لادراك تل ابيب ان لا لمصلحة لحزب الله في الوقت الحاضر للدخول في مواجهة معها، قد تهدد الاستقرار الذي تنعم به الحدود الجنوبية، ما يعني عمليا اقرار الاطراف المعنية على طرفي الحدود باحترام قواعد اللعبة وعدم تغييرها حتى إشعار آخر الالتزام بقواعد الاشتباك المحكومة بالقرار 1701.
واذ اوضحت المصادر أن الأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن على علم بخطورة ما يرسم للبنان في هذه الظروف، اكدت على وجوب ضبط النفس واستمرار الحفاظ على الاستقرار في هذه المنطقة والتي تدخل من ضمن نطاق عمل قوات الطوارئ الدولية المؤقتة، متخوفة من احتمال تزايد إطلاق الصواريخ في حال طال أمد الحرب الإسرائيلية على غزة، داعية الحكومة اللبنانية الى «لملمة» الوضع قبل خروجه عن السيطرة، رغم قناعتها بان المحاولات التي تقوم بها المجموعات المعروفة الهوية والانتماء لإشعال جبهة الجنوب ربطا بجبهة غزة لن يكتب لها النجاح، لأن إسرائيل تحتاج إلى طرف قادر وجاهز لكي تفتح حربا معه وهذا الطرف ليس في وارد الدخول في حرب جديدة في الوقت الراهن .
في المقابل اكدت المصادر،تقدير الاستخبارات الاسرائيلية المسبق لامكان قيام جهات متعاطفة مع «حماس» بشن هجمات صاروخية عبر الحدود اللبنانية، مشيرة الى ان القيادة الاسرائيلية ابلغت الطرف الاميركي عدم رغبتها في التصعيد على الجبهة الشمالية، وان لا تغيير في التعليمات والإجراءات المتبعة في ما خص سكان الجليل الغربي والشمال عموماً، رغم الجهوزية الكاملة للتعامل مع أربع جبهات إذا تطلب الأمر ذلك، علما ان الجيش الاسرائيلي يحقق في ما اذا كانت عمليات الاطلاق المتكررة منسقة مسبقا مع حزب الله او تجري بغض طرف منه، خاصة ان مراسل «القناة العاشرة» في التلفزيون الاسرائيلي قد نقل في احد تقاريره إن الجانب اللبناني «ساعد كثيراً في التحقيقات، وقد سلمونا أدلة علمنا من خلالها الجهة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ».
على وقع هذه التحذيرات من مغبة استمرار اطلاق الصواريخ وامكان تدهور الامور الى الاسوأ، اتجهت الانظار الى مخيم الرشيدية المتاخم لموقع اطلاق الصواريخ بعدما رجحت معلومات امنية خروج مطلقيها من المخيم، خصوصا ان مصادر عسكرية تحدثت عن ان في عهدتها موقوفين فلسطينيين يجري التحقيق معهم لمعرفة ما اذا كانوا يقفون خلف اطلاق الصواريخ التي يتم وصلها ببطاريات بما يسمح لواضعيها بالهروب قبل اطلاقها والعودة الى داخل المخيم، علما ان مصادر مطلعة تحدثت عن وقوف تنظيم «الجهاد الاسلامي» المعروف الارتباطات وراء هذه العمليات.
المعلومات المتداولة كشفت عن وجود تنسيق امني وعسكري رفيع بين الاجهزة الامنية اللبنانية واستخبارات دول الوحدات المشاركة في اليونيفيل، حيث يتم تبادل المعلومات، التي ساعدت في سرعة كشف المتورطين، بعدما تبلغ الطرف اللبناني عبر دولة اوروبية عن رصد اتصالات مشفرة مصدرها قطاع غزة واحد مسؤولي التنظيمات الفلسطينية في لبنان،محورها اطلاق صواريخ باتجاه اسرائيل، اكدت أن لا قرار فلسطينيا بتبنى أعمال كهذه لأنها تؤدي إلى توريط جبهة الجنوب، لافتة إلى أن المخيمات في لبنان تتضامن مع غزة، ضمن ما يسمح به الوضع اللبناني، بحسب ما اكدت القيادات الفلسطينية، التي تحدثت عن غليان في الشارع الفلسطيني، كما في بعض المناطق اللبنانية، حيال الهجوم على غزة.
وتخوفت المصادر الديبلوماسية من وجود اطراف تسعى الى احراج حزب الله واستدراجه الى فتح معركة الجنوب، ما سيدفعه الى التخفيف من ضغطه على الجبهة السورية، ذلك ان لا قيمة عسكرية فعلية لاطلاق تلك الصواريخ، في ظل الكلام الذي نقل عن احد القياديين الفلسطينيين عن ان الحل في غزة يتوقف على فتح كل الجبهات والا فان اسرائيل ستجتاح القطاع وبالتالي ستسقط ورقة المقاومة الفلسطينية وتسقط معها القضية ككل.
امور بحسب مصادر سياسية متابعة ستعيد بالتأكيد، خلال الفترة المقبلة،اعادة طرح تسليم المخيمات الفلسطينية الواقعة شمال نهر الليطاني وفي نطاق عمل القوات الدولية سلاحها الى الدولة اللبنانية، لقطع الطريق امام الساعين الى اشعال جبهة الجنوب وجر لبنان الى مغامرة مع اسرائيل لا يعلم احد ابعادها ولا نتائجها في ظل صمت عربي ودولي مستغربين، خاصة اذا ما ثبت تورط جهات فاعلة داخل المخيمات بهذه العمليات.